استغلت تركيا قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المفاجئ بسحب القوات الأمريكية من الحدود الشمالية لسوريا، لتشن هجوما واسعا بهدف إقامة "منطقة آمنة" بعمق 32 كم.

 
ودافع ترامب عن قراره قائلا إنه يحقق وعده في الحملة الانتخابية بتقليص وجود القوات الأمريكية في الخارج ويؤكد أن الأكراد "ليسوا ملائكة"، ليطرح قراره الكثير من إشارات الاستفهام.
 
وحول الأسباب التي جعلت ترامب يتخذ هذا القرار قال الكاتب والباحث السياسي، محمد نادر العمري، في اتصال لوكالة "سبوتينك" إن الرئيس الأمريكي كان يريد تحقيق أمرين "الأول هو تحسين تموضعه الداخلي قبل الدخول في الانتخابات الأمريكية، وتحسين صورته داخل الولايات المتحدة الأمريكية لاسيما بعد الضغوط التي شنها الكونغرس عليه، أما الأمر الثاني فهو محاولة خلق نوع من الفوضى في شمال سوريا، وكان انسحاب القوات الأمريكية بمثابة الضوء الأخضر للجانب التركي للقيام بعدوان على سوريا.
 
الهدف الرئيسي للانسحاب "دق أسفين" الخلاف بين رعاة مؤتمر أستانا
وحول الأهداف التي يسعى ترامب إلى تحقيقها من خلال الانسحاب أشار العمري إلى أن "ترامب كان يسعى إلى "دق أسفين" الخلاف بين رعاة مؤتمر أستانا، لكن ترامب لم يتوقع أن روسيا ستستطيع تحقيق ورعاية اتفاق بين الحكومة السورية و(ميليشيات قسد) لذلك عاود التدخل في المشهد التركي والمشهد السوري من خلال محاولة فرض هدنة 120 ساعة، بهدف معاودة استقطاب (ميليشيات قسد) مجددا وإقامة ما يسمى المنطقة العازلة بهدف تعطيل العملية السياسية".
 
وأضاف العمري أن الهدف الثاني لهذا الانسحاب كان "استمرار الحصار الاقتصادي على سوريا من خلال السيطرة على النفط السوري وإخراجه تحت الإشراف الأمريكي وحرمان الدولة السورية منه".
 
وأكد العمري أن الهدف الثالث هو "إيجاد المناخ والبيئة الموضوعية لانتشار "داعش" الإرهابي (المحظور في روسيا) مرة أخرى، فهناك اليوم ما يقارب 12 ألف عنصر من داعش مازالوا في المنطقة وبالتالي يمكن استثمارهم (من قبل أمريكا)".
 
الانسحاب "جزئي" ولم يكتمل
ونوه العمري إلى أن الانسحاب مازال جزئيا وليس كليا "الولايات المتحدة الأمريكية وخاصة مؤسسات الدولة العميقة كالبنتاغون وصقور الحزب الجمهوري وكذلك الديمقراطيين، رفضوا قرار الانسحاب، وخلال الأيام الماضية وللمرة الثالثة تم احتواء قرار ترامب، وشهدنا انسحابا جزئيا وليس كليا، والدليل على ذلك أن قاعدة التنف مازالت قائمة وتتمركز فيها الولايات المتحدة سواء للتأثير العسكري في سورية أو لإرسال رسائل طمأنه للكيان الإسرائيلي، إذا هذا الانسحاب ليس انسحابا واقعيا ولا يسهم بحل سياسي في سورية ، بل ممكن القول أنه يهدف إلى استهداف الحل السياسي في سورية.
 
وكان قد صرح وزير الدفاع الأمريكي، مارك إسبر، أنه من المتوقع انتقال كل القوات التي تنسحب من شمال سوريا، والتي يبلغ عددها نحو ألف جندي إلى غرب العراق، لمواصلة الحملة ضد مقاتلي تنظيم "داعش" وللمساعدة في الدفاع عن العراق.
 
فيما أعلنت وسائل إعلام سورية رسمية، قبل أيام، أن القوات الأمريكية دمرت الرادار التابع لها في قاعدة جبل عبد العزيز بريف الحسكة الغربي قبل انسحابها.
 
ووفقا لوكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا"، فإن القوات الأمريكية قامت أيضا بتفخيخ مقراتها وتدميرها في قرية "قصرك" على طريق "تل تمر" - القامشلي تمهيدا لإخلائها.