ما هو الكونكلاف: تاريخه بين القرون الوسطى والزمن المعاصر؟
محرر الأقباط متحدون
في السابع من مايو المقبل ستبدأ جلسات انتخاب البابا السابع والستين بعد المائتين في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية، وذلك خلال أعمال الكونلاف الذي يُعقد في كنيسة السكستين بالفاتيكان ويشارك فيه الأعضاء الناخبون في مجمع الكرادلة أي من هم دون الثمانين من العمر، والبالغ عددهم مائة وخمسة وثلاثين. وكي يُنتخب البابا يجب أن يحصل على ثلثي الأصوات.
بعد أسبوع تقريباً ستفتح الكابلة الفاتيكانية أبوابها أمام الكرادلة الناخبين الذين سيختارون البابا الجديد خلفاً للبابا فرنسيس. وسيكون هذا الكونلاف السادس والسبعين في تاريخ الكنيسة، والسادس والعشرين الذين يُعقد في كابلة السكستين، المعروفة برسوم مايكل أنجيلو الجدرانية التي تصور يوم الدينونة.
كلمة كونكلاف أصلها لاتيني، وتتألف من كلمتين Cum وClave، وتعني "مع المفتاح" أو الغرفة المقفلة بالمفتاح. أما في إطار المصطلحات الكنسية تُستخدم كلمة كونكلاف للإشارة إلى المكان المغلق الذي يُنتخب فيه البابا، أو إلى مجمع الكرادلة المدعو إلى انتخاب الحبر الأعظم الجديد.
الكونكلاف السادس والسبعون الذي سيبدأ في السابع من أيار مايو المقبل، بالصيغة التي نعرفها اليوم، أنشأه البابا غريغوريوس العاشر في العام ١٢٧٤. وقبل ذلك التاريخ كان يُحكى فقط عن انتخاب البابا، وكان ذلك يتم من خلال مشاركة الجماعة المحلية، أي أبرشية روما، عندما كان المؤمنون يقترحون أسماء المرشحين، ويتم اختيار واحد منهم من قبل الأساقفة. وبين القرنين الرابع والحادي عشر كانت عملية الانتخاب خاضعة للتجاذبات والنفوذ الخارجي، من قبل الأباطرة الرومان وغيرهم.
في العام ١٠٥٩ قرر البابا نيكولاوس الثاني أن انتخاب البابا يتم من قبل الكرادلة فقط. وقد صادق على هذا القرار نهائياً البابا ألكسندر الثالث عام ١١٧٩، وتقرر أن عملية الانتخاب تتم عندما يحصل الكاردينال على ثلثي أصوات الناخبين وظل ذلك متبعاً لغاية يومنا هذا.
في العام ١٢٦٨ عُقد في القصر البابوي في فيتيربو الكونلاف الأطول في التاريخ، شارك فيه ثمانية عشر كاردينالا، وانتخبوا البابا غريغوريوس العاشر بعد سنتين وتسعة أشهر! وأثار ذلك الأمر استياء أهالي فيتيربو الذين منعوا الكرادلة من مغادرة القصر، وبنوا الجدران عند الأبواب. ومنذ ذلك التاريخ تقرر أن تتم جلسات الانتخاب وراء الأبواب المقفلة من الداخل والخارج، ما سُمي بالكونلاف.
وأول كونكلاف بالتاريخ عُقد في أريتسو عام ١٢٧٦ وانتخب البابا إينوسنت الخامس. في العام ١٦٢١ ألزم البابا غريغوريوس الخامس عشر الكرادلة بالاقتراع السري والخطّي.
في أعقاب الحرب العالمية الثانية، عام ١٩٤٥، صادق البابا بيوس الثاني عشر على دستور "الكرسي الرسولي الفاتيكاني" وقرر بموجبه أنه مع بداية شغور الكرسي البابوي تنتهي مهام جميع الكرادلة، بما في ذلك أمين سر الدولة وعمداء المجامع والدوائر، باستثناء الكاردينال الكاميرلينغ ورئيس محكمة التوبة ونائب البابا العام على أبرشية روما. أما البابا بولس السادس فقرر أن يقتصر حق الانتخاب على الكرادلة دون الثمانين من العمر.
الدستور الرسولي المتبع اليوم، فيما يتعلق بانتخاب البابا هو Universi Dominici Gregis الذي أصدره البابا يوحنا بولس الثاني عام ١٩٩٦ وعدّله البابا بندكتس السادس عشر عام ٢٠١٣، وينص على واجب أن يُعقد الكونلاف في كابلة السكستين، كما أصدر البابا راتزنغر إرادة رسولية تنص على أنه بعد أربعة ثلاثين جلسة تصويت دون نتيجة، يدعى الكرادلة إلى التصويت لأحد الكاردينالين اللذين نالا النسبة الأكبر من الأصوات في الجلسة الأخيرة، مع الحفاظ على أغلبية الثلثين التي تبقى ضرورية من أجل انتخاب البابا.