د. مصطفى راشد
كل الأمم لا يتم هدمها وتخريبها إلا بفعل عدو خارجى إلا الأمة الإسلامية فهى تكفلت بفعل ذلك بنفسها من داخلها وبأيدى أبنائها حيث الثقافة الراديكالية التى سيطرت على الثقافة الإسلامية فقد قسمت المجتمعات الإسلامية إلى جماعات وطوائف متنافرة متناحرة وتكفر بعضها البعض فنجدهم وقت السلم السبب والشماعة لديكتاتورية الحكام، فالحاكم يتخذ من وجود هذه الجماعات ذريعة لغلق منافذ الديمقراطية وتأجيل فكرة تداول السلطة بحجة حماية الوطن من هذه الجماعات، رغم أن هذه الجماعات تعمل بموافقة هذا الحاكم، فهم أفضل شماعة له أمام الداخل والعالم الخارجى لبقائه فى السلطة مدى الحياة موحيًا للداخل والخارج بأن البديل له هذه الجماعات المتطرفة المتخلفة الدموية،، فيقبلونه مضطرين بالأمر الواقع،

وعلى جانب آخر وجدنا هذه الجماعات كانت السبب فى إفشال الثورات العربية مثلما هو حادث بليبيا وسوريا واليمن لكن نجحت بمصر وتونس لأن الشعب لفظ هذه الجماعات، فلو خرج مثلا الشعب السورى على قلب رجل واحد كمواطنين ضد الحاكم لما بقى هذا الحاكم فى كرسيه، لكن انقسم الشعب لطوائف وجماعات فهؤلاء سنة وهؤلاء علويون وهؤلاء دروز وهؤلاء مسيحيون وهؤلاء كرد،، كما أن هذه الجماعات كانت سببا فى استمرار الاحتلال الإسرائيلى المتغطرس، حيث قسمت الشعب الفلسطينى فى مواجهة المحتل فهؤلاء حماس وهؤلاء فتح وهؤلاء الجهاد الإسلامى وهؤلاء سرايا القدس وهؤلاء ألوية الناصر صلاح الدين وغيرها العديد من الجماعات بدلا من التوحد تحت راية واحدة وطنية بغض النظر عن الدين فلا فرق بين فلسطينى مسلم سنى أو شيعى أو درزى أو فلسطينى مسيحى وغيرهم، ولما لا نتعلم من الغير فهذه الأمة الأوكرانية تقاوم المحتل الروسى على قلب رجل واحد، ولم نجد جماعة أوكرانية مستقلة عن القيادة تقول إننا الجماعة المسيحية أو الجهاد المسيحى أو غيره فاحترمهم العالم ووقف بجانبهم، فى حين نحن نتساءل: لماذا لا يقف العالم بجانب الشعب الفلسطينى؟ والإجابة لأننا لم نقدم صورة موحدة متفقة فى الأهداف والمبادئ أمام العالم، لكن العالم يرى العداء بين الطوائف والفصائل الفلسطينية وما حدث من قتال حماس لأعضاء فتح بغزة ليس ببعيد، فلو حدث مثل ذلك بين الشعب الأوكرانى الذى يقاوم المحتل لتوقف العالم عن دعم الشعب الأوكرانى، وبمعنى آخر لو احترمنا أنفسنا لاحترمنا العالم فمتى تفهم شعوبنا ذلك، وهو ما أعطى الفرصة لشخص أمريكانى

يقول على إحدى القنوات نحن ندعم إسرائيل فى حماية أمنها بقتلها لقائد المنطقة الشمالية لحركة الجهاد الإسلامى تيسير العجرود، فقاطعه المذيع قائلا إن إسرائيل هاجمت المسالمين فى بيوتهم، فقال الأمريكى: ولماذا لم تفعل إسرائيل ذلك مع أعضاء فتح؟ معللا بأن إسرائيل تستهدف الإرهابيين، لذا نقول إن توحيد الشعب الفلسطينى تحت راية واحدة بدون لون أو طائفية هو حماية لكل الشعب الفلسطينى وأصبح أمرا ضروريا وبأسرع وقت، وإلا سيظل الصراع كل فترة ونرى هذا المشهد المتكرر المؤلم ويموت الأبرياء بسبب عدم الاستماع للعقلاء وعلى الجماعات الراديكالية أن تفهم أنها أخطأت والتجارب الكثيرة على مر التاريخ أثبتت ذلك، وبغير التوحد لن يقف العالم معنا ولا حتى الدول العربية أو الإسلامية لن تقف مع جماعات راديكالية لأن الحكومات الإسلامية أصبحت مثل الدول الأخرى تخشى من الجماعات الراديكالية التى قد تنقلب على هذه الحكومات فى أى وقت وتكفرها وتقوم بالعمليات الإرهابية ضدها كما فعلت حماس مع مصر، لذا علينا أن ندرك أن عدم التوحد والانقسام الذى تسببه الجماعات الإسلامية الراديكالية المتطرفة سيجعلنا نخسر كل قضايانا كما حدث فى كل المرات السابقة.
نقلا عن المصرى اليوم