احتفاء وفرحة كثير من المسلمين، خاصة السلفيين، بالبقع البنفسجية التى ظهرت على جسد السباح الأمريكى مايكل فيليبس فى أولمبياد ريو، إن دل على شىء فإنه يدل على مدى البؤس الذى أصاب عقل وفكر ووجدان أصحاب عقيدة ودين أول كلمة نزلت فى كتابه كانت «اقرأ»، أى تمعن وتدبر وتفكر واقرأ العالم لكى تبدع وتطور وتغير وتحضر، سبب الفرحة العارمة التى غمرتهم كانت لأن هذه البقع كانت من أثر الحجامة واعتبروا أن فيليبس دخل الإسلام واقتنع بتعاليمه وأن هذا تأكيد للإعجاز العلمى ومصداقية الإسلام والطب النبوى، لذلك أريد التأكيد على بعض الحقائق وأطرح بعض الأسئلة:
أولاً إسلامك لا يحتاج إلى تسول مصداقية من سباح أو ملاكم، وأنت عندما تحتفى بمثل هذه الأخبار وتعتبرها انتصاراً لدينك فإنك تضفى على هذا الدين هشاشة وتعتبره فاقداً لجهاز المناعة من الممكن أن يسقط مع أى ميكروب خارجى، وإلا فلتسأل نفسك لماذا لم يرقص الصينيون فرحاً وكل وسائل الإعلام التى تناولت الخبر تقول عن هذه الممارسة إنها صينية الأصل؟! لم يهتف الصينى ها هى البوذية قد انتصرت وصدق بوذا.. إلخ، لماذا لم يفعل؟ لأنه شخص واثق من نفسه ومن علمه وقدرته على تطوير هذا العلم، ولأنه لا يخلط الدين المطلق بالعلم النسبى، لذلك لم يبال بالخبر ومر عليه مرور الكرام مثلما يقرأ خبراً عن حفل لعمرو دياب فى مارينا.
ليس اسمه الطب النبوى ولكن اسمه الطب الذى تمت ممارسته فى زمن وعصر النبى والذى لو كان موجوداً بيننا الآن لكان قد اتبع كل ممارسات الطب الحديث وأجرى سوناراً ورنيناً مغناطيسياً.. إلخ، ومن يطلب منى أن أعالج بالكى والحجامة الآن كمن يطلب منى تخدير المريض قبل الجراحة بضربه على أم رأسه بالشاكوش! وهمسة فى أذن الدعاة المتاجرين بالطب النبوى الذى منه النبى براء لماذا لا يطبقون النقل النبوى ويركبون الناقة بدلاً من المرسيدس؟! بقع فيليبس البنفسجية هى نتيجة ما يسمونه كاسات الهوا وهى التى توضع دافئة على جلد الظهر لتحدث تفريغ هواء، والسباح يقول إنه يحس أن ألم التمرين والإجهاد قد خف، هذا غير الحجامة كما يفعلها الدجالون هنا، التى يدعون أنها تشفى أكثر من ثمانين مرضاً وأنها تجرى فى الليالى القمرية، إلى آخر هذا العبث والهراء الذى لا يمت للدين أو العقل بصلة، الحجامة معناها اللغوى فصد الدم وهذا ما يفعلونه فى العالم الإسلامى، يشرّطون الظهر بالموس لينزف المريض فى الكأس، ويضحكون على هذا الغلبان ويوهمونه قائلين «خلصناك من الدم الفاسد»! وبالطبع وبعد أن عرفنا تكوين الدم بالعلم الحديث تأكدنا من أن عبارة دم فاسد هى من الفولكلور ومكانها متحف الحفريات الطبية إلى جانب مفهوم أن الأمراض النفسية نتيجة عفاريت!!
العلم الطبى لا يؤخذ من سباح ولا من ملاكم، العلم الطبى له مراجعه ويعتمد على ما يسمى الطب القائم على الدليل، وكل العلماء يعتبرون كلاً من الحجامة أو حتى كاسات الهوا إجراء لا ينتمى لعلم الطب بأى صلة من قريب أو بعيد، بل يذهبون إلى أبعد من ذلك فمنهم من يصفه بأنه مضحك ومنهم من يتهم صراحة من يجريه بأنه مجرم.
نقفل الشباك ولا نفتح الشباك، نريد من السلفيين أن يريحونا هل نقلد الكفار الأمريكان أم نخاصمهم؟! عندما يقول الأمريكان إن المثلية الجنسية ليست مرضاً يصرخ السلفيون الكفرة الزنادقة دعاة الإباحية اقتلوا الأمريكان أو اطرحوهم أرضاً، وعندما يخرج فيليبس بتقليعة كسب قبلها وبدونها 22 ميدالية ولم يقل أحد إن هذه الميداليات كانت بسبب أنه مسيحى أو بسبب كأس النبيذ الذى يتناوله أو بسبب أنه على علاقة حب مع امرأة خنثى، ولكن قالوا إنها بسبب جهده وعرقه ومثابرته، عندما يخرج علينا هذا السباح ببقعه البنفسجية نعتبرها غزوة الحجامة ونعدها فتحاً مبيناً لأمريكا المؤمنة التقية، إخوانى السلفيين الحضارة باكيدج على بعضه يا تاخده وتشيله كله يا بلاش، الحضارة مش شادر خضار بتنقى منه حضرتك الفجل الورور والخيار الصابح، وأسبابها اللى لازم ناخد بها وهى العقل والعلم فى دراسة كل ما هو أرضى وحياتى ودنيوى، لذلك أنا حزين حين أراك تتسول كارت اعتراف بدينك من سباح عامل حجامة أو لاعبة فولى بول لابسة كارينا!!
نقلا عن الوطن