Oliver كتبها
-الله أوقظنى مبكراً. يونان,(قم إذهب إلى نينوى المدينة العظيمة و نادِ عليها لأنه قد صعد شرهم أمامى)صوته هز أعلي جبل الجليل حيث يطل بيتى على البحر و أطل عليه كل يوم..أنا أعرف أن كلمة الله لا تأت غامضة بل واضحة ومقصودة .لينقاد بها من فيهم روح الله.عرفت أنه إلى نينوى يجب أن أتجه.الله يعرف ماذا يقصد لا يختلط عليه أمر فالكل واضح قدامه كبحر البللور. كنت  منتبهاَ بالتمام لكننى  غير مصدق ما سمعته أذناى.هل إلى نينوى أذهب؟ منذ متى يذهب الأنبياء إلى حيث لا يهود ؟

- قدماى متثاقلتان.أجر أمتعتى بتأفف.تنحدر معى و بى من الجبل إلى البحر.أتمني لو جف البحر أو تختف السفن حين أصل لكن البحر لم يجف و السفن متزاحمة من و إلى كل صوب. متكدر أنا و النوتية تنادى أسماء البلاد.لا أريد نينوى.منطقى يرفض  كلمة الله.لكن كلمة الله لا تُمنطَق.فى أذنى صوت الله يردد نينوى و فى أذنى كذلك صوت النوتية يردد أسماء البلاد  الكثيرة وأنا  يونان متحير وأفكر.

- نعم  نينوى مدينة عظيمة.عاصمة آشور فى أوج عظمتها.أخى ناحوم تهكم عليها بمرثية نرتلها منذ ما يقرب من مئتى عاماَ,تنبأ طويلاً عن ثمن شرورها.قال أنها مدينة الدماء كلها ملآنة كذباَ و خطفاَ نا3: أكثر من مئة عام و نحن اليهود نكره نينوى منذ حاصر ملكها  سنحاريب أورشليم 701 ق.م  2مل18: 13 و19: 37.فإن كانوا قد ذبحوننا فى بلدنا فماذا سيفعلون بى أنا اليهودى فى بلدهم؟يقول الصوت أنها عظيمة و أنا لا أراها عظيمة لأجل شرها فلماذا أذهب إليها هل لكى أُذبح هناك؟أنا أكره نينوى.

- عقلى يتذمركمن يصلى,لقد نزلت يا رب إلى سدوم كأنك تتحقق من شرها قبل أن تبيدها تك18: 19 فلماذا لا تنزل بنفسك على نينوى و تقلبها كما تشاء دون أن ترسلنى؟ لماذا تورطنى؟أرسلنى مكاناَ آخر.

 - صوت النوتية يقترب إلى قلبى,سفناً تغادر و أخرى تجئ و الأسى على الشاطئ يتملكنى.أسمع أسماء كل البلاد بإنتباهٍ  إلا نينوى,نادى أحدهم على سفينة ترشيش فإنتبهت.رنت فى مسامعى كالنغم. بين نينوى و ترشيش كل جزر العالم. خمسة آلاف و نصف كيلو متر المسافة بين نينوى و ترشيش .من أشبيلية جنوب أسبانيا إلى نينوى الموصل شرق دجلة.اعرف أن ترشيش آخر العالم.ليت الله أرسلنى آخر العالم.

- نحن اليهود نحب ترشيش .ترشيش إبن ياوان إبن يافث إبن نوح البار تك 10: 4 هى صاحبة فضل علينا نحن اليهود.نتذكرها كلما ندخل الهيكل.منها جاءت الفضة والذهب و الحديد لبناء الهيكل إش60: 9.تحالف سليمان مع حيرام ملك صورفجلب لنا منها الخيرات .يهوشافاط أسس ميناء عصيون جابر و بني أسطولاً لحساب ترشيش ليتاجر و يربح.(2أخ20: 36) (حز25:27) كل ملوكنا أحبوها 1مل10: 22. من حجارتها زين كهنتنا صدرتهم بزبرجد من ترشيش.يفرش المقتدرون أَسِرتهم بالطاووس من هناك.يتنعمون بالعاج ويتسلى الفقراء بالقردة من ترشيش مز72: 10 حز27: 12 أنا أحب ترشيش.

– الله فوق ينظر و أنا تحت متردد.بين نينوى و ترشيش يتقلب قلبى.لست متشجعاَ لأضع قدماَ فى سفينة لكن ساعات النهار توشك أن تنقضى و أنا جمعت حاجياتى لأنى أعرف أننى لن أعود حياً.كل السفن حاضرة .كل البلاد ممكنة. كل الإتجاهات متاحة .سخاء البحر حاضر و أذنى توجعنى من إسم نينوى. فلماذا تحاصرنى يا صوت الله.إلى أين أهرب منك؟إلى آخر الأرض أهرب.أمضى لعلك لا تطاردنى.

- أغلقت أذنى وقبل أن أضع قدماً فى سفينة ترشيش طلبوا أجرة.دفعت عن طيب خاطر .كنت مجهداً رأسى توشك أن تنفجر.ألقيت بأمتعتى بلا إكتراث. إلى القاع نزلت أغلقت عينى كي لا يرانى !  و نمت سريعاً.كان النوم فى جفونى أثقل من أمتعتى.

الريح الهائجة فى بحر يونان -2-
-لا تسلنى كيف نمت فأنت لا تعرف طعم نوم اليائسين.النوم فى أسفل السفينة يستحضر قدامى كل ما هو أسفل.العالم فى القاع يحاصرني.أمتعة الناس و القوارض و الخراف يتدحرجون معاً فوق رأسي.خبطات فى قاع السفينة كأنها تتفسخ و هى سائرة.ضاق قلبي بكل شيء حتى صار العالم كالقوقعة.
- البحر هائج فى فكرى.السفينة تصارع البحر كمن يتقاتلان.صوت الله يردد نينوى نينوى كعاصفة تدوى.صوت الريح يرتطم بالسفينة  كأنه يلطمنى . عيناى منغلقتان و الظلمة تغشانى.الضيق يخنق قلبى.

- ما نمت و لا أستيقظت.بعد قليل إرتطم برأسي قطعة حديدية فإنتبهت متألماً.نظرت فوجدتها شاقلاً كبيراً.ظننتها مكافأة من فضة ترشيش.لكن ما ظننته هدية كان القرعة التى حكمت على بالموت دون أن أدرى.رؤوس النوتية متدلية نحوى من فتحة على سطح السفينة.يستنهضونى بصوت أجش قُم.

- ما الأمر؟ قلت متضجراً.سألونى كثيراً كمن يحاكمون مذنباَ لإعدامه.كان النوم فى جفنى كالموت و كان الصوت الإلهى نينوى نينوى يذبحنى.فأجبت أسئلتهم دون إنتباه.فالهاربون من الله يتوهون قدام الأسئلة و إذ يفقدون نعمتهم لا يميزون بين نينوى و ترشيش ولا بين الطاعة و الهروب.يقودهم الموت.

- أنا النبى صرت مصيبة لسكان بحر العالم. تسونامى أرعبهم بالريح الهائجة.صرخ الوثنيون لألهتهم. لم يهرب أحدهم من إلهه ؟أنا وحدى هربت؟تضاءلت جداً فى عينى لما سألونى لماذا هربت لم أستطع الإجابة فالصوت صارخ فى أذنى لعلهم يسمعونه معى.سألونى و ما العمل؟قلت اطرحونى للموت.

- حين تهرب من الحياة تجد الموت فى كل شيء.فى السفينة موت.فى البحر موت.فى الريح موت.القرعة تأتى بالموت و لأن الموت ملأ الفكر أجبتهم أن نجاتهم فى موتى.

- سألونى عن إلهى فأجبتهم.لم يجدوا فيه ما نهرب منه فنظروا إلى متشككين في عقلي.أحبوا إلهى أكثر منى.حتى أنهم تراجعوا عن إلقاءى فى البحر برغم القرعة.تعلمون أن القرعة فى البحر حكماً نهائياً.أرادوا إعادتى لأذهب نينوى لأنهم أرادوا إسترضاء إلهى و نسيوا آلهتهم.لكنهم كلما جدفوا نحو الطريق عائدين كلما زادت الأمواج إرتفاعاً و الريح هاجت أكثر كأن حكماً صدر من فوق و نزل على فى قاع السفينة بأننى يجب أن أموت .هربت من الله فكيف أهرب من الموت؟كلما جدفوا تقترب السفينة من التمزق فتوقفوا عن المحاولة مستسلمين لحكم القرعة.

- نظروا فى عيني قائلين نحن نخشي إلهك لكنه قضى بموتك.سيسامحنا كما قلت أنه رب البر و البحر.سنقدم عنك ذبائح لعل إلهك ينقذنا من البحر الهائج.سنذكرك يا رجل.سنتشفع لك بذبائح.سننذر أن نصير له و لا نهرب منه أبداً .أنت الرجل الذى قدم لنا إلهه لنقدمك إلى إلهك ما دام هو إله البحر فسنلقيك لإلهك فى البحر فتصير له .لا نريد أن دماً بريئاً يطلب من أيادينا فقد آمنا بإلهك أنه الإله الحق.

- وضعوني على خشبتين كصليب لعلي أتعلق بالخشبة فلا أموت .كانوا يستخدمونها ليرموا من يموت في السفينة أما أنا فجعلونى على الصليب حياً و ألقونى .كان الموج قريباً فإلتقطنى للتو.تفرق الصليب فى كل إتجاه مع الريح الهائجة.ملأ الصليب البحر قدامى  و أنا نازل  إلى الأعماق محمولا.قتلتنى ترشيش التى أحببتها .

- الماء يتدافع من كل صوب لكننى وجدتنى أدخل غرفة دافئة وسط الأمواج الباردة.تكومت فى أحد الأركان المظلمة لا أرى أين أنا .إله البحر أرسل غرفة دافئة فى الأعماق .ما أبدعه أهذا عمله من أجل الهاربين؟