بقلم أ.د. محمد نبيل
  جامع أستاذ علم اجتماع التنمية بجامعة الإسكندرية 29 مايو2012 mngamie@yahoo.com 01227435754 كان مؤتمر اللجنة العليا للانتخابات لإعلان نتيجة المرحلة الأولى من الانتخابات لقاءً عصبيا سادته جفوة وفجوة غريبة بين اللجنة والإعلام. اللقاء سادته سلطوية واستعلاء فاقا مؤتمرات الجنرالات العسكرية بعد مذابح ماسبيرو وغيرها. القاضي حتى ولو حكم بالإعدام يجب أن تتلمس منه الرحمة والهدوء والتعاطف مع إنسانية المتهم. قال الحبيب صلى الله عليه وسلم: إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته. لقد أقبلنا نحن المشاهدين على المؤتمر لمجرد سماع نتيجة الانتخابات، فإذا بنا نصاب بجرعة من الإثارة والعصبية لست أرى مبررا لها حتى الآن. كان القضاة في الخمسينات يسعون لكي يتساوى كادرهم الخاص مع كادر أعضاء هيئة التدريس بالجامعة، فحققوا مأربهم، بل وأصبح كادر القضاء يعادل الآن ثلاثة أضعاف كادر أعضاء هيئة التدريس بالجامعة، وناهيك عن المزايا العينية والمعنوية الأخرى.

هنيئا لهم، ولكن أحوال القضاء في مصر الآن يتعجب لها الرائي. فعلى سبيل المثال بعد خمسة عشر شهرا من قيام الثورة وحتى الآن، كم قضية حولت للقضاء وكم قضية تم الحكم فيها؟ ثم ما هذا اللغط القانوني والتواؤم السياسي الذي يدعيه بعض القضاة الآن في الفضائيات على أنه معيار للحكم دون الالتزام بالقانون مائة في المائة؟ هل يعلم القضاة أنه قد حدث في مصر ثورة يطلقون عليها ثورة 25 يناير؟ أليست الثورة واقعا؟ قد يرد بعض جهابذة القضاء، وما علاقة القضاء بالثورة؟ القانون هو القانون. فإذا كان هذا ردهم، ألا يعنى ذلك أنهم حينئذ منفصلون عن الواقع؟ نحن في علم الاجتماع يوجد تخصص فرعي يسمى "علم الاجتماع القانوني، أو علم اجتماع القانون" وأنا شخصيا لست من متخصصيه أو حتى من هواته. وفي المقابل أتساءل فقط: هل يدرس طلاب القانون الذين يدخلون السلك القضائي دون دراسات عليا هل يدرسون علم الاجتماع؟ وإذا كانوا يدرسونه هل يدرسون فرع "السلوك الجمعي" الذي ينضوي على الحركات الاجتماعية والثورات وسلوك الحشد والجماهير وغير ذلك؟ يبدو لي أن مؤسسة القضاء والسلطة التشريعية قد آن لها أيضا أن تعترف بالثورة، فالثورة جامعة لكل قطاعات المجتمع التنفيذية والتشريعية القضائية، وإلا فنكون ممارسين لمهارة "العجز المكتسب" التي تعني "المناسبة في مناسبة غير مناسبة".