ثروت الخرباوي | الأحد ٢٢ ديسمبر ٢٠١٣ -
٢١:
٠٩ ص +02:00 EET
ثروت الخرباوي
عندما قرأت أخيرا مقالا للمستشار طارق البشري يقول فيه: الدستور المطلوب الاستفتاء عليه دستور “لقيط” لأنه ناتج عن انقلاب عسكري! ترحمت على العلماء الحقيقيين، ترحمت على زمن الرجال، ويالضيعة أشباه الرجال عندما يفسدون بعد ان أخذوا من الدنيا كل ما يريدون.
البشري الذي أصاب القذي عينيه فأغلقها عن الحقيقة فلم ير الملايين التي خرجت ثائرة على الحاكم الاخواني، هو نفسه البشري الذي لم ير مئات من الاخوان في بداية حكم مرسي وهم يحاصرون المحكمة الدستورية ليمنعوها عن مباشرة رسالتها القضائية، فلم ينبس بكلمة أو بحرف، وهو أيضا الذي لم ير مئات الاخوان وهم يحاصرون مدينة الانتاج الاعلامي فلم يخط كلمة أو حرفاً، وهو أيضا الذي كان قد اشترك في مؤامرة اخوانية ضد مصر خالف من أجلها ثوابته القضائية والأخلاقية لا لشيء الا لكي يرضى عنه المجلس العسكري بعد ان استدعوه بناء على طلب الاخوان ليقوم بتعديل دستور 1971 بعد ثورة يناير فارتكب في حق مصر أكبر جريمة يحق لنا من أجلها ان نطلق عليه لقب “عدو الشعب”.
وآه من صدمتي في المستشار طارق البشري، كان هذا الرجل فقيها، فأصبح فكيها، أي رجل صاحب فكاهة، وحين صنع تعديلا لدستور 1971 أصبح ترزيا يقوم بتفصيل ما يريد أصحاب الشأن، وكانت النكسة عندما صنع البشري في تعديله المأسوف عليه مادة تعطي القداسة والعصمة للجنة الاشراف على الانتخابات الرئاسية والعصمة لله وحده وحين كتب وتحدث وصرخ رجال الفقه الدستوري الحقيقيون عن عدم دستورية مادة الحصانة هذه، قال البشري: هذا التعديل صحيح لأنه لا يجوز لمحكمة مهما كانت ان تراقب الانتخابات الرئاسية خاصة وأن لجنة الاشراف على الانتخابات هي في حقيقتها لجنة مشكلة من قضاة ! وكأن عبد الفتاح القصري هو الذي يترافع مبررا حصانة اللجنة.
حينها كتبتُ متعجبا مفندا متبرما ساخرا: لجنة تعديل الدستور لصاحبها طارق البشري لجنة ملائكية، جُبلت على الطاعة، انما خلقت لتطيع كالملائكة، هم يفعلون ما يؤمرون ولا يعصون سيدهم ما أمرهم، فكان ان كتب البشري بلسان الحال لا المقال ردا على ما انتقدته به وما تلقاه من نقد حاد من كبار الفقهاء: ان المادة التي وضعتها في التعديل الدستوري بنفسي وصغت عباراتها على عيني وأعطيت فيها الحصانة للجنة المشرفة على انتخابات الرئاسة بحيث لا يجوز بأي طريقة الطعن على قراراتها هي مادة رائعة لا يأتيها الباطل من أمامها ولا من خلفها ولا حتى من بين أيديها (المعنى من عنده والعبارات من عندي) وكانت حجة البشري هي ان: اللجنة مشكلة من قضاة!.
لم تتعلم الدرس يا بشري، فعمي بصرك عن الحق فلم تر الثورة الحقيقية التي أطاحت باخوانك، كما عمي بصرك من قبل حينما قمت بتفصيل تعديل دستوري على المقاس لكي يصب في مصلحة الاخوان لكي يساعدهم على تزوير الانتخابات الرئاسية، ساعتها سيضمنون عدم امكانية ان يطعن أحدهم على نتيجة الانتخابات فيهدم شرعية مستمدة من التزوير، كانت الطامة ان دافعت يا بشري عن باطل وأنت تعلم أنه باطل، أتعرفون ما هي المأساة؟ المأساة ان يصنع الرجل تاريخه ويرفع نفسه عنان السماء ثم اذا به يسقط من حالق، ومع ذلك سنظل نحفظ له تاريخه، وسنقرأ على الملأ أحكامه القضائية الرائعة التي قال فيها انه “لا يجوز تحصين القرارات الادارية حتى ولو كانت هذه القرارات تصدر من لجنة مشكلة من قضاة”!! وسنقرأ رأيه في ذات المادة عندما وضعها نظام مبارك السابق في الدستور تعديلا لدستور 1971 تحت رقم 76 وأعطى فيها الحصانة للجنة الاشراف على انتخابات الرئاسة، وقتها قال البشري في حوار صحافي: هذه مادة تحمل اعتداء على المفاهيم الدستورية لأنه لا يجوز تحصين قرارات أي لجنة بَشرية، وسبحان مغير الأحوال، اذا بهذه المادة بذات عينها يضعها الرجل بعينه في تعديله الباطل تحت رقم 28 لتصبح مادة بِشرية، وضع كسرة تحت باء “بشرية”.
والآن يعود البشري الى ترهاته فيحدثنا عن ان دستورنا الذي وضعته لجنة الخمسين هو دستور باطل لأنه ناتج عن انقلاب! اسكت يارجل حتى نقول أنك حين خالفت مبادئك كنت مجبرا، لن تصل لمقام الامام أحمد بن حنبل ولن تستطيع ان تكون مثل العز بن عبد السلام، ولكن كن طارق البشري وحسب وسنعذرك.
نقلا عن اونا
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع