محرر الأقباط متحدون
تزامنا مع احتفالات الأقباط بأعياد الميلاد، سلطت جريدة “الدستور” الضوء على واحدة من أهم الكنائس الأثرية فى مصر وأقدمها، وهي “دير الملاك ميخائيل” بقرية كفر الدير بمركز منيا القمح بمحافظة الشرقية، وهي قائمة منذ آلاف السنين، وترجع نشأتها الأولى للقرن الرابع الميلادي.
 
بين جدرانها التى دارت عليه آلاف الأعوام، وقبابها المبنية على الطراز البيزنطى، وقناديلها التي لا زالت تحتفظ بشكل “لمبة الجاز”، وأبوابها التي تحمل أقفالا أثرية غريبة الشكل بالنسبة لعصرنا الحالي، كان هناك لقاء مع القمص ويصا حفظي، كاهن كنيسة الملاك ميخائيل الأثرية، والذي سرد لنا حكاية الكنيسة منذ نشأتها الأولى.
 
منشأة من القرن الرابع .. أول نشأة لكنيسة الملاك ميخائيل بالشرقية كانت عام 400 ميلادى :
حيث قال القمص ويصا أن كنيسة الملاك ميخائيل الأثرية الحالية، هى الجيل الثانى للكنيسة، و ترجع لعام 800 ميلادى، فيما يرجع جيل الكنيسة الأول لعام 400 ميلادى، وفى لقاء مع القمص ويصا حفظى، كاهن كنيسة الملاك ميخائيل الأثرية، أن الكنيسة الحالية هى الجيل الثانى للكينسة، وأن الجيل الأول كانت فى القرن الرابع، لافتا إلى أن نظام المبانى والأخشاب الموجودة فى الحوائط ، يرجع لعصر الدولة الفاطمية، وأن هناك ما يؤكد أن المبنى الحالى للكنيسة موجود من القرن الثامن ميلادى.
 
ومن الأقاويل الدارجة أن دير الملاك ميخائيل الأثرى بمركز منيا القمح، هو من المبانى التى بنتها الملكة هيلانا والدة الأمير قسطنطين حين دخلت المسيحية هى ونجلها، حيث بنت فى كل مكان مرت به العائلة المقدسة كنيسة.
 
وأكد أنه توجد قطعة خشبية موجودة على مذبح الكنيسة هي عبارة عن لوح خشبى مدون عليه تاريخ 810 وبما ان اللوح ليس مع بداية الكنيسة، فمن المرجح أنها مبنية من عام 800.  
 
كانت دير قديما ومتواجد بها “رهبنة الدار”
وأوضح القمص ويصا حفظة أن كنيسة الملاك ميخائيل الأثرية، كانت دير موجود به “ رهبة ”، وثابت فى تاريخ الكنيسة ان الكنيسة كان متواجد بها “ رهبنة الدار”، وهو نوع من الرهبنة بدأ في الاندثار فى القرن الـ11.
 
مبنية على النظام البيزنطى بتصميم السباعيات ونظام ال3 خوارس:
وتابع القمص ويصا، أن الكنيسة مبنية على النظام البيزنطى القديم، ونظام الـ3 خوارس “الخورس هو ساحة للصلاة ”، حيث تنقسم الكنيسة إلى خورس الموعوظين، وكان فى القرون الأولى مخصص لمن يدخل الدين المسيحى حديثا، ويتم تعليمهم الدين وتعاليمه، وبعد مرحلة معينة يتم تعميد المسيحيين الجدد، وينتقلون للخورس الثانى وهو خورس التائبين، ثم ينتقلون بعد مرحلة معينة يكتمل إيمانهم، ويخرجون خارج الكنيسة، وحضرون للصلوت وتكون المرحلة الأخيرة انتقالهم لخورس الإيمان أو ما يطلق عليه خورس المتناولين، ونظام الخوارس كان معمولا به القرون الأولى واندثر حاليا.
 
كما أن الكنيسة مبنية على نظام السباعيات، مصممة بـ7 قباب و7 أرجات و7 أبواب، ورقم 7 له مدلول في الدين، وتشكل قباب الكنيسة من أعلى شكل صليب.
 
أقفال الأبواب أثرية موجودة من القرن الثامن:
وبالسير قليلا إلى أبواب الكنيسة، توقف القمص ويصا حفظي عند قفل الباب بشكل غير مألوف لعصرنا الحالي، وتابع حديثه قائلا “إن قفل باب خورس الموعوظين موجود من الداخل لأن المسيحي الجديد لابد له من قرع الباب والسماح له بالدخول، أما باب خورس التائبية فقفله من الخارج، حيث يستطيع القادم للكنيسة فتح الباب والدخول كأول خطوة لأن يصبح من أبناء الكنيسة ومسموحا له بالدخول في أي وقت، والأقفال الحالية هي الأقفال القديمة الأثرية المتواجدة منذ نشأة الكنيسة”.
 
