ما هى أهداف زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى لواشنطن فى التاسع من هذا الشهر؟.

 
وحسب بيان البيت الأبيض: «فإن الزيارة تجمع بين الرئيسين المصرى والأمريكى بهدف تعزيز علاقة الشراكة التى تربط بين البلدين وبما يحقق المصالح الاستراتيجية للدولتين والشعبين، فضلاً عن مواصلة المشاورات الثنائية حول القضايا الإقليمية وتطوراتها».
 
هذا نص البيان الرسمى الذى، كما هى العادة، يحتوى على عناوين رئيسية دون الدخول فى التفاصيل.
 
تعالوا، من قبيل التحليل السياسى، نحاول أن نفكك هذه العناوين ونتجاسر وندخل فى طبيعة الملفات المطروحة للنقاش.
 
تاريخ اللقاءات بين دونالد ترامب والرئيس السيسى طويل.
 
كان الرئيس السيسى هو أول زعيم عربى يلتقى بالمرشح الرئاسى الجمهورى دونالد ترامب، فى الوقت الذى كانت فيه كل المؤشرات الأمريكية والدولية تتوقع فوز منافسته الديمقراطية هيلارى كلينتون، كان ذلك فى سبتمبر 2016 فى نيويورك على هامش اجتماعات الأمم المتحدة.
 
فى اللقاء الأول تفاعلت «الكيمياء الشخصية» بين الرجلين، وتفهم كل منهما الآخر، وتم إرساء قاعدة من «الثقة» يمكن البناء عليها فى تطوير مصالح القاهرة وواشنطن.
 
وفور فوز «ترامب» المفاجئ بالرئاسة كان الرئيس السيسى أول المهنئين عربياً ومن أوائل من تلقى «ترامب» محادثاتهم الهاتفية عالمياً.
 
وفى اللقاء الرسمى الأول بينهما فى البيت الأبيض لقى الرئيس المصرى ترحيباً استثنائياً وحظى بعبارات إشادة قوية من نظيره الأمريكى ووصف الرئيس السيسى بأنه «رجل له شخصية متفردة».
 
عقد الزعيمان خمس قمم بينهما أنهى فيها الرئيس الأمريكى اللقاء بوصف الرئيس السيسى بأنه «صديق عظيم».
 
ويدرك الرئيس المصرى بخبرته ودراسته السابقة فى كلية الحرب الأمريكية، وبالمتابعة اليومية الدقيقة للشأن الأمريكى، أن الرئيس الأمريكى كرأس السلطة التنفيذية شىء، ووضع وموقف السلطة التشريعية (الكونجرس) قد يكون فى اتجاه آخر، لذلك فإن الرئيس السيسى حينما يتعامل مع الملف الأمريكى يدرك أنه يتعامل مع الرئيس، والمؤسسات، والإعلام كل بطريقته وحسب مصالحه ومواقفه.
 
وفى حالة هذا الرئيس تحديداً، فإن «ترامب» يتعامل مع ملفات السياسة الخارجية بوجه عام، والشرق الأوسط بوجه خاص، وهو يواجه مواقف ثأرية كيدية موجهة ومسيسة من قبَل مجلسى الشيوخ والنواب ووسائل الإعلام وجماعات معارضة له.
 
هنا يدرك الرئيس السيسى، وهو يزور البيت الأبيض، أنه يتعامل مع رئيس يتعافى من ضغوط لجنة تحقيق «موللر»، وهو على أعقاب فترة رئاسة ثانية، ومجلس تشريعى لا يناصره.
 
ولكن الحكمة، كما يفهمها الرئيس السيسى، أن هناك مصالح استراتيجية بين القاهرة وواشنطن بدأت منذ ربيع عام 1975، وتعززت باتفاقات السلام مع إسرائيل من خلال رعاية أمريكية، وبعدة اتفاقات تعاون استراتيجى فى مجالات التجارة والاقتصاد والتسليح والتدريب والمناورات العسكرية المشتركة.
 
هذا اللقاء الذى يتم بعد 48 ساعة يأتى فى وقت هناك «سيولة» وتوتر وارتباك وتغيرات كبرