د. وسيم السيسي
أبيدوس هى مدينة غرب البلينا محافظة سوهاج، وهو اسم يونانى مشتق من اسم مصرى قديم (آب دو)، من أشهر معابدها: أ- سيتى الأول، ب- رمسيس الثانى. الشىء الغريب أن رمسيس الأول والد سيتى الأول، وجد رمسيس الثانى كان من أتباع ست، واختار اسم سيتى على اسم المقدس «ست»، ويبدو أن سيتى الأول حين وجد الشعب محبًا لأودريس «أوزريس»، أقام له معبدًا فى أبيدوس، ومقبرة رمزية للمقدس أوزريس، يعتقد الناس أن أودريس كان مدوفنًا فيها. هذا المعبد كان مدفونًا تحت الرمال، فسمى بالعرابة المدفونة، ويقال إن كلمة عرابة كلمة مصرية قديمة. أكمل رمسيس الثانى بناء المعبد لتقديس أودريس، إيزيس، حورس.

كانت أبيدوس عاصمة لمصر من قبل عصر الأسرات وحتى الأسرة الرابعة فى الدولة القديمة، الكتابات بالبارز والغائر حتى لا يمحوها الزمن!. معبد أبيدوس به قائمة للملوك تحتوى على ٧٦ ملكًا، لا نجد لقب فرعون فيهم، أما لقب فرعون فى الكتب المقدسة فهو ينطبق على أحد ملوك الهكسوس، وقد كانوا ٨١ ملكًا، آخرهم أبوفيس.

جدير بالذكر أن هناك فى الكرنك قائمة بأسماء الملوك وعددهم ٦١ ملكًا، أما قائمة ملوك تورينو فهى تقلب التاريخ رأسًا على عقب، لأنها تذكر لنا الملوك الذين حكموا مصر منذ ٣٥ ألف سنة حتى الأسرة ١٨، لأنها كتبت فى عصر هذه الأسرة فى الدولة الحديثة. عرفت مصر الحج لقبر أودريس، والحج كلمة مصرية معناها النور أو الضياء، وكانت أبيدوس هى الـ «كابا» أو الكعبة، وقد دخلت هذه الكلمة للإنجليزية Cube أى مكعب. كتبت مارجريت مرى فى كتابها «مصر ومجدها الغابر» ص٤٥٢: حور محب صاحب قانون حقوق الإنسان يقول: «التحية لك أيها القمر الذى يتفحص الحجيج». وذلك يوضح لنا الارتباط الشديد بين القمر وشعيرة الحج.

كانت كعبة الجزيرة مبنية قبل إبراهيم الذى أقام القواعد لبيت الله المحرم، والذى بناها هو أودريس، أما كلمة حجاز فهى من حج «نور»، آز؛ أى المتجه إلى، فتكون حجاز كلمتين مصريتين. لا نذكر معبد أبيدوس إلا ونذكر دوروثى إيدى المشهورة بأم سيتى!، طفلة بريطانية، وقعت فى سن الثالثة على السلم، جاء الطبيب أعلن وفاتها، عاد بتصريح الدفن، وجدها على قيد الحياة!، أصبحت تصرخ: هذا ليس بيتى!، أين القصر والحديقة؟. حار الأطباء فيها، زارت المتحف البريطانى القسم المصرى فى سن السابعة، كان الفرح الجنونى، كانت تقبل أقدام الملوك وتقول هذه هى بلدى. أرادت تعلم الهيروغليفية فكانت هى أستاذة معلمها، تزوجت المصرى إمام عبدالمجيد، جاءت إلى مصر، سجدت فى المطار، كانت أستاذة لسليم حسن فى الهيروغليفية.

قصت علينا فى كتابها أم سيتى، كيف انتابتها الأحلام بعد عودتها للحياة، وجاءها كاهن مصرى «حور- رع» أخبرها أن والدها كان فقيرًا، أدخلها معبد أبيدوس بلغت الثانية عشرة وكانت رائعة الجمال، خيروها بين المغادرة أو أن تكون راهبة خادمة للمعبد، اختارت البقاء، كانت تقوم بدور إيزيس فى المسرحية السنوية التى يحضرها الملك سيتى الأول، وفيها إيزيس تحيى أودريس من الموت بدموعها، ظهرت عليها أعراض الحمل وهى فى الرابعة عشرة، اعترفت بعد التعذيب أنها حملت من الملك سيتى، وهنا كان المأزق، فلا أحد قادر أن يخبر الملك، ولا المعبد يسمح لها بالبقاء، فكان الانتحار هو الحل!. أخبرها الكاهن: ولدت فى الشرق وتعيشين فى الغرب، كان اسمك بندرشيد؛ أى قيثارة الفرح فى مصر، فأصبح اسمك دوروثى إيدى فى إنجلترا وكان ميلادك ١٢٩٠ ق. م، ولكن ميلادك ١٩٠٤م فى إنجلترا، إنه Reincarnation أو تقمص الأرواح!.

سألت عنها أ. د. ميسرة عبدالله حسين، قال: أعرفها جيدًا، كانت لا تسمح بدخول المعبد إلا بكل احترام، فلا حذاء أو دخان، وكانت تعالج بالطب المصرى القديم، كانت وصيتها أن تدفن فى معبد أبيدوس، ولكن الدولة رفضت كما رفض المسيحيون والمسلمون أن يدفنوها فى مقابرهم فدفنت إلى جانب دير، قريبًا من أبيدوس، وصوت أبى العلاء يأتينا من بعيد:

ويُحمل من أرضٍ لأخرى وما درى/ فواهًا له بعد البلَى يتغربُ
نقلا عن المصري اليوم