Oliver كتبها
- كلما سمعت صوته أتألم فقد كان يقصدني حين قال مَثَل العذراى الحكيمات و الجاهلات. أنا واحدة من بنات أورشليم.كان عملنا هو زفة المواكب و تجهيز العرائس و النواح فى المآتم. كنا نجيد العمل .نزغرد فى الأعراس دون أن نفرح.نذرف الدموع و نجيد النواح فى المآتم دون أن نحزن. كنا كالآلات نشارك بلا شعور فنحن ننتقل من مبكى إلى عُرس فى دقائق.
- كنت كالفريسي .أظهر البكاء أو الفرح لكني لا أحزن لأحد و لا أفرح لأحد بل أتربح من كل من يطلبنى لكونى واحدة من بنات أورشليم هذا اللقب بنات أورشليم كان سبب رزقنا.نتسمي به زيفاً.أكثرنا أمميات لا تهمنا أورشليم و لا هيكلها بل كنا نتمسح في أورشليم لكي نتربح من زوار الهيكل.
- أنا مصباح بلا زيت .منذ زمن إنكسر مصباحي فلم أصلحه.كنت بعدما أنتهِي من ضوضاء عملي المزعج أخلو إلى نفسي و أتحسر حيث كنت أبكي الناس و لا أعرف البكاء علي حالي.أزغرد للعرائس و أنا بلا عريس. بددت عاطفتى لأجمع المال من الحزاني و من الفرحين.صار معي أموالاً كثيرة و ما فكرت أن أشتر مصباحاً.صرت أتعثر في ظلام الطريق الذى نخرج إليه لنبحث عمن يطلب خدمتنا. بددت الأيام واحدا تلو الآخر.و جلست عند المساء أرثي نفسي .فلا فرح للجاهلات مهما تزينوا و لا سلام للجاهلات مهما إغتنوا.
- كان عملي أن أصرخ في الطريق (أفسحوا العريس قادم العريس قادم) أو في الموت أصرخ (ويلاه يا تاركنا ويلاه يا من أخذه الترحال).و أظل أصرخ كل يوم لكن لا العريس عريسي و لا الراحل يخصنى.لقد بعت مشاعرى كل ليلة بالصراخ و الولولة.
- ذات يوم إستدعونا علي عجل لنندب صبية صغيرة.هرولنا إلى هناك و جلسنا في مدخل البيت نستعد لإحماء الجنازة. و فيما نبدأ نهنهاتنا المصطنعة وجدنا رجل يشق الطريق إلى داخل.صاح فينا لا تبكوا الصبية لأنها نائمة. صحكنا منه بل سخرنا. دقائق قليلة و وجدناه يخرج فنظر نحوي نظرة مزقتني .شطرتني فصرت مبعثرة في فضاء فسيح. بعدها خرجت الصبية التي جئنا لنندبها .و ضاعت علينا أجرة الندب لكن أسرة طليثا دعتنا للأكل معها و أنا لم أستطع أن آكل.كانت نظرته آمرة أن أكف عن هذا الضياع فلم أكف.
-كنت أتلصص حيناً لأسمعه وقت الفراغ.كانت نظرته مثل شبكة تحاصرنى.تشدنى .كنا فريق البنات نتجمع حيناً لنستمع إلى كلامه فقد كان رقيقاً..كان يحذر من الفريسية و كان عملنا كله فريسية. رأيناه آخر مرة يمر قدامنا حاملاً الصليب.كانت هناك نساء تلطم فقلنا هيا نلطم لعلهم يستدعوننا لهذا المزمع أن يموت. أما هو فنظر إلينا كأنه يسمعنا و قال : يا بنات أورشليم لا تبكين علي بل إبكين على أنفسكن و علي أولادكن.لو23: 28.لكنى لم أبك على نفسي أبداً فقد كنت أبكي بأجر و أزغرد بأجر أما أن أبكي نفسي فما المقابل؟
- سمعت أنه مات و رأيت الزلزلة.ثلاثة أيام لم نعمل فيها.و سمعت بعدها أنه قام.إنه نفس الرجل الذى أقام الصبية و الآن أقام نفسه.من هذا الرجل.لو أن الموتي يقومون مثله فقد ضاع عملنا بسبب القيامة.لن نندب أحداً.كان موت الناس ربح لى و قيامتهم صارت خسارة لى.
- كنت أنام قدام كل الوصايا.تجتمع الجاهلات لتقتل الزمن بالثرثرة.كنت لساناً بين الناس .صوتاً هشاً. كان معنا رجال جهلاء كذلك.عاشوا كما عشنا بنفس الجهل و ماتوا كما متنا بالجهل أيضاً .منذ زمن طويل ما أحببت و لا صليت و ما قدمت ذبيحة.ضاعت مشاعري.منذ قام المسيح .كنت أراه قاطع أرزاق.لم أعد أفرح أو أنوح..حتى تلاميذه يضعون الأيادي على المرضي فيشفون.صرت أنزعج من المعجزات.لم أعد أزور المرضى و لا يهمني محتاجاً لا أبالي بأحد و لا بنفسي. فأنا أكثر إحتياجا من جميعهم. صرت ميتة الحواس و القلب.كل يوم أزداد غربة عن نفسي و أزداد ظلمة. إنطفأ ضميري ومصباحي. لم أفكر في إضاءته أبداً.و مع أن بعض بنات أورشليم تبعن القائم من الأموات لكني بقيت في موتي.
- كلما ترامت إلى مسامعنا أخبار عن عريس قادم أتحضر أتزين .ثم يذهب العريس من طريق أخري فلا نراه.حتى مللت من إنتظار العريس.و ذابت أيامي في بحر العالم المالح.ثم فجأة سمعنا صراخ كصراخ بنات أورشليم.هوذا العريس قد أقبل.فقمن و أخرجن للقاءه .قمت و أنا لا أريد أن استيقظ.
- قمت لكن قلبي لم يقم.وقفت في الطريق لكنني لم أكن أنتظر أحداً. أمسكت مصباحي و لعنت الأيام التي مضت .لا زيت عندي و لا قلب.سألت الذين عاشوا محبة المسيح هل تعطوننا من زيتكن .كسولة أنا معتادة علي التسول.لا أرغب فى بذل أي مجهود.إستسهلت أن أطلب زيتا منهن. لم يرفضوا بل قالوا.هذا لا يكفي لنا و لكن.فإذهبن إشتروا زيتاً بأنفسكن. فذهبت. لا أدري إلى أين أمضي.منذ زمن و أنا أسيرة نفسي. أغلقت كل الأبواب و كل الطرق .
- عدت كما ذهبت بلا زيت.لم يكن هناك باعة و لا مشترين.إنفض السوق.مضي زمن البيع و الشراء.إنقضي زمن النعمة.و أنا بلا بصيرة.بلا نور أو زيت.لا تكونوا مثلي بائعة لقلبها.لأني قد صرت خارجاً بينما العريس قد جاء و دخل إلى حجاله.أخذ الحكيمات وحدهن لأنهن مستعدات.منتبهات للمصباح و الزيت و الحكمة و السهر.هذه قصتى فأنا عذراء جاهلة.