تخيل كده لو زير الأوقاف أستاذ فلسفة ، أو أستاذ في القانون ، أو أستاذ في علم الاجتماع ، أو أستاذ في أي علم من علوم المعرفة العملية أو الإنسانية ، وتخيل كده لو الأستاذ ده حط الشعب في قلبه وقال في نفسه : أنا لازم استخدم كل الجوامع التابعة لوزارتي في إخراج الناس من الكابوس إللي عيشهم فيه المشايخ ، فإيه يفيد الناس لو فضلت سايبهم للمشايخ يكلموهم عن الفتوحات ، إيه فايدة الكلام المكرور عن الإسراء والمعراج ، إيه إللي استفاده الناس من الكلام عن أبو لهب ، أو عن غيره من قريش ، هو إحنا هانفضل عايشين في نفس الحكايات إللي ثبت إنها لا بتودي ولا بتجيب ، ولا حتي بتساهم في تغيير أي حاجه في حياة المصريين ،

إيه رأيك لو الأستاذ ده بعد مامسك الوزارة قعد علي مكتبه وطلب مساعدينه وقالهم : أنا مش عايز مشايخ في وزارتي ...المشايخ معندهمش غير الكلام عن النسوان..النفاس ...والعدة ....والرضاعة... والطلاق...والسفور ....وشكل الملابس ...وحقوق الزوج عليها...وتخرج ولا متخرجش ، المشايخ مهندهمس غير حكابات عن عقبة بن نافع ، وخالد الوليد ، والقعقاع ، وفتح مكه والأندلس...المشايخ عيشوا المصريين في غيبوبة...طلعوهم من زمانهم وعبشوهم في الماضي البعيد ومنعوهم حتي من التفكير في مستقبلهم ....أنا عايز أعرف إيه إللي بيستفيده الناس لما يقعد الشيخ يكلمهم في خطبة طويلة عريض عن فضل شهر شعبان ، إيه بأه إللي زاد علي الناس لما يكلمهم خطيب الجمعه عن وصول الأسلام إلي الصين ، هو إيه يفيد الاسلام أو المسلمين دلوقتي لما نفضل نقولهم إن إحنا في يوم من الأيام وضعنا قدم في الصين والقدم الأخري في الأندلس؟ ، شعوب كتير عملت امبراطوريات مترامية الأطراف بس خلاص كل ده أصبح ذكري لكن إحنا حولناه لأوهام. 
 
إيه رأيك لو الوزير الجديد ده شخط في مساعدينه وقالهم : خلاص ...كفاية كده....أنا عايز أشرك المصريين في الحياة ...أنا عايز أطلعهم من الغيبوبة دي ....أنا عايزهم يفهموا في القانون...والسياسة...والزراعة...والتكنولوجيا....والطب....وعلم الاجتماع...أنا عايزهم يعرفوا تاريخهم..تاريخ أجدادهم الحقيقيين.....أنا عايز أفتح عيونهم علي إللي بيجري في العالم...عايزهم يفكروا في بكره مش في إللي حصل من ألف وربعمبت سنة فاتت ...انا عايز المصلين يدخلوا مع الإمام في مناقشات حوالين المستقبل...عايز أستنهض هممهم وعايزهم يشغلوا عقولهم ويطلعوا من حالة الموات إللي هما عايشين فيها دي.
 
إيه رأيك لو الوزير ده أصدر قرار بتعيين أئمة من خريجي كليات العلوم والهندسة والحقوق والزراعة والطب والآداب بعد تدريبهم علي كيفية شرح مواضيع تخصصاتهم للمصلين ،وبعد تدريبهم كمان علي كيفية إدارة حوارات ومناقشات مع المصلين حوالين مشاكلهم ومتاعبهم وطموحاتهم وآمالهم ، أنا عايز كل مسلم يعرف لوحده الصواب من الخطأ ، والحرام من الحلال ، أنا عايز كل مصري سواء امرأة أو راجل يبقي مسئول عن نفسه وملوش دعوه بحد ، يفكر إزاي يعمل الصواب بنفسه لنفسه ، وإزاي يتجنب كل ما هو مخزي ومعيب.
 
إيه رأيك لو أصبح الجامع مدرسة للفكر وحرية الرأي ومعرفة ما يدور في العالم من تقدم إنساني وعلمي ، إيه رأيك لو أصبح الجامع منارة للمستقبل ومعهد لإيقاظ العقل واكتساب المعرفة ، إيه رأيك لو المسجد أصبح الوسيلة إللي تطلعنا من كابوس الماضي وتحطنا كده بكل بساطة في المستقبل.
 
مش كفاية بأه إللي نقوله نعيده ، وإللي نبات فيه نصبح فيه ، مش آن الأوان فعلا إننا نصحي ونعيش زماننا.
يعيش الوزير الجديد.