جمال كامل
فقدت مصر والأمة العربية صديقًا كبيرًا، هو المستشرق السوفيتي الروسي د. جينادي جورياتشكن أستاذ التاريخ العربي الحديث والمعاصر بمعهد اللغات الشرقية بجامعة موسكو عن عمر ناهز 80 عاما، بعد أن وهب حياته في مد جسور التواصل بين روسيا والشعوب العربية بشكل عام، ومصر خاصة في البحث والدراسة والكتابة في تاريخ البلدان العربية واللغة العربية التي أجادها.
 
 د. جينادي مواليد 1945 في سيبيريا الشرقية بالاتحاد السوفيتي، وحصل على الدكتوراه عام 1975 برسالة عن الطبقة العاملة في المرحلة الناصرية في مصر، ثم أصبح أستاذا في تاريخ الشرق الأدنى والشرق الأوسط بمعهد أسيا وأفريقيا، كما عمل مترجما عسكريا مع الخبراء السوفيت في مصر، وحصل على نوط الواجب العسكري من الدرجة الأولى، وله العديد من المؤلفات عن مصر منها:
 
 تاريخ مصر والعالم العربي في العصر الحديث وروسيا في عيون مصرية، وبين الفولجا والنيل، ومذكرات مترجم سوفيتي في الجبهة المصرية، ورؤوف عباس المؤرخ والانسان، ومصر في الأرشيفات الروسية، ووقع د. جينادي في غرام مدينة الإسكندرية التي عشقها منذ أن كان طالبا في مصر، ليصبح مديرا للمركز الثقافي الروسي بالإسكندرية، وعبر عن ذلك في كتابة "الإسكندرية الروسية"، بالإضافة إلى مئات المقالات عن العلاقات الثقافية والتاريخية بين مصر وروسيا.
 
من جانبه صرح د. إبراهيم كامل رئيس جمعية الصداقة المصرية الروسية أن رحيل جورياتشكن خسارة كبيرة؛ كونه واحدا من أكبر المستشرقين الروس الذين أسهموا بأعمالهم في دعم العلاقات الثقافية بين الشعبين.
 
كما أكد شريف جاد الأمين العام خلال حفل التأبين للراحل الذي نظمته جمعية الصداقة المصرية الروسية أن المستشرق الكبير عاش طوال حياته وحتى اللحظات الاخيرة في دراسة تاريخ العلاقات الروسية العربية، وكان عاشقا لمصر، ويعيش تفاصيلها عن بعد ، ويحرص على زيارتها دائما ، ولعب دورا كبيرا أثناء إدارته للمركز الثقافي الروسي بالإسكندرية؛ في جعله منارة ثقافية وبيتا لكل المثقفين والفنانين ، وأكد جاد أنه يحرص على الانتهاء من ترجمة كتابه الأخير الذي طلب منه ترجمته إلى العربية عن التعاون الثقافي بين روسيا ومصر من القرن 19 حتى القرن 21.
 
وصرحت د. منال رضوان الناقد الأدبي وعضو لجنة الاعلام باتحاد كتاب مصر: أن جورياتشكن رحل وترك خلفه سجلًا علميًا نادرًا مكونًا من العديد من الكتب البحثية استند فيها إلى الأرشيف الروسي؛ لتوثيق محطات حاسمة في التاريخ المصري، وأشارت رضوان إلى مؤلفه الأهم "مصر في الأرشيفات الروسية" التي جمع فيها مئات الوثائق وأصبحت خريطة لفهم كيف نظر الروس إلى تحولات مصر، وفي كتاب الاسكندرية الروسية وصف المدينة كمرآه للشتات؛ إذ صورها كمكان عابر للهويات يحتضن المهاجرين الروس بوصفهم جزءًا من نسيجها لا زائرين طارئين، وأكدت منال رضوان أن اعماله ستبقي مرجعية لا غنى عنها لكل من يسعى لكتابة تاريخ أكثر شفافية وعمقًا.