كمال زاخر
الإثنين ٧ يوليو ٢٠٢٥
مازالت صفحات العالم الافتراضي تحمل مداخلات وتعليقات متباينة عن واقعة الاعتداء على المُدرِّسة التى منعت "الغش" في لجنة امتحانات.
بعض هذه المداخلات تحمل حساً محموداً يحاول أن
ينزع فتيل انفجار، لا يريد ان ينطفئ، برد الانفعال لشخوص المعتدين، والمعتديات، باعتباره خللاً في التنشئة أو لعيوب تربوية نفسيه، فينتقل الأمر من الطائفية البغيضة إلى الشيوع المجتمعي لأسباب عامة... "واهو الكل بيشتم الكل والناس متقصدش".
لكن الأمر في تقديري - في محميتنا المرتبكة - مختلف؛ كما تقول به تعليقات كثيرين علي مثل هذه الأمور وما يشبهها، تكشف فداحة ما حدث في العقل الجمعي وما وقر فيه من افكار "يقينية" تجاه غير المسلمين، حتي أنها تحولت الي تهكم في لغة العوام" كويس بس مسيحي"،" حلو بس مسيحي" ، وأحيانا يضاف الى الجملة "بس ياخسارة..."!!.
نحن نحصد ونجني الثمار المُرّة للاختطاف الممنهج للشارع المصري البطئ والحثيث منذ عام ١٩٢٨، والذي تمأسس وانطلق مع مطلع سبعينيات القرن العشرين، بتحالفات سياسية اقتصادية ايديولوجية مع قوى اقليمية احتضنت هذا التوجه، واللافت ان نفس هذه القوى غسلت اياديها من هذا التوجه وتبرأت منه، مؤخراً، لأنها تولي وجهها حيث مصالحها بشكل برجماتي قح.
لقد تم اعادة هيكلة التعليم والثقافة والابداع ليتطابقوا مع ذاك التوجه، تحت مسمي الالتزام، حتي الفن صار بلغتهم "فناً نظيفاً" على مازورتهم.
والنتيجة ما اصاب الشارع، وهرمه، من شيزوفرينيا في كل تعاملاته وبطول يومه، يتصالح فيه الشئ ونقيضه دون ان يرمش له جفن، أو يلتفت له ضميره أو يؤثمه.
الناس البسطاء الذين اعتدوا على المُدرِّسة، وسجلت كاميرات التليفونات الواقعة، هم ايضا مجني عليهم. بفعل عديد من أشخاص وجهات، يضعون خطط تفخيخ وتفجير الوطن وهم جلوس خلف اجهزة الكمبيوتر، وبينهم خطوط مفتوحة، تمتد في الداخل، افقياً ورأسياً، وتمتد الي الخارج، تآمراً وصراعاً، للقفز مجدداً على مقاليد السلطة، وبعضها غباءً، واتذكر مقولة شهيرة منسوبة لمعاوية "كم لله من جنود في العسل"؛ حين دعا خصومه الى مأدبة عشاء لتأكيد مصالحته معهم، ودس لهم السم في اطباق العسل، فتخلص منهم بغير قتال.
مصر الوطن، البشر والحجر، والتاريخ والحضارة، والمأمن والملاذ، تستحق أن ننتبه لما يدبر لها من مكائد ونتحد معاً لحمايتها، ونسمي الاشياء بأسمائها، ونكشف السوس الذي ينخر عظامها.