احمد رفعت
.. قليل من الجدية!
كيف يمكن أن ينحصر الجدل في حادث أموال "نوال الدجوي" في النميمة بين السخرية والتحريض وإبداء الحسرة والتساؤلات العجيبة المدهشة التي لا علاقة لها بأي منطق؟!

كان الأمل أن يُوظف الحادث لفتح ملف "بيزنس" التعليم الخاص في مصر من كافة جوانبه.. دور القطاع أولاً في الوقوف إلى جانب شعبنا ودعم خطط الدولة في سباقها مع الزمن لبناء أكبر عدد من المدارس والفصول كدور وطني ومجتمعي ينبغي القيام به جنبًا إلى جنب لـ"البيزنس" الأساسي لهذه المؤسسات!!
وحتى تكتمل الصورة.. ولا تكتمل إلا بالمعلومات والأرقام.. والأرقام تقول إن هيئة الأبنية التعليمية تدير حتى نهاية العام الماضي 29 ألف مبنى مدرسي تضم 61 ألفًا و812 مدرسة يمتلك القطاع الخاص منها 9%!

تعاني - طبعًا - المدارس الحكومية من ارتفاع الكثافات، ويبلغ المطلوب سنويًا للقضاء على ذلك أكثر من 18 ألف فصل! يوجد 47% من المدارس تعمل بكثافة مرتفعة، و17% منها تعمل بنظام الفترات المتعددة!!

ينبغي القول إنّه رغم التسهيلات المتاحة للقطاع الخاص، فإنه يساهم أيضًا بنحو 9٪ من الاستثمار التعليمي، رغم أن المخطط - المستهدف - أن تصل استثماراته إلى 40٪!!!

وحتى تتضح الرؤية أكثر، فالتعليم الخاص في مصر حقق نموًا كبيرًا، حيث بلغ الناتج المحلي الإجمالي بقيمة 256 مليار جنيه في العام المالي 2023/2024 بزيادة قدرها 1.9% عن العام المالي السابق! والأسرة المصرية تنفق خارج الإطار الرسمي للتعليم ما يقرب من 50 مليار جنيهًا!

الأسئلة إذن: كيف يمكن إلزام القطاع الخاص في التعليم بالقيام بالدور المنتظر منه؟! وهل يستحق، مع هذه الأرباح، التسهيلات التي تقدمها الدولة..تفضيلات في تخصيص  الأراضي وعدد من الإعفاءات الضريبية وغيرها؟! وهل يصح استمرار تدليل هذا النشاط حتى على حساب أولياء الأمور؟!

يا سادة: حادث "الدجوي" وبلغة أهل القانون كاشف لأوضاع وليس منشئًا لها.. وعلينا فتحها والتعامل معها..

يتبقى القول إننا ننحاز صراحةً لفقراء وبسطاء الوطن، وللقطاع الخاص ورأس المال الوطني، لكن الغنى وامتلاك الثروة ليس عيبًا طالما كان بالطريقين.. الحلال والقانوني معًا.. نكرر معا..وعلى هذه الأسس، فالقانون في حادث السيدة الدجوي يأخذ مجراه..ولا إدانة الا بحكم قضائي.. لكن أيضًا علينا أن نُقدّر ظروف سيدة على مشارف التسعين.. فقدت ولدين - ابنًا وابنة - في حياتها!

الرحمة مطلوبة، والترفع مطلوب، والجدية في تحليل الأحداث الكبرى وربطها بالشأن العام .. مسألة حتمية!
نقلا عن فيتو