القمص رويس الجاولى
( الطوائف المسيحية في إيران )
كنيسة الأرمن الأرثوذكس:
هي أكبر الطوائف المسيحية في إيران، ويتراوح عدد الأرمن الإيرانيين اليوم بين 130-150 ألفًا، في حين تشير تقديرات أخرى أن عدد الأرمن في إيران يصل إلى حوالي 300,000 نسمة، وهم موزعون بشكل متفاوت جغرافيًا على ثلاث أبرشيات هي أصفهان ومُحافظة أذربيجان الشرقيَّة (مركزها تبريز) وطهران والتي تضم نحو 80 ألفاً من الأرمن الأرثوذكس الذين يشكلون الأكثرية الساحقة من المسيحيين في العاصمة، ويبلغ عدد الأرمن البروتستانت نحو 350 شخصًا والأرمن الكاثوليك 50 شخصًا.
تناقص عدد هؤلاء مع الأعوام فهاجر قسم منهم لأسباب متعددة شبيهة بتلك السائدة في لبنان وسوريا والأردن وفلسطين ومصر. حوالي نصف الأرمن في إيران يعيشون في مدينة طهران خصوصاً في أحياء نارماك ومجيدية وندرشة، ويعيش حوالي الرُبع في حي جلفا في مدينة أصفهان، ويتركز الربع الآخر في شمال غرب إيران أو أذربيجان الإيرانية خصوصاً في مدينة تبريز وما حولها. خلال بداية القرن العشرين هجر الأرمن قراهم في أذربيجان الإيرانية ووسط إيران إلى المدن الكبرى مثل طهران وأصفهان وتبريز والمهجر، ولا تزال قرية زرنة أرمنية بالكامل، في حين لا تزال بعض العائلات الأرمنية تسكن في قرى مثل خويغان عليا وغرغن ونماغرد وبرف أنبار وغيرها. اعترفت الجالية الأرمنية الإيرانية تقليديًا بسلطة الكرسي الرسولي أو
الكاثوليكوس في إيتشمازين في أرمينيا حتى عقد 1950، عندما تم استبداله بالكاثوليكوس في أنطلياس في لبنان لأسباب سياسية. وأدى ذلك إلى انقسام في المجتمع الأرمني الإيراني، حيث استمر عدد كبير في إتباع الكاثوليكوس في إيتشمازين، والذي رفض التخلي عن سلطته الكنسيَّة على المجتمع الإرمني الإيراني.
لا يزال الأرمن أقوى الأقليات الدينية في إيران، حيث أنَّ للأرمن عضوان في مجلس الشورى الإسلامي الإيراني، أحدهما عن أرمن طهران والشمال، والآخر عن أرمن أصفهان وجنوب إيران. والأرمن تجار أغنياء، ولهم دور بارز في تطوير الصناعات الفنيَّة الدقيقة الخاصة بالمجوهرات والآلات الدقيقة، ويساهمون في الصناعات البتروليَّة ويُمارس الأرمن طقوسهم وتقاليدهم الدينية بحرية، وانطلاقًا من أن حقوق الأقليات محفوظة في الدستور لم يفرض على الطوائف والأديان غير الإسلامية فرائض مسلمة باستثناء الحجاب الذي أصبح نوعاً ما قانون دولة أو قانوناً مدنياً بتوجيه ديني. أمّا بالنسبة لمرجعية الأرمن فهي المطرانية، وتفضّل الدولة الإيرانية عدم تدخّل المسيحيين في شؤون المسلمين، لأنّه هنالك العديد من المُسلمين الإيرانيين ممن يرغبون بالتنصّر ويأتون للإستماع إلى القدّاس. والجدير ذكره أنّ الأرمن بدأوا بنشر جرائدهم باللغة الأرمنيَّة بدءًا من سنة 1794. وإنتشرت جريدة «آليك» باللغة الأرمنية بدءاً من العام 1931 وهي لا تزال تصدر حتى اليوم، بالإضافة إلى صحف آراكس، آرارات، زيازان، بيام وأهاليك. كما يملك الأرمن عدة مجلات أدبية دوريّة. وللأرمن في إيران حاليًا عشرات الكنائس والمدارس، ولهم عطلاتهم الرسمية ونواديهم الرياضية المجهزة بأحدث الأجهزة الرياضية، وجمعياتهم الخورية ومراكزهم الثقافية، ومعظم كنائسهم مسجلة في فهرس الآثار الإيراني الوطني. وهم يملكون 25 مؤسسة إجتماعية، ثقافية، رياضية، نسائية وصحية.
بالنسبة لمدارس الأرمن، يوجد في طهران 28 مدرسة من الروضة إلى الثانوية من اجمالي 50 مدرسة موجودة في كل إيران، ليس للمسلمين الحق في دخولها، أمَّا الطلبة الأرمن فلا مانع من تسجيلهم في مدارس المسلمين. ويُسمح بتدريس تاريخ أرمينيا ولغتها في بعض مدارس إيران خصوصًا في أصفهان وتبريز حيث لا يستقبل الا الطلاب الأرمن، مع إتباع المنهج الرسمي الذي تقره الدولة مضافاً اليه التعليم المسيحي. كما يوجد في طهران 19 جمعية إجتماعية وثقافية أرمنيَّة، أبرزها «آرارات» التي تدير مركزًا ثقافيًا يضم ألفي عضو، وينظم كل سنة ألعابًا أولمبية تجمع سنويًا رياضيين ارمن يفدون من كل أنحاء إيران. ويعيش الأرمن في إيران برفاهية، لأنهم جزء من الطبقة الوسطى والعليا الثريّة في البلاد.
الكنيسة الآشورية:
يُقدر عدد الآشوريين في إيران بحوالي 32,000 شخص في عام 2005، في حين تقدر دراسات أخرى أعدادهم بحوالي خمسين ألف. ويتبعون كنيسة المشرق الآشورية ولهم مدارسهم وجمعياتهم الخيريّة وروابطهم ونواديهم الرياضية الخاصة بهم في طهران العاصمة وأرومية وعدة مدن أخرى، ويمارسون نشاطهم السياسي في إيران بحيث يوجد مندوب واحد يمثلهم في مجلس الشورى الإسلامي. وتُعتبر أرومية المركز الرئيسي للمسيحية الآشورية، وتقع أرومية غرب إيران، على الحدود العراقية- التركية. وتضم مدينة أرومية المركز التاريخي للآشوريين في إيران بين خمسة آلاف إلى عشرين ألف آشوري. فضلًا عن عشرة آلاف آشوري في القرى الآشورية في قضاء أرومية وسلماس. في حين تضم مدينة طهران حاليًا على أكبر التجمعات الآشورية في إيران. وتعيش طائفة من الآشوريين في مقاطعة سلماس ومدينة سنندج وبعض القرى المحيطة بها. وتعيش مجتمعات آشورية إيرانية كبيرة في الشتات، خصوصاً في روسيا وفي ولاية كاليفورنيا في الولايات المتحدة.
بعد الحرب العالمية الثانية أسس الآشوريون في المناطق التي يقطنوها مجالس تحت اسم «موثبا» بالإضافة إلى جمعيات مختلفة واتحادات مثل اتحاد الطلبة الجامعيين الآشوريين واتحاد الشبيبة الآشورية، علمًا أنه لا توجد أحزاب آشورية في إيران.
يتمتع الأشوريون في إيران بالخدمات الآتية:
الخدمات البرلمانيّة: لديهم نائب واحد في مجلس الشورى الإسلامي.
الخدمات الكنسيّة: يبلغ عدد الكنائس الآشورية أو الاشورية الشرقيّة حوالي 59 كنيسة في مقاطعة أرومية، وستًا في طهران.
الخدمات العلميّة والثقافيّة والترفيهية: إضافة إلى امكانيّة دخول أبناء هذه الطائفة إلى المدارس العامة، فان لديهم مدارس آشورية خاصة، أهمها مدرسة مريم للبنات، ومدرسة بهنام للبنين. ولهؤلاء 27 نشرة، و20 مركزًا ثقافيًا واجتماعيَّا، و12 جمعية، واحدة للنساء، وأخرى للمهندسين وغير ذلك، ودار للش