طافوس ولقان وحصن أثرى للحماية من هجمات الرومان من القرن الرابع والثامن :
واستكمل، أنه في خورس الموعوظين الموجود بالكنيسة، يوجد “طافوس”، وهي كلمة يونانية تطلق على المدفن، وهو مكان لدفن رهبان الدير، مؤكدا أن ذلك الطافوس لم يتم فتحه منذ500 عام، وعلى بعد خطوات من الطافوس توجد المعمودية الأثرية وهى عبارة عن حجر جرانيتي من الكنيسة السابقة منذ سنة 400 ميلاديا.  
 
وقال القمص ويصا، إنه في خورس التائبين يوجد حجر جيري من القرن الرابع يسمى “اللقان”، ويتم ملؤه ماء ويتم الصلاة فيه 3 مرات في العام، مرة في عيد الرسل، ومرة في عيد الغطاس، ومرة في خميس العهد.
 
و أوضح أن الكنيسة فيها حصن، وذلك لأنه في عهد الرومان، كان يتم الهجوم على الكنيسة، والحصن بصفة عامة لا يوجد إلا فى الأديرة الأثرية، وكان الكاهن يأخذ الذبيحة ويهرب بها ويتمم الصلاة ويحتمى من الهجوم حتى ينتهى من الصلاة، وتحتوى الكنيسة على مجموعتين من الأيقونات، 4 أيقونات منها يرجع للقرن 11، وأيقونات نادرة تجسد معجزات لمارجرجس وأيقونة نادرة تجسد مشهد صلب المسيح، وأيقونة للقديسة دميانة.  
 
ظاهرة تعامد الشمس بالكنيسة
وعن ظاهرة تعامد الشمس، قال القمص ويصا حفظي، إن ما يحدث فى الكنيسة هو تعامد حقيقى، وقد أوفدت جامعة يونانية فريقا من الأساتذة لدراسة الظاهرة بالكنيسة، وأقاموا بها عدة أيام وتركوا دراسة خالصة توضح أن ما يحدث تعامدا حقيقيا، لافتا إلى أنه وعلى الرغم من عمر الكنيسة الطويل، إلا أنه تم اكتشاف التعامد مؤخرا فى أوقات ومناسبات مسيحية خاصة، وبدأت الكنيسة فى استقبال مشاهدى التعامد منذ عام 2012.
 
وتابع: «يحدث التعامد 3 مرات سنويا، أولها فى أول مايو فى عيد استشهاد مارجرجس، ويوم 19 يونيو يحدث تعامد فى عيد الملاك ميخائيل، والذى سمى الدير على اسمه، وهو عند المسيحيين شفيع البشر وشفيع مياة النيل، وكان قديما هناك عيد فرعونى يعرف باسم 0عيد النقطة)، وكان يحتفل به الفراعنة مع نزول أول نقطة مياة من النيل في الفيضان، وخصصه الأقباط كعيدا للملاك ميخائيل وهو تاريخ التعامد الثانى، عيدا للملاك ميخائيل، والتعامد الثالث والأخير يوم 22 من شهر أغسطس وهو عيد صعود جسد السيدة العذراء.
 
البئر الأثرى بالكنيسة
وأوضح القمص ويصا حفظى، أنه قد تم اكتشاف بئر فى الكنيسة مع ترميمها، وعُرفت الأبيار فى الكنائس والأديرة الأثرية،  وقصة اكتشافه ترجع لوجود أحد الأساتذة فى علم المياةالجوفية، أثناء الترميم، والذى سأل عن وجود بئر وكان ليس هناك أي معالم تدل على بئر، وبسؤال أحد كهنة الكنيسة القدامى والذى يدعى “عبد السيد”، وكان يبلغ وقتها من العمر ما يتجاوز الـ91 عام، أكد ان جده كان كاهنا أيضا بالكنيسة وكان دائما يقول أن هناك بئر مردوم فى ساحة الكنيسة الخارجية، وبالبحث في المكان الذى أخبرهم به وجدوا البئر فعلبا، وتبين أنه يرجع لعهد الدولة الرومانية، حيث كان الرومان ينشؤون البئر بنظام الغرف السفلية، التي تحتوي على رمال أو زلط وغيرها لتنقية المياه.