كتب  تيودور كالموكوس  الكاتب ببوسطن عن تصريح خاص لصحيفة «ذا ناشيونال هيرالد»، تحدث فيها رئيس أساقفة سيناء وفاران ورايثو، ورئيس دير القديسة كاترين بجبل سيناء، صاحب السيادة المطران داميانوس، عن التطورات الأخيرة الخطيرة التي يشهدها الدير، بهد حكم قضائي مصري يعتبره – ومعه جماعة رهبان سيناء بأكملها – «مُتعدّين» على الأرض، متجاهلاً تاريخًا رهبانيًا متجذرًا في المكان منذ خمسة عشر قرنًا. ويقيم في الدير حاليًا ما بين ١٨ إلى ٢٠ راهبًا.
 
وقد أجرى المطران داميانوس اللقاء هاتفيًا من القاهرة، حيث يقيم مؤقتًا، ويعتزم العودة إلى أثينا خلال ٧ إلى ١٠ أيام.
 
وقال:
«منذ أكثر من عشر سنوات ونحن نتنقل بين أروقة المحاكم، لأن حقنا في تملك هذه الأرض الجرداء – التي اعتبرناها دومًا ملكًا مقدسًا سُلم إلينا من آباء قديسين – يُنكَر علينا. فمن ناحية، هذه أماكن مقدسة يؤمها الناس من شتى بقاع العالم وتستفيد منها الدولة المصرية، ومن ناحية أخرى، ترفض الدولة الاعتراف بأنها ملكٌ لنا».
 
وأضاف:
«السلطات، وبالأخص هيئة الآثار، تقول لنا: نعم، يمكنكم استخدامها، لكنها ليست ملكًا لكم. ولم يدركوا إلا متأخرين أن من صان هذه الكنوز عبر القرون، وحماها بجهده وتعبه وأمواله الخاصة، إنما نحن، منذ القرن السادس وحتى يومنا هذا. والآن يقولون إن لا حق لنا في إدارتها».
 
وتابع قائلًا:
«نحتجّ بشدة، لكن احتجاجاتنا تذهب أدراج الرياح، لأن الطرف الأقوى يفرض إرادته ويقول: "أنا أريد هذا، وبالتالي سيكون كذلك". هذه ضربة موجعة لنا، ومصدر خزي كبير. نرغب فقط في مواصلة إدارة ما حفظناه بجهد وتضحيات على مدار قرون، ومن مواردنا الذاتية، فإذا بالسلطة تقول لنا: "ستفعلون ما نقوله لكم نحن"».
 
وتأثر المطران داميانوس بشدة أثناء حديثه، وقال:
«أنا اليوم في الحادية والتسعين من عمري، وأعيش في الدير منذ أن كنت في السابعة والعشرين... فتصوروا حجم الألم في قلبي».
 
وعند سؤاله عن الخطوة التالية بعد صدور قرار الإخلاء، أجاب:
«ما يجري هو تلاعب قضائي. ففي عام ١٩٨٠، أعلنت الحكومة أن المناطق التي لا تحتوي على سجل عقاري يجب على ساكنيها أن يقدموا إقرارات بالملكية. وكان ديرنا من أوائل من قدّم هذه الإقرارات، شاملة الحدائق الصغيرة والكنائس والمزارات، حيث قدمنا ٧١ ملفًا وحصلنا على إيصالات رسمية. انتظرنا اللجنة لتأتي وتثبت ملكيتنا. وآخرون يمتلكون مساحات أكبر منا بكثير حصلوا على ما يثبت ملكيتهم. أما نحن، فلم نحصل على شيء. وبعد عشرين عامًا، تقول لنا الدولة المصرية: هذا كثير! أو تُساق حجج أخرى، وفي النهاية، لا شيء. والآن يقولون لنا: "لا حق لكم هنا، أنتم غرباء"، بينما نحن نقيم في سيناء منذ القرن السادس!».
 
كما أشار إلى أن تصاعد النزاعات في فترات الاضطرابات والتشدد الإسلامي ساهم في تغيير النظرة إليهم، قائلاً:
«بدأوا يعتبروننا دخلاء، كأننا اشترينا هذه الأراضي مؤخرًا – كما فعل كثيرون بشكل غير قانوني».
 
وتابع:
«السلطات تتهمنا الآن بحيازة غير قانونية وتطالبنا حتى بدفع مقابل ذلك! والأسوأ أنه لا يوجد في مصر في الوقت الراهن محامٍ يتحدث اليونانية أو من أصل يوناني يمكنه الدفاع عنا».
 
وحين سُئل عن خطواتهم المقبلة، أجاب:
«في ظل هذه الظروف، بدأنا نعبر عن إحباطنا، وقلنا لهم: إما أن تجدوا حلاً، أو سنُغلق الدير. لكننا لم نقصد حقًا إغلاقه. لم نرغب في خلق أزمة أو إعاقة السياحة العالمية، ولم نرد ظلم أحد، لا المصريين ولا غيرهم. تم التوصل إلى اتفاق بيننا وبين السلطات المصرية، خاصة في جنوب سيناء، بمشاركة من الحكومة اليونانية. جاء وفد مختص من اليونان، واتفقنا على نص يضمن للدير حرية أكبر في العمل، واعترافًا بحقوق معينة، لأن الحياة لا تقوم فقط على الروح، فالحاجات المادية قائمة. ولو لم تكن لدينا أراضٍ، كيف كنا سنعيش على التبرعات وحدها؟ ولكن، بعد الاتفاق، غيّروا النص وقدموا لنا شيئًا مختلفًا تمامًا».
 
وأردف:
«حتى السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، رغم رغبته الواضحة في توقيع الاتفاق، أُلغي كل شيء في النهاية بحجج واهية. وحتى بعدما وقع رئيس مصر ورئيس وزراء اليونان، جاءني مسؤول مصري آخر يقول لي كلامًا مغايرًا تمامًا».
 
وذكر أن ممثلًا عنه التقى يوم الخميس وزير الخارجية اليوناني جيورجيوس غيرابيتريتيس.
 
وعند سؤاله عن الوضع الحالي، قال:
«المصريون يحاولون التقليل من حجم المشكلة. يزعمون محبتهم للدير، لكنهم في الحقيقة يخنقونه». وأضاف:
 
«لم نكن نحن من أراد نشر القضية، بل السلطات المصرية هي التي دفعتنا إلى ذلك، ونحن فقط ندافع عن أنفسنا. إنها قضية كبرى، ذات بُعد دولي».
 
وعن اتصالات رؤساء الكنائس والأساقفة به، قال:
 
«نعم، لقد تواصل معي كثيرون». وختم قائلًا: