قال الرئيس عبدالفتاح السيسى «لا أخاف سوى الله، وأخاف أن نختلف مع بعض؛ لذلك طالبت بإعداد قانون لتجريم الإساءة لثورة يناير أو يونيو تمهيداً لعرضه على مجلس الوزراء».
هل نحن فى حاجة إلى مثل هذا القانون؟ هذا هو السؤال. وهل نحن فى مواجهة إساءة لثورتى يناير ويونيو أم أن الواقع يقول إن الإساءة لا توجه سوى لثورة يناير فلا يسىء لثورة يونيو سوى الإخوان، ونحن هنا لسنا بمعرض الحديث عن الإخوان لأنهم فى الواقع خارج كتلة الوطن الذى يستدعى الحديث عن تماسكه استهداف قطاع كبير منه ثورة يناير والإساءة إليها. المشكلة هنا ليست الغضب الذى تثيره الإساءة لثورة الشعب بل ما تفعله هذه الإساءة بالنظام الذى يحاول أن يرسى دعائمه الآن فى تحديد مواقفه ليس فقط من هذه الثورة بل تحديد مواقفه من المصالح المتعارضة لمن ينتمون لهذه الثورة ومن أيدوها وأيدوا مطالبها وهم جموع الشعب المضار من نظام مبارك وانحيازاته ومن ينتمون لهذا النظام ومصالحه التى تتفق مع مصالحهم ومنهم من عمل لهذا النظام بشكل يكاد يكون مباشراً إن لم يكن مباشراً فعلاً... إن ارتفاع صوت من يسيئون إلى ثورة يناير طوال الفترة السابقة بشكل لافت ودون أن يوضع له أى حد قد أضر بالنظام لأنه ببساطة قد حسب عليه بل إنه أيضا قد بدا وكأنه تمهيد لإصدار حكم براءة مبارك والعادلى ومعاونيه... لست هنا فى معرض تبرئة النظام والقضاء ولا إدانتهما. ببساطة لأننى لا أمتلك الدليل الدامغ على الإدانة أو البراءة لكننى أستعرض الأكثر تأثيراً؛ وهو ما استقر لدى الكثيرين نتيجة لما جرى من تشويه وإدانة إلى حد المطالبة بإعدام الخونة على الهواء مباشرة.
مرة أخرى الرئيس السيسى يعلن عن قانون للإساءة للثورة؛ وهو ما يمكن أن يعد تدخلاً فى حرية الرأى والتعبير، بينما هناك سؤال يصبح ملحاً هنا ولا يمكن الإفلات من طرحه ألا وهو من يقومون باستهداف ثورة يناير بشكل فج وملحوظ، وكأنه «تار بايت» بينهم وبينها ومعروف تماماً انتماءاتهم للأجهزة الأمنية؛ لذا يغدو السؤال: هل نحن فى حاجة لقانون ضد الإساءة أم أننا فى حاجة إلى أن يلفت الرئيس نظر هذه الأجهزة التى تتبعه فى الواقع إلى ضرورة أن تتوقف عما تفعله؟ ليس دفاعاً عن ثورة يناير بقدر ما هو دفاع عن الجبهة الداخلية التى يمزقها مثل هذا الهجوم على الثورة... المسألة هنا ليست من اعتبروا رموزاً للثورة حقاً أو بطلاناً بل من خرجت هذه الثورة أصلا من أجلهم ومن أجل حقوقهم الضائعة... استهداف الثورة وتحويلها إلى مؤامرة واستهداف الثوار وتحويلهم إلى خونة لم يفعل شيئاً سوى شرخ جسد الوطن الذى وقف وراء دعوة إنقاذ مصر فى يونيو ... فهل نحن فى حاجة إلى وطن متماسك يواجه حرباً عاتية من الإرهاب أم نحن على استعداد للتضحية بتماسك هذا الوطن من أجل مصالح من ينتمون للنظام السابق وانحيازاته مستغلين الإحساس بالخطر المحيق ليس بنا وحدنا فقط بل بالمنطقة كلها لتشويه الثورة والانتقام ممن انحازوا لها وإبقاء الأمر على ما كان عليه قبلها.
أحدهم قال على الشاشة إن هذا القانون موجه للإعلام، وإن هذا يغضب على حد قوله ٩٠% ممن خرجوا فى ٣٠ يونيو. مرة أخرى يسعون لوضع يونيو فى مواجهة يناير؛ فمن الذى يسعى لشرخ هذا الوطن لاستعادة مصالحه؟
نقلا عن المصرى اليوم