محرر الأقباط متحدون
منذ مساء الاثنين وهناك سؤال واحد يتداول في عواصم المنطقة والعواصم الغربية معاً: 
"هل توقَّف القتال فعلاً أم أن ما يحدث ليس إلا استراحة قصيرة قبل جولة أشد ضراوة؟"

 الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أجَّج هذا الغموض حين قال أمس من البيت الأبيض إنّه «يحب الجميع ويبارك السلام» مخاطِباً الإسرائيليين والإيرانيين على السواء، 

ثم ظهر صباح اليوم قبل صعوده إلى الطائرة المتجهة إلى لاهاي ليصب جام غضبه على الطرفين متهماً كليهما بعدم الإصغاء، بل أطلق شتيمة غير مسبوقة في حق حليفه الإسرائيلي. 

التباين في نبرة ترامب ترافق مع إعلان البيت الأبيض عن «وقف إطلاق نار ساري المفعول» أعقبه هبوط حاد في أسعار النفط، غير أنّ صفارات الإنذار دوَّت مجدداً في بئر السبع، بينما تبادل الجانبان الاتهامات بخرق الاتفاق فور دخوله حيِّز التنفيذ. 

المشهد الميداني يُكذِّب رواية الهدوء. صواريخ إيرانية استهدفت قاعدة العديد الجوية في قطر منتصف الليل، وذكرت الدوحة أنّ دفاعاتها الجوية اعترضت ثمانية عشر صاروخاً من أصل تسعة عشر، ولم تقع إصابات، لكن الهجوم كان رسالة بأن طهران - ما زالت - ترى القاعدة «مركز قيادة» للحرب عليها. 
إسرائيل من جهتها واصلت غاراتٍ خاطفة على أهداف عسكرية في عمق إيران، بينما نفى وزير الخارجية الإيراني أي توقيع رسمي على هدنة وعدّ الكلام الأمريكي «إعلاناً سياسياً من جانب واحد». 

وزير الدفاع الإسرائيلي إسرائيل كاتس قال إنّ بلاده «ستحترم الهدوء ما دام الطرف الآخر يفعل ذلك» لكنه أضاف أنّ الجيش «مستعد لكل الاحتمالات». 

داخل هذا الفراغ السياسي يجد الإعلام مساحة للتأثير. بعض القنوات الناطقة بالعربية، المموّلة من عواصم نفطية، روّجت سريعاً لنهاية القتال خشية اضطراب سوق الطاقة، ثم عدَّلت خطابها بعد سقوط دفعة جديدة من الصواريخ. الحرج الذي أصاب هذه المنصّات أضعف صدقيتها أمام جمهور بات يتابع صور القصف لحظة بلحظة عبر وسائل التواصل.

خلاصة القول أنّ الوقف المعلَن لإطلاق النار ما زال بلا ورق موقَّع ولا آليات مراقبة، 

فيما تبقى معضلتان جوهريتان بلا حل: الأولى هي برنامج إيران النووي الذي تعتبره طهران حقاً سيادياً وترى فيه إسرائيل تهديداً وجودياً، 
والمعضلة الثانية هي تعهُّد تل أبيب بمواصلة القصف حتى تتراجع طهران. 

ما لم يُعالج هذان الجذران، ستظل كل هدنة حبراً على صفحات وسائل التواصل، والعالم سيبقى يترقّب انفجار الجولة التالية.