إعداد/ ماجد كامل 
ميلاده ونشأته :
ولد فى 13 أغسطس 1918 ، وتسمى بأسم "شوقى جيد روفائيل " . فى محافظة أسيوط ، وهو الشقيق الأكبر لقداسة البابا المعظم المتنيح الأنبا شنودة الثالث ( 1923- 2012 ) تأثر فى بداية حياته بالواعظ الشهير الأرشيدياكون "إسكندر حنا " (1880- 1944  ، وتدرج فى مراحل التعليم المختلفة ، حتى حصل على دبلوم الكلية الإكليركية عام 1940 ،  كما حصل على ليسانس آداب قسم فلسفة . 

بداية خدمته بالقرية :
بدأت خدمته فى الكنيسة القبطية بخدمة القرى فى الصعيد ، فبدأ فى  إنشاء مدارس أولية قبطية لتعليم القراءة والكتابة واللغة والألحان واللغة القبطية كتعليم إلزامي في ذلك الوقت . كما أهتم بحالة الطلبة الفقراء فى تلك المدارس ، ورعاهم روحيا وماديا ، وكتب مذكراته عن الخدمة والرعاية الروحية والاجتماعية والتعليمية  فى كتاب نشره في بداية الخمسينات بعنوان " مذكرات مفتش " .  كما أهتم بالفن القبطي وتدريب أول مجموعة من الأطفال ، طاف بهم المرحوم حبيب بك جورجي ( 1892- 1965 )  ربوع أوربا ناشرا فنهم القبطي كأبناء للفراعنة . 

كما عمل بالتدريس  فترة من الوقت ، وكان يهتم فى التدريس بنفسية الطلاب ، وكان ينصت إلى مشاكلهم  ، كما أهتم بمتابعة حالتهم الروحية ليبعدهم عن الإلحاد إلى معرفة الله . 

تاريخ رسامته كاهنا :
دعى للخدمة الكهنوتية فى 12 يوليو 1972  ، على مذبح كنيسة العذراء بالزيتون  ودعى أسمه فى الكهنوت "القس بطرس جيد " . 

تاريخ حصوله على درجة القمصية :
نال رتبة القمصية فى 14 نوفمببر 1975 . 

الأعمال التى قام بها فى خدمة الكنيسة :
1-كانت له اجتماعات أسبوعية منتظمة فى الكنيسة  ، كما دعي لإلقاء عظات فى كثير من النهضات الروحية بالإيبارشيات المختلفة ، وكان أحيانا يلقي عظتين متنوعتين فى نفس اليوم نظرا لإمتلاء جدول مواعيده بالعظات . 

2-هو أول من أنشأ لجنة البر لرعاية الفقراء ، كما ساعد الفقراء فى عمل مشاريع تنموية لرفع مستوى معيشتهم  . 

3-أسس بكنيسة العذراء بالزيتون  فكرة المشروعات التي تعمل تحت مظلة الكنيسة ـ وتضم عددا من أبناء الكنيسة كفرصة للعمل ومصدر للتدريب على مهن مفيدة مثل ( مشغل التفصيل ، أعمال التريكو ، أنوال لعمل السجاد اليدوي ، مصنع الشمع  .... الخ ) . 

4-أهتم اهتماما شديدا بالتربية الكنسية ، وكان يعلم بنفسه في فصول إعداد الخدمة ، واهتم بتدريس الطلبة بنفسه لرفع مستواهم التعليمي . 

5-كلف من قداسة البابا شنودة الثالث بتسليم طقس الكنيسة القبطية للأساقفة الفرنسيين : المتنيح الأنبا مرقس  أسقف طولون ومرسيليا ( 1974- 2008 ) ، والمتنيح الأنبا أثناسيوس 0( 1974- 2023 ) . وأستمر فى متابعتهم سنين طويلة  . وساعده فى  ذلك المتنيح القس أنجيلوس ميخائيل كاهن كنيسة العذراء بالزيتون 0 (وهو أصلا مدرس اللغة الفرنسية ) . 

6-قام بالتدريس فى الكلية الإكليركية كأستاذ لعلم الوعظ والدين المقارن واللغة العربية ، كما شارك بالتدريس فى معهد الكتاب المقدس ومعهد الدراسات القبطية .

7-قام بتحرير باب ثابت فى مجلة " الكرازة " بعنوان " مذكرات كاهن "  أهتم فيه بوصع خبراته الرعوية لكي تكون نافعة ومفيدة للأجيال القادمة  من  الكهنة والخدام . 

8- اهتم بخدمة تكريس الشباب والشابات بكنيسة السيدة العذراء بالزيتون ، وكثيرين منهم رسموا كهنة أو مكرسات للخدمة . 

9-أهتم بأبناء الجمعيات الخيرية من الأيتام وكان يحتفل بذكرى رسامته بين هؤلاء الأطفال ، وكان يدعو  الشعب إلى تدعيم  الأنشطة التي تقوم بها هذه الجمعيات . 

10- اهتم بالتعمير فى الكنيسة ، فأشرف بنفسه على بناء "كاتدرائية السيدة العذراء بالزيتون "  . 

11- أهتم بالخدمة الإجتماعية ، فأقام بإنشاء دور للمسنين والمسنات ، المغتربين والمغتربات لخدمة الشعب . 

12- أهتم بالرعاية الصحية لشعبه ، فأسس مستشفى العذراء الخيري لعلاج المرضى بأسعار رمزية ومجانا للفقراء وغير القادرين  . 

13- وضع مع بعض من المهندسين الاستشارين تحطيط كافة مباني الخدمة الموجوة بالكنيسة . 

14-كانت له علاقات محبة قوية برجال الدين من كل الطوائف ، كما كانت تربطه علاقات محبة قوية مع كثيرين من رجال الدين الإسلامي  . 

15- كان دائم الافتقاد للشعب ... وكان يلبي الدعوة لزيارة أبنائه حتى فى فترة مرضه في أيامه الأخيرة . 

16-أهتم بخدمة الأسر المستورة التي كان يرعاها بنفسه والتي أخرجت العديد من الأطباء والمهندسين والمهنيين المتميزين فى مهنتهم . 

17- أنتخب عضوا فى المجلس الملي العام لعدة دورات ، كما مثل الكنيسة القبطية في  أحد المؤتمرات المسيحية بقبرص . 

تاريخ نياحته :
تعرض القمص بطرس جيد فى أخر أيامه   لبعض الظروف الصحية   ، تحملها جميعا بشكر حتى  تنيح  بسلام في 20 يوليو 1996 عن عمر يناهز 78 عاما ، ورأس الصلاة على جثمانه الطاهر قداسة البابا المعظم الأنبا شنودة الثالث ، وحضرها عدد كبير من المطارنة والأساقفة  من رجال المجمع المقدس ، كما حضرها العديد من رموز الطوائف المسيحية ، وعدد كبير من رجال الدولة ، ودفن فى كاتدرائية العذراء بالزيتون  . 

بعض الذكريات الشخصية مع كاتب هذه السطور :-
كانت لى فرصة التعرف الشخصي  على القمص بطرس جيد منذ أول يوم من رسامته فى كنيسة العذراء بالزيتون ، وأذكر جيدا أنى كنت أترقب عظاته التي كان يلقيها فى العشيات أيام الأحد والأثنين ، فلقد تميز بقوة الوعظ وجماله ، مع أسلوب جذاب بسيط يشد إذن السامع  إليه ، وفى فترة الليسانس كلفت من الكلية بعمل بحث ميداني كمشروع للتخرج ، ففكرت فى دراسة مشروع خدمة أخوة الرب  المعروفة ب"لجنة البر " فتوجهت إليه عارضا الفكرة ، فرحب بالفكرة غير أنه أشترط شرطا واحدا وهو " مش عاوزين أسرارنا تطلع برة " فوعدته أنني لن أتعرض لاي تفاصيل فى البحث ، وإنما مجرد نظرة عامة على طبيعة الخدمة فى الكنيسة ، فوجهني لمقابلة الأخصائية الإجتماعية بالكنيسة لتسهيل مهمتى ، وبالفعل توجهت إلى الأخصائية وأعطيتها فكرة عن مشروع البحث ، وأشهد انها كانت متعاونة معى جدا ، وأعطيتنى كشوفا بأسماء وعنواين بعض الحالات التى  يقوم مكتب الخدمة الإجتماعية برعايتاها .  ثم تعمقت فرصة التعارف أكثر بعد إلتحاقي بالكلية الإكلريكية بالقاهرة خلال الفترة من (1984- 1987 ) ، حيث كان يدرس لى مادة  علم الوعظ ، وعلم مقارنة الأديان ، وكان دائما كل ما يراني فى الكنيسة يحتضني بحب ويقول " أبني وتلميذي " .

وعندما كان المرحوم الأستاذ "شاكر باسيليوس " (  1919- 1995  )  أستاذ اللغة القبطية بالكلية الإكليركية يقوم  بإعطاء دروس للغة القبطية فى الكنيسة ، طلب مني عمل إعلان وتعليقه  على حائط الكنيسة ، وعندما طلبت تعليقه من المسئول  ، أشترط  أنه عند تعليق لوحة الأعلانات  لا بد من الحصول على توقيع القمص بطرس جيد على اللوحة ، فتوجهت إليه   باللوحة ، فرحب جدا وقام بالتوقيع بكل سرور . وفى نفس الفترة كلفت بدعوة المرحوم الدكتور " وهيب جورجي " (1922- 2002 )  أستاذ العهد القديم بالكلية الإكليركية بإلقاء محاضرة لاجتماع  الخدام بالكنيسة  ، طلب مني ورقة موقعة من أبونا بطرس بالموافقة على الحضور ، فكتبت الورقة وقدمتها لأبونا بطرس الذى وقع عليها بالحرف  الواحد " بكل سرور نرحب بالدكتور وهيب لإلقاء المحاضرة "

. وبالفعل حضر الدكتور وهيب وألقى المحاضرة بدون أي مشاكل . وهكذا ظلت علاقة المحبة قوية  حتى علمت بخبر نياحته  فى 20 يوليو 1996 ، وحرصت جدا على ضرورة حضور صلاة الجناز بنفسي مهما كانت المشاغل أو العوائق . وبالفعل حضرت الجنازة وشاهدت بنفسي  حزن الشعب عليه .  الرب ينيح نفسه فى فردوس النعيم بقدر ما أعطى وخدم الكنيسة . 

مراجع المقالة :
1-  أبونا القمص بطرس جيد : موفع تكلا هيمانوت St –Takla.org . 
2- فيلم تسجيلي عن  القمص بطرس جيد بعنوان " كاهن البر " من إنتاج كنيسة العذراء بالزيتون  .
3- بعض الذكريات الشخصية من كاتب هذه السطور .