د. ممدوح حليم
تحفل قصة صلب يسوع المسيح بالظلم السافر والقسوة المفرطة واللاإنسانية، ولا غرابة في ذلك فمن أجل مرتكبي هذه الحماقات مات المسيح مصلوبا...

لقد نزل يسوع المصلوب إلى قاع الإنسانية وتعامل مع أعتى المجرمين، لكي يعتق البشرية من ظلامها وينقلها إلى النور ويهبها الحياة الأبدية.

وبعد أن تمت محاكمة المسيح محاكمات متعددة على المستوى الديني اليهودي وعلى المستوى المدني الروماني، وبعد أن نال ما ناله من جلد وضرب وإكليل شوك وغيرها من آلام جسدية قاسية وأوجاع نفسية شديدة ، قرر بيلاطس صلبه ظلما وعن غير اقتناع إرضاء لليهود ومجاملة لهم، دون اكتراث بالعدالة.

لقد اشتهر الرومان بالعدالة والدقة القانونية، لكن ها كل القيم النبيلة تسحق وتداس إرضاء لليهود واحتقارا لإنسان أسلم غيرة وحسدا ورغبة في التخلص منه.....

كان الإعياء قد بلغ ما بلغ وتمكن من المسيح وهو في طريق الآلام، ولعله سقط تحت الصليب وتباطأت خطواته العليلة، مما حدا بالجنود الرومان المجرمين أن يلتقطوا شخصا ليساعده على حمل الصليب

وفيما هم خارجون وجدوا إنسانا قيروانيا اسمه سمعان، فسخروه ليحمل صليبه. (متى ٢٧: ٣٢)

فسخروا رجلا مجتازا كان آتيا من الحقل، وهو سمعان القيرواني أبو ألكسندرس وروفس، ليحمل صليبه. (مرقس ١٥: ٢١)

ولما مضوا به أمسكوا سمعان، رجلا قيروانيا كان آتيا من الحقل، ووضعوا عليه الصليب ليحمله خلف يسوع. (لوقا ٢٣: ٢٦)

ياله من إجرام ما بعده إجرام ، وياله من ظلم ما بعده ظلم أن يقوم شخص تصادف مروره بعمل مرهق مهين إكراها وظلما، ولعل الجنود الرومان خشوا أن يموت المسيح قبل صلبه، الأمر الذي يجعلهم تحت طائلة المساءلة القانونية ، أو أنهم أرادوا إتمام الصلب على وجه السرعة....

لقد نال سمعان القيرواني شرف أن يشارك المسيح في حمل صليبه، ولاشك في أن هذا سيحسب له في الحياة الأبدية رغم أنه فعله مكرها مضطراً...

ستبقى البشرية حافلة بالظلم والاستبداد والتعسف في استخدام السلطة وقهر الغلابة والضعفاء و الغرباء. لكن لكل ظلم نهاية وسيعطي الكل حسابا ، وستنتصر الحقيقة وسيشع النور وسيموت الظلم وفاعلوه بعد عقابهم عقابا إلهيا.