سحر الجعارة 
لا تتعجّب إنها «السبوبة» الأسهل فى هذا الزمان، ارتدت «حلا شيحة» الحجاب مرة ثالثة، وقرّرت أن تُؤسس قناة على اليوتيوب، واليوتيوب بالنسبة لى وبالنسبة لكثيرين على قائمتهم فضائيات شهيرة هو «المستقبل»، فالديجتال والإنترتيتمنت ثبت أنهما الأكثر طلباً من الجمهور، وبالنسبة للفضائيات وكبار الكتاب والمفكرين والمشاهير اليوتيوب «أداة توثيق» لما يقدمونه من مادة جادة وجذابة أو ترفيهية، وهو يخاطب جمهوراً آخر غير جمهور التليفزيون، مما جعله قناة موازية.. وبالنسبة للبعض هو أداة مكسب سريع وشهرة مزيّفة تتساوى فى ذلك الفتاوى المتطرفة بـ«روتين أم جهاد» والأخيرة نوعية من البرامج يعرفها جمهور السوشيال ميديا.. وكذلك اليوتيوب وتيك توك سوف تجد عليهما مشاهير الدعاة (عبدالله رشدى، محمد أبوبكر، الإماراتى يوسف وسيم.. وآخرون).. وأنت حر تسمع لرقية المسحور ورد الغائب والجن الذى يسرق الذهب، أو إلى كلام وسطى، أو إلى من يُكفر الجميع، «حرية الاختيار هى أداة الجذب» لهذه المواقع، حتى «فيفى عبده» تظهر على «تيك توك» فى بث مباشر. طبعاً سوف تتذكر على الفور كم بنتاً وسيدة تم القبض عليهن بتهمة تقديم فيديوهات خادشة للحياء، وسوف تتذكر أيضاً منع «فدوى مواهب» من الظهور.. إجمالاً هذه المواقع أغلبها لا يخضع للقانون المصرى، لأنها إما أمريكية «يوتيوب»، أو صينية «تيك توك».. وأرباحها لا تخضع للضرائب. (لى قناة على اليوتيوب) متوقفة عن الظهور فيها، وأعلم تماماً كيف تدار.
 
المهم بعدما كان «طريق الدعوة» الذى يستند إلى الحديث الشريف «بلغوا عنى ولو آية» وسلكته من قبل الفنانة المعتزلة «شمس البارودى» وغيرها من اللاتى كن يقدمن «محاضرات بالدولار»، و«سهير البابلى» التى تحولت لبيع العباءات.. أصبحت المحاضرات علي اليوتيوب وأيضاً بالدولار!
نعود معاً إلى رحلة «حلا» التى أشك أنها سوف ترويها على قناتها باليوتيوب، حين اختارت حلا شيحة اعتزال الفن وارتداء النقاب، قلنا إنها إنسانة حرة، وعاقلة ومسئولة عن تصرفاتها، وحتى زوجها لن يقف أمام الله ليُحاسب نيابة عنها. ورغم حربنا على النقاب، لأنه زى إرهابى يتعارض مع الأمن القومى للبلاد، لم نستخدم حرفاً من اسمها فى معاداتنا للنقاب، لكن فيلق الإيمان، الذى يعتبرنا فيلق الكفر، قرّر أن يشن حرباً ضروساً على «حلا»، وأن يهدّدها ويتوعّدها ويسحب منها صك الجنة حين قررت خلع النقاب، وكأن عودة «حلا» لارتداء النقاب هى أم المعارك والفريضة الغائبة والجهاد المقدس!
 
لقد دخلت «حلا» ذلك العالم المسكون بالأشباح وشياطين الإنس، ودون أن تدرى كانت بالنسبة لهم الصيد السمين، بعد أن شحّت مواردهم وخسروا مصداقيتهم، ولفظهم الشارع بعيداً.. لكن «خديجة الشاطر» كانت تعتبر «حلا» سبوبة، يكفى أنها تُقدم الرمز السياسى لدولة الخلافة المزعومة: النقاب.. واستخدمتها لتؤكد أن المجتمع المصرى لم يثر على الفاشية الدينية، وأنه يفرز نماذج تتعلق بزى سياسى ليس من الشرع ولا السنة فى شىء. ولهذا بدت خديجة مفزوعة وهى تعاتب «حلا»، قائلة: ذبحتنى شائعة خلع حجابك بسكين بارد! ما إن عادت «حلا شيحة» إلى الفن حتى تزوّجت من الداعية الشاب والمنتج السينمائى «معز مسعود»، وصدّرت للمجتمع صورتها بالحجاب وهى تقرأ القرآن الكريم، فى استخدام فجّ للتدين فى «فوتو سيشن»، ولم تكتفِ «حلا» بذلك، بل قررت أن تُعلن توبتها عن المشاهد الساخنة التى قدّمتها فى فيلم «مش أنا» مع النجم «تامر حسنى» وطالبته بحذفها(!!).. وكتبت وقتها: (عندما تعلن حلا عن توبتها فهى تتوب عن سلوك شخصى لا نعرفه بعيداً عن الفن، وعندما تحرم الفن وتتبرّأ من مشاهدها بين أحضان تامر حسنى، فعليها أن ترد أجرها عن الفيلم.. ومواعظ (منهج الله) لن نتلقاها من شخصية مدّعية ومضطربة وغير مسئولة عن أحضانها!).
 
المشهد الرئيسى فى حياة «حلا» أنها تلبس وتخلع لتثير الجدل، لكنها تلبس بناءً على رغبة زوج «غالباً يكون مليونيراً» وتخلع لتعود للفن طلباً للشهرة والثراء.. إذن الأمر لا علاقة له بالدين لا من قريب ولا من بعيد. لقد تم الانفصال بينها بين معز، فخلعت «حلا» ما أمكن خلعه من أفكار وملابس! وظهرت فى فرح بفستان سواريه يظهر أكثر مما يخفى.. ولم يعد لمس الرجال حراماً، ففى صورة شهيرة أمسكت بكفى المطرب «أحمد سعد» وكأنه حب حياتها.. علامة الاستفهام التى تزعجنى: لمَ ترتدى الفنانات ملابس خليعة بعد خلع الحجاب؟!
 
ثم عادت «حلا» إلى الحجاب هذه المرة بدون زوج ولا ملايين، إنها عرفت طريقاً سهلاً للملايين، مهما كان ما تقدمه، لأنها تعمل باسمها كفنانة، والجمهور سوف يدخل القناة ليُتابع «الحالة المتقلبة» التى تابعها وهى تحذف صورها بالنقاب من على إنستجرام لتنشر صورها مع «معز مسعود»، ثم تحذفها، لتنشر صورها مع «تامر حسنى».. وهكذا حسب الحالة المزاجية وعلاقتها المضطربة بالحجاب.
أن تتحجّب «حلا شيحة» أو تخلع الحجاب فهذا شأنها، أن تجعل من قصتها البائسة حلقات دينية تافهة، فمثلها مثل ملايين اليوتيوبر.. فقط أذكر بأنها «فرجة» وليست داعية إسلامية.. جمهور اليوتيوب يتساوى عنده المشايخ مع أم جهاد.. إنهم فى الواقع يتابعون قصتها الدرامية الساخنة من الطريق إلى الله والعودة.. نصيحتى لها بعد أن حقّقت مليون مشاهدة أن تدرس جيداً بدلاً من الحواديت التى ترويها مزينة بالقرآن والسنة.. وختاماً نسأل الدولة التى سنّت قانوناً لـ«تنظيم الفتاوى»: لمن الحق فى الحديث فى الدين؟ هل لأمثال حلا شيحة وفدوى مواهب؟.. فى انتظار إجابة!
 
نقلا عن جريدة الوطن