عبقريّ نعم، إلا أنّه قبل كلّ شيء رجل صالح!
بقلم الأب فرانشيسكو شامبيرليان اليسوعيّ
عن الإسبانيّة
الأب جون جبرائيل الدومنيكانيّ
نال جوستاڤو جوتييرّث الجائزة الوطنية للثقافة في وطنه بيرو كونه مفكّرًا بيروفيًّا لم يؤثرِّ على الكنيسة في أمريكا اللاتينية فحسب بل على الكنيسة بأثرها خلال ٥٠ عامًا. وقد قال عنه سينيث لوبيث في مقال نشره في جريدة لا ريبوبليكا «إنه ليس ملمًّا فقط باللاهوت مجال تخصصه، بل بالفلسفة وعلم النفس». وأقول من خبرتي الشخصيّة، لديه أيضًا نظرة ثاقبة للسياسة وللكنيسة. لجوتيريث مقدرة عالية لعقد صداقات قويّة، أنا من أحد أصدقائه، وأستطيع القول إنّ هذه المقدرة تنبع من صلاحه، بصفته صديقًا وفيًّا. لقد نال الجائزة بصفته مفكِّرًا، إلّا أنّ ذلك يرتكز على كونه شخصًا مخلصًا لأصدقائه، ولمساهماته في الكنيسة حتّى تكون كنيسة الفقراء. في ذلك يتشبّه برفيقه الدومنيكانيّ المطران بارتولومي دِى لاس كاساس. فالاثنان كرَّسا حياتهما من أجل أن ينال الفقراء مكانتهم في الكنيسة والمجتمع. إنّه رجلٌ صالح، وُلد وبه مهارات وإمكانيّات طبيعيّة ساعدته في حياته. تلك الصفات تحلّى بها أيضًا في سني حياته مع أسرته وأصدقائه. عندما أقول: إنّ جوتييرّث رجلٌ صالح، أقصد أنّ صلاحه هذا مُكتَسب.
لقد ظلّ أعداء لاهوته يحاربونه من داخل الكنيسة وخارجها طوال ٢٠ عامًا متَّهمينه بكلّ التهم، بأنّه غير أمين للكنيسة، وبأنّه شوّه الإنجيل، وأنّه سياسيّ أكثر من أنّه لاهوتيّ، بأنّه كلّ شيء ما عدا أن يكون أمينًا للمسيح. لقد قلّ الهجوم اليوم عليه بعد أن أقرّ الڤاتيكان بأنّ فكر جوتييرث ولاهوته أمينان تمامًا للكنيسة. وخلال كل هذه السنوات الطوال لم يسمع منه أحدٌ أيّ كلمة مرارة أو احتقار ضدّ خصومه. إنّ بقائه أمينًا للكنيسة، وإن كانت غير كاملة دائمًا، له ثمنه بالطبع. إلّا أنّ ذلك علّمه كيف يصغي دائمًا إلى أيّ نقد جديد موجّه لفكره.
ما يلمسني حقًّا أنّ ما كان يشغله طوال هذه السنوات ليس ذاته، بل الحلم الذي حلم به قبله بارتولومي دى لاس كاساس «كنيسةٌ أمينة للفقراء، وهي من ثمّ، كنيسةٌ أمينة لإنجيل يسوع المسيح». إن كان هنا شيءٌ واحد يميّز الشخص الصالح، فهو إذًا تخلّيه عن ذاته في نضاله من أجل الحقيقة. ما كان يهمّه ليس نجاح لاهوته، بل أن ينجح الاختيارُ التفضيليّ للفقراء في داخل الكنيسة.
أعتقدُ أنّ شخص جوتييّرث وصلاحه، إلى جانب لاهوته، جعلنا نقترب إلى الإنجيل وإلى حياة يسوع المسيح وأعماله. وساعدنا على أن نفهم أنّ كلمة الله لها ما تقوله الكثير اليوم حول واقعنا. لا يعود ذلك إلى أصالة أفكاره فحسب، بل إلى صلاحه أوّل كلّ شيء.
إذا كان لكلماتي المسهبة هذه سوء الحظّ في أن تصل إليكَ أبي جوتيّيرث، فمعذرةً. إني أعلم أنّك لا تحتاج المديح ولا تبحث عنه. إلّا أنّ الصداقة تحتاج إلى الثناء على الصلاح والاعتراف به أينما وُجِدَ.
١٢ فبراير ٢٠١٣
عن مجلس رؤساء ءقاليم الرهبنة اليسوعيّة في أمريكا اللاتينيّة
https://www.cpalsj.org/gustavo-gutierrez-genio-si-pero-sobretodo-un-hombre-bueno/?fbclid=IwY2xjawGHRddleHRuA2FlbQIxMAABHT9ryZzj-uPRn1oVOFpkModsGkMPG5SoLAK3WoUcQSxY2ozwpCs0BTMzMA_aem_hF7UXUXUakbHlmVwIheokA