بقلم: أندرو اشعياء
استخدم القديس بولس الفعلπερισσεύω(أي يفيض أو يزداد) تقريبًا 22 مرة في رسائله، منهم سبعة مرات في رسالته الثانية لأهل كورنثوس، ومن الواضح أن لهذا التعبير تأثير كبير ومفهوم عميق في فكره؛ إذ لم يعبر فيه عن الإزدياد فحسب بل وفور وفيض الإزدياد. وهي نفس الكلمة التي استخدمها ربنا يسوع في الموعظة على الجبل في التوضيح «إِنْ لَمْ يَزِدْ بِرُّكُمْ عَلَى الْكَتَبَةِ وَالْفَرِّيسِيِّينَ لَنْ تَدْخُلُوا مَلَكُوتَ السَّماوَاتِ. » (متى 5: 20) أي يذداد برّنا عن الكتبة والفريسيين بوفرةsuperabundance، وايضًا في مثل الوزنات «لأَنَّ كُلَّ مَنْ لَهُ يُعْطَى فَيَزْدَادُ (أي يزداد بوفرة)، وَمَنْ لَيْسَ لَهُ فَالَّذِي عِنْدَهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ.» (متى 25: 29) ومن هذا المفهوم استخدم القديس بولس هذة الكلمة في التعبير عن الي أي مدى نذداد في كل عمل صالح. كما استخدمة ايضًا القديس متى والقديس لوقا في قصتى اشباع الجموع (متى 14: 20؛ لوقا9: 17 ، متى15: 37؛ لوقا 21: 4) ..وهي نفس الكلمة في اللغة العبرية יָסַף «وَيَزْدَادُ الْبَائِسُونَ فَرَحًا بِالرَّبِّ، وَيَهْتِفُ مَسَاكِينُ النَّاسِ بِقُدُّوسِ إِسْرَائِيلَ..» (سفر اشعياء 29: 19)للتعبير عن فيض فرحهم بالرب.

كان لهذا التعبير اثرًا كبيرًا في فكر القديس بولس إذ كان يوازي مفهوم اللجاجة عنده سواء في الصلاة أو المحبة أو الشكر أو في كل عمل صالح،وفرق بين استخدامه واستخدام كلمة ἐνδυναμόωالتي تعني يزداد بقوة، ولكن ازدياد دون أن يفيض أو ينبع من داخله بكثرة ليجتذب اليه الكثيرين. او تعبير يزيد أي يضيف ἐπιδιατάσσομαιحرف او كلمة او شئ، وكذلك πληϑύνω أي تكثر أو تتضاعف.

لقد استخدمه (περισσεύω) كثيرًا للتعبير عن نعمة الله الجزيلة «وَالْعَطِيَّةُ بِالنِّعْمَةِ الَّتِي بِالإِنْسَانِ الْوَاحِدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، قَدِ ازْدَادَتْ لِلْكَثِيرِينَ!» (رومية 5: 15)، «وَاللهُ قَادِرٌ أَنْ يَزِيدَكُمْ كُلَّ نِعْمَةٍ» (الرسالة الثانية الى كورنثوس 9: 8)أي أن الله يزيدنا بوفرة وفيض. واستخدمها ايضًا في الحث على تقدمة العشور إذ أن سد أعواز المحتاجين يزيد ويفيض بشكر كثيرًا لله «لأَنَّ افْتِعَالَ هذِهِ الْخِدْمَةِ لَيْسَ يَسُدُّ إِعْوَازَ الْقِدِّيسِينَ فَقَطْ، بَلْ يَزِيدُ بِشُكْرٍ كَثِيرٍ للهِ» (الرسالة الثانية الى كورنثوس 9: 12). أما عن المحبة فحثَّ عليها كثيرًا حتى تزداد بوفرة ⲉⲣϩⲟⲩⲟ̀«وَهذَا أُصَلِّيهِ: أَنْ تَزْدَادَ مَحَبَّتُكُمْ أَيْضًا أَكْثَرَ فَأَكْثَرَ فِي الْمَعْرِفَةِ وَفِي كُلِّ فَهْمٍ» (فيلبي 1: 9)، وفي التعبير عن رجاؤنا بالرب يسوع «ايضًا وَلْيَمْلأْكُمْ إِلهُ الرَّجَاءِ كُلَّ سُرُورٍ وَسَلاَمٍ فِي الإِيمَانِ، لِتَزْدَادُوا فِي الرَّجَاءِ بِقُوَّةِ الرُّوحِ الْقُدُسِ.» (رومية 15: 13).

واستخدمه ايضًا في التعبير عن نقائص شدائد المسيح «لأَنَّهُ كَمَا تَكْثُرُ آلاَمُ الْمَسِيحِ فِينَا، كَذلِكَ بِالْمَسِيحِ تَكْثُرُ تَعْزِيَتُنَا أَيْضًا.» (كورنثوس الثانية 1: 5) أي كلما تكثر آلام المسيح فينا كلما اختبرنا وفاض وفور تعزيتنا ومعرفتنا بقوة القيامة.

وهو نفس التعبير الذي نردده في تسبحة نصف الليل بالهوس الثالث «باركي الرب أيتها الأرض كلها، سبحيه وزيديه علوًا الى الآباد» أي «كل نَفَس اتنسمه. أسبح اسمك القدوس. يا ربى يسوع المسيح مخلصى الصالح. » (ابصالية السبت).