- ترخيص 1000 كنيسة خلال عامين منذ صدور اللائحة التنفيذية لقانون بناء الكنائس
- تجاوزت عقدة الأقلية كقائد دينى والبعض لا يريد أن يرى واقع المسيحيين فى مصر

- البعض يريد أن يجمد التاريخ والتقدم فى مصر عند مرحلة ما قبل 30 يونيو
- النقاء الثقافى والعرقى وهم.. أنا مصرى مسيحى أعتز بثقافتى العربية

- سلطة رجال الدين هى المحبة والتعليم ومن يتحلى بهما لا يخاف السوشيال ميديا

بعد عودته من الولايات المتحدة الأمريكية فى زيارة استغرقت عدة أسابيع التقى فيها عددا من صناع القرار فى الخارجية الأمريكية، أكد القس الدكتور أندريه زكى رئيس الطائفة، فى حوار لـ«اليوم السابع»، أن التغيرات الإيجابية التى تحدث فى مصر قد أثرت إيجابا على صورة مصر لدى أعضاء مجلس الشيوخ فى أمريكا، عن هذه الزيارة والكثير من القضايا العالقة فى الشارع القبطى كان لنا معه هذا الحوار:
 
أضاف انقسمت زيارتى الأخيرة للولايات المتحدة الأمريكية إلى ثلاثة محاور، الأولى هى لقاءات مع أعضاء الكونجرس المهتمين بالشرق الأوسط مثل أعضاء لجنة حقوق الأقليات، وكذلك لجنة العلاقات الخارجية، وأول ملاحظاتى هو التقدير الشديد لدور الرئيس السيسى، فقد التقيت بخمسة أعضاء ثقيلى الوزن، وكان من المهم لدى أن أنقل التطور الذى يحدث فى مصر، ولم يكن حوارًا بروتوكوليًا أو بغرض المجاملة بل تحدثت عن الإيجابيات والسلبيات ولاحظت أن نغمة الحديث عن مصر متغيرة، والتقيت بكبيرة مسؤولى لجنة الحريات الدينية، وقلت لأعضاء الكونجرس أو لجنة الحريات الدينية، وقلت لهم أولوياتى الأمن ثم التنمية الاقتصادية وثالثًا الديمقراطية وحقوق الإنسان.

قلت إنك لاحظت تغيرًا كبيرًا فى الصورة عن كل مرة، ما الأسباب والعوامل التى أدت لهذا التغير فى الخطاب الأمريكى؟
العامل الرئيسى والجوهرى هو الدور الذى يقوم به الرئيس السيسى، سواء فى ملف الحريات الدينية أو التنمية الاقتصادية، وفى ملف الكنائس وفى المناخ الأمنى المستقر.

‏هناك أصوات فى الداخل ترى أن ملف الحريات الدينية أقل مما تصفه القيادات الدينية فما رأيك؟
التطرف يمينا أو يسارا ليس مطلوبا ونحن نرصد تطورا مهما جدا فى العلاقات الإسلامية المسيحية فى مصر، وفى الإرادة السياسية التى تسعى لتجديد الخطاب الدينى، ولنشر المواطنة والقيم التى تتعلق بقيمة الإنسان، وهل يعنى كلامى أن جميع المشاكل تم حلها؟، بل بالعكس نقول إن هناك مجتمعات محلية تعانى من المتطرفين، وبعض المسؤولين أقل من فكر الرئيس ويتعاملون بعقلية ما قبل 30 يونيو، وهناك الكثير من المشاكل وهل أركز على المشاكل وأقدم صورة سوداء؟ أم أركز على الإيجابيات وأقدم صورة بيضاء؟، الحالتان خطأ، إذا كان العالم كله يشيد بالتطور الذى يحدث فى مصر، ولكن هناك من يتاجرون بهذه القضايا ويضايقهم السلام المجتمعى، يريد البعض أن يجمد التاريخ والتقدم فى مصر وهذا لن يحدث.

ألا تعزى المتاجرة بتلك القضية لما يسميه علماء الاجتماع عقدة الأقلية؟
نحن كقيادة دينية تجاوزنا عقدة الأقلية، وهو ما يجعل البعض لا يرى المواقف التى نتبناها، ولم يتضمن خطابى أو موقفى أى صورة وردية زائدة أو صورة سلبية تحمل عقدة الأقلية بل خطاب يحمل قراءة للواقع ومتغيراته، ورغبة الدولة الجادة فى تجديد الثقافة فى مصر وتطوير الخطاب الدينى وقرائتى لقوى التطرف التى لا تريد خيرًا لمصر.

يقال أحيانًا إنك كرئيس للطائفة الإنجيلية تتحدث بهذه الإيجابية لأن مشاكلك أقل لأن عدد رعاياك أقل، ما رأيك؟
فى معظم المرات أتحدث كمصرى أولًا وليس كمسيحى أو إنجيلى، وأقول إن بلادى تتقدم، وهى الحقيقة التى لا يريد أن يستوعبها البعض، والأمر لا يتعلق بالمنصب الذى أشغله، بل أنا مصرى أعايش الأحداث، الدولة تتغير والناس تتغير، وعلينا أن نتعامل مع مشاكلنا بإرادة.

قدم روشتة للشحن المستمر فى محافظة المنيا؟
التعامل السريع مع المشاكل، لأن البطء يعطى فرصة للمزايدين أن يزايدوا أكثر، وعلينا جميعًا الالتزام بالقانون، وسرعة التعامل مع المشكلة وكل ما نجد شخصا يعوق عملية التقدم سواء أكان فى موقع المسؤولية أو غيره علينا محاسبته.

غالبية ما يحدث فى المنيا يعود إلى قضية الصلاة فى بيوت بديلا عن الكنائس رغم صدور قانون بناء الكنائس لماذا تستمر المشاكل بالتوازى؟
منذ صدور اللائحة التنفيذية لقانون بناء الكنائس، تقدمنا بملفات 4000 كنيسة وما تم ترخيصه خلال عامين ما يقرب من 1000 كنيسة، والبعض يرى هذه العملية بطيئة ولكن مقارنة بالتاريخ الطويل لهذه القضية فهى نقلة إيجابية قوية جدًا، وأتمنى أن ننتهى من تقنين بقية الكنائس خلال عامين، وأرى أن الدولة راغبة فى ذلك، وأتصور أن هذا الأمر ذريعة يمسك بها المتطرفون لإعاقة مشروع التطور فى مصر، بناء دار عبادة أمر خير ومن يقف أمام ذلك لا يتبع أى دين سواء أكان مسلما أو مسيحيا، لأن بناء دار عبادة هى دعوة لمحبة الله.

‏على ذكر الطوائف الصغيرة، إلى أى مدى تسببت المذاهب التابعة للطائفة الإنجيلية فى مشاكل قانونية تتعلق باعتماد عقود الزواج والطلاق؟
المذاهب الإنجيلية المعترف بها 18 مذهبًا منضبطين تمامًا، ولكن نواجه مشكلة مع من يدعون الانتساب إلينا ولم يرسمهم أحد وغير مسجلين لدينا، يعطون شهادات عضوية بطوائفهم باطلة ومزورة ونلاحقهم قضائيًا ولا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة، وحين تصدر شهادة غير دقيقة نحاسب من أصدرها.

هل ترى أن هناك لوائح تخص الطائفة تحتاج إصلاحًا إداريًا لتجاوز هذه الأزمة؟
لا لأننا نبلغ عنهم، وبعضهم حصل على أحكام قضائية، ومن يدعى أنه أسقف ويمنح شهادات صدر ضده حكم ثلاث سنوات ولكن إجراءات التقاضى تستغرق وقتا وعلى العكس قوانيننا منضبطة وحاكمة، وأبلغنا عن المدعين وسنبلغ عنهم لأنهم ليسوا إنجيليين ويدعون الانتساب إلينا وعلينا إبلاغ أجهزة الدولة وسنواجههم.

ما رأيك فيمن يحاولون تأسيس طوائف جديدة من خلال الانتساب لبعض الكنائس المجهولة خارج مصر؟
من يسمح لهم بذلك؟ «مش احنا»، نحن لا نسمح لهم بذلك، ما لم يصدر اعتراف من المجلس الإنجيلى العام، أو الطائفة، وأعرف حالة من هؤلاء تقدمت إلينا ورفضناها ثم ذهبوا لكنيسة غربية وتواصلت تلك الكنيسة معنا ورفضنا أيضًا التعامل معهم.

الأدفنتست طائفة مسيحية مرخصة رسميًا ولكن مشروع قانون الأحوال الشخصية لا يعترف بها فلماذا؟
الطائفة الإنجيلية فى مصر لا تعترف بالأدفنتست كجماعة مسيحية وهو موقفنا الثابت عبر التاريخ، وكذلك الأرثوذكس والكاثوليك، واتفقنا جميعا على عدم الاعتراف بهم، وقانون الأحوال الشخصية يقر ذلك، والقانون جاهز فى صيغته النهائية وسنتقدم به للبرلمان فى دور الانعقاد المقبل.

‏ما رأيك فى الهجوم المستمر من رجال الدين على مواقع التواصل الاجتماعى لأنها هددت سلطانهم؟
لها إيجابيات وسلبيات لأنها وسائل معرفة ومفيدة جدا، ولدى صفحة بها آلاف المتابعين واعتبرها أهم وسائل القرن الجديد فى التعبير والتواصل لكن مشكلتها هى الفبركة والتزوير، والبعض يميل إلى ذلك لترويج ونشر أخبار كاذبة مما يتطلب ردا مباشرا ويقظة، المشكلة الثانية هى أنك لا تستطيع أن تتفرغ للرد ومتابعة كل شىء حتى لو وظفت من يقوم بتلك المهمة، ولكنها ثورة وتغير مذهل من لا يجيد استخدامها «يفوته كتير».

 هذه الثورة المعلوماتية تسببت فى مناظرات مستمرة بين الشباب ورجال الدين، كيف تنظر الكنيسة الإنجيلية لذلك؟
سلطة رجال الدين هى المحبة، وسلطة رجل الدين الحقيقى فى كنيستنا هى قدرته على التعلم والتعليم، وهى سلطة مؤثرة بهذا الشكل، ومن ثم لا تمثل السوشيال ميديا لدينا أى ذعر أو خطر، بل إنها تسهل علينا التواصل مع الشباب، وفى مؤتمراتنا نحاول بناء الجسور بين قادة الكنيسة والشباب، وكلية اللاهوت الإنجيلية استحدثت ماجستير الإعلام المسيحى وتأخذ فى اعتبارها هذه التحديات.

‏على ذكر كلية اللاهوت، هناك حالة من النقاشات العميقة والتعليم داخل الكلية بينما لا ينعكس ذلك على الوعظ ونجوم الكنيسة فى الفضائيات، فما رأيك؟
أتعامل بالكثير من الجدية والاحترام مع نجوم الوعظ ومع الخادم البسيط، القصة ليست بالجماهيرية أو المجموعات الصغيرة، بل القصة الجوهرية هى التعليم، والكنيسة الأولى كان التعليم فيها له سلطان مما تسبب فى انتشار المسيحية انتشارًا واسعًا، والتعليم لا يكون له سلطان، ولن يكون كذلك إلا جاء من نموذج وقدوة يفهم كلمة الله بحق ويفهم احتياجات الناس الحقيقية، ونسعى لربط التعليم بالسلوك، وحين تنفصل العقيدة عن السلوك يصبح التعليم باهتا.

كيف يمكن مواجهة الخفة فى الخطاب الدينى الإنجيلى؟
من خلال ربط العقيدة بالسلوك فلا ينادى الواعظ بما لا يفعله، وربط التعليم باحتياجات الناس، التعاليم الخفيفة إن أثرت فى مرحلة لن تؤثر فى أخرى، الجماهير فى أوقات كثيرة تحكم على هذه النوعية من التعليم، وهناك استهانة واستهتار أحيانًا لكن هذا يموت بعد وقت.

هل فكرت الطائفة فى خلق نظام يضمن حدوث تكامل مالى بين الكنائس الغنية والفقيرة؟
لدينا 18  مذهبًا كل مذهب مستقل عن الآخر، والكنيسة المحلية هى المسؤولة عن شؤونها المالية والإدارية ولكن فى السنودس الإنجيلى هناك كنائس كبرى تتبنى كنائس صغيرة ولكن ليس على مستوى ما نتوقعه ونفكر فى بدائل تجمع بين المركزية واللامركزية لدعم الكنائس الفقيرة.

‏الكنيسة الإنجيلية قامت على أكتاف الإصلاح الدينى، هل تفكر الكنيسة فى تجديد دستور إيمانها إزاء التغيرات الحالية؟
فيما يتعلق بالعقيدة وإقرار الإيمان هى مواد مستقرة من زمن طويل ولا تحتاج لإصلاح أما الأمور الإدارية والقضائية والهيكلة وغير ذلك فهى تخضع للتطوير، البعض يخلط بين قوانين الإيمان وبين الإصلاح الإدارى، فقوانين الإيمان ثابتة بينما تجديد الشؤون الإدارية عملية مستمرة.

‏باعتبارك باحث، هل ترى أن المسيحيين المصريين يعانون من أزمة هوية؟
المجتمع تعرض فى المرحلة الماضية لأزمة هوية لها جذورها المتنوعة، حين يدعو أتباع الإسلام السياسى إلى الهوية الدينية يخلقون أزمة هوية، وحين يريد أن يتنصل بعض المصريين من تراثهم أو تاريخهم سواء أكان فرعونيا أو قبطيا أو إسلاميا فهذا يحدث أزمة هوية، وهى لا ترتبط بالمسيحيين بل المجتمع ككل، هناك من يريد أن يتخلص من تاريخنا الإسلامى أو العربى، ومن لا يعجبه التاريخ القبطى، ومن لا يحب التاريخ الفرعونى، فهناك من يحاول أن يفرض علينا هوية واحدة، الهوية متعددة ولا يمكن «قولبتها» فى شكل واحد، على سبيل المثال أنا مصرى مسيحى ثقافتى عربية ومتأثر باليهودية والمسيحية والإسلام كديانات شكلت ثقافتى فالنقاء الثقافى والعرقى وهم محض، ففى عقيدتى أنا مسيحى، ولكن ثقافتى تتشكل من عدة مكونات، وهناك تلاقح ثقافى ودينى حتى الأديان تتلاقى مع بعضها وتؤثر فى الثقافة والتاريخ، النقاء الثقافى والعرقى هو وهم وعلينا مواجهته بالهوية المتعددة.