كرستين إبراهيم
إن سورية، البلد المعذب بسبب أربع عشرة سنة من الحرب، تبكي اليوم البابا فرنسيس، هذا الحبر الأعظم الذي لم ينس يوماً سورية. فمن دمشق إلى حمص مروراً بحلب عبر ممثلون عن الكنائس المحلية عن مشاعر الحزن والمحبة تجاه البابا فرنسيس التي تخالج المؤمنين السوريين.

من المعروف أن البابا فرنسيس لم يتوقف يوماً عن الصلاة من أجل سورية الحبيبة، علماً أنها من بين الدول التي تعيش الحرب العالمية الثالثة المجزّأة التي تحدث عنها الحبر الأعظم في أكثر من مناسبة، وأدانها بشدة. والبابا برغوليو يحبّ هذا البلد العربي بنوع خاص، خصوصا إزاء المعاناة والآلام التي عاشها الشعب السوري على مدى السنوات الأربع عشرة الماضية، مع الأخذ في عين الاعتبار الإيمان التاريخي المتجذر في قلب الجماعات المسيحية منذ القدم.

وليس من قبيل الصدفة أن البابا قرر – في نهاية كانون الثاني يناير الماضي وعندما كان يتعذّر عليه السفر – أن يُرسل إلى سورية الكاردينال كلاوديو غوجيروتي، عميد دائرة الكنائس الشرقية، لكي يعبّر عن قرب الحبر الأعظم ومحبته تجاه الشعب السوري. وقد لقيت هذه المبادرة تقديراً كبيراً من قبل الجماعات المسيحية المحلية خصوصا وأنها تهدف إلى إرساء أسس الرجاء والسلام والمصالحة في كافة أنحاء البلاد.

وبعد انتشار نبأ وفاة البابا فرنسيس، صباح الاثنين الفائت، قال الكاهن السوري يوسف جهاد، من دير مار موسى، إن الأخبار السيئة تنتشر بسرعة، مضيفا أن الحبر الأعظم عاد إلى أحضان الآب السماوي، وهذا هو يقين يعزي المؤمنين ويطمئنهم في هذه الأوقات الصعبة. ولفت إلى أن فرنسيس كان شاهداً متواضعاً للإنجيل، ووقف دائماً إلى جانب الفقراء ومن يواجهون الظلم.

أما في حلب حيث تلقت الجماعات المسيحية المحلية بثقة كلمات البابا فرنسيس المعزية، خلال المراحل المظلمة التي عاشتها المدينة، لاسيما في السنوات العشر الماضية، صرح أسقف الكلدان المطران أنطوان أودو – في حديث لموقع فاتيكان نيوز وإذاعة الفاتيكان – بأن قادة مختلف الكنائس في سورية تقدموا بالتعازي فور تلقيهم نبأ رحيل البابا فرنسيس، ومن بينهم قسَّا الكنسيتين البروتسنتيتين في حلب: الكنيسة الأرمنية وتلك العربية.

وأكد سيادته أن الدور الذي لعبه البابا الراحل على الصعيد الدولي لصالح السلام وقدرته على الإصغاء والوقوف إلى جانب الفقراء واللاجئين، تركا أثراً كبيراً في أنحاء البلاد كلها. وشاء المطران أودو أن يتوقف أيضا عند خبرته الشخصية، متذكراً المرة الأخيرة التي شارك فيها في ترؤس الاحتفال الإفخارستي إلى جانب الحبر الأعظم، وقال إنه عاش لحظة من التأثر الشديد والشركة العميقة.

من جانبه تحدث المطران جاك مراد، رئيس أساقفة حمص للسريان الكاثوليك، عن شعور المؤمنين بالضياع لدى تلقيهم نبأ وفاة البابا فرنسيس في أعقاب مشاركتهم في قداس اثنين الفصح. وأوضح أن الناس في سورية لم يكونوا مطلعين على تفاصيل الأوضاع الصحية للبابا وبالتالي فاجأ نبأ الوفاة العديد من السوريين. وأضاف سيادته أنه حاول الإفادة من هذه الفرصة الأليمة ليذكّر المؤمنين بأن المسيحيين، وبقوة الإيمان، يحتفلون دائماً بالقيامة، بقيامة يسوع المسيح من بين الأموات، لأن قيامة الرب هي قيامتنا جميعا.

واعتبر المطران مراد – في حديث لموقع فاتيكان نيوز الإلكتروني – أن النعمة الإلهية شاءت أن يقبل الرب نفس البابا الراحل خلال الاحتفالات بعيد الفصح. وختم سيادته قائلا إن صوت الحبر الأعظم وصلاته المستمرة من أجل السلام في سورية رأى فيهما سكان المنطقة كلها شهادة للإيمان والشجاعة، مضيفا أن المؤمنين الكاثوليك يدركون تماماً أنهم مدعوون لأن يكونوا شجعاء على غرار البابا فرنسيس، الذي هو رأس كنيستهم.