د. مينا ملاك عازر
لم أكن موجود حينما دخل فكر التبرع لمصر، لكن قالوا لي أنه دخل ماشياً بعد ما لم يجد ما يأكله في التكيات التي كانت مفتوحة في شبه الجزيرة العربية حينها، وحينها فقط بدأت المشاريع القائمة على التبرعات مشروع القرش ومقاومة الحفاة ووصولاً للتصبيح على مصر، من يومها الفكر تغلغل ولا أنكر أن مصر محتاجة التبرع لها، وتستحق لكني دائماً ما أسأل إذا كان الكل يقول تبرع ولو بجنيه، عارفين قيمة الجنيه؟ إذن لماذا يتركونه فريسة للدولار.
على كل حال، لا محيص أن أفضل أساليب التبرع الحكومي تلك التي انتهجها السيد زعزوع المحترم والذي كنت أكن له كل تقدير حين عرض صور لمصريين تضرروا من وقف السياحة لجلسة يحضرها وفود أجنبية، السيد زعزوع يستدر عطفهم واستدراراً لعطفه أناشده أن يرى بأمة عينه حال السياح في مصر وحال الأجانب، فثمة من يقصف جواً، ومن يموت تعذيباً، ومن يسقط من الجو، بالذمة ده حال أجانب في بلد تعتمد على السياحة يا سيادة الوزير.
سيادة الوزير، تبرع ولو بفكرة صائبة لعودة السياحة ورحلات الطيران من روسيا وبريطانياً وإيجاد أسواق بديلة، فكر التبرع الذي تنتهجه لن يزيدهم إلا قلق من حال بلد يكاد أهله يتسولون كما تصوره لهم.
أنا فاكر من مائتين سنة، كنت ماشي، وكان في البلد أجانب وسواح وجاليات أجنبية وبعدها بحوالي سبعين سنة قتل مصري رجل ملطي، فدخلت بريطانيا مصر محتلة، وبعدها بأكثر من مئة عام أهمل مصري تأمين روس فخرجت بريطانيا من مصر سياحياً بعد أن كانت قد خرجت منها استعماراً قبل ذلك بستين سنة.
لا أستطيع أن أفهم فكر الاستسهال التبرعي، لكن أستطيع أن أدرك أن من ليس لديه عمل فليشحذ ومن الشحاذة على الأبواب لشحذ الذهن، يكمن الفرق بين من يريد أن وطنه ينجح ومن يريد أن وطنه يشحذ وألف سلامة على بلد كانت تتبرع للناس، فلم تجد من يتبرع لها ولو من بنيها العاملين وزراء بها بفكرة واحدة.
وعلى العموم، أقترح متبرعاً باقتراحي هذا للسيد زعزوع بأن يأخذ صور المضارين من توقف السياحة وليعرضها على وزارة الداخلية لعل يحيي بهم نخوة مصري، ويقومون بتأمين المطارات، ويوافقون على أن تؤسس شركة لتأمين المطارات ليطمئن لها السواح، فيأتون للبلد ولنكتفي بهذا الاقتراح تبرعاً، ولنبدأ نعمل ليرى الله أعمالنا وينجحها.
المختصر المفيد كما أن الدول لا تقوم على النوايا الحسنة، التسول لا يقيم السياحة من عثرتها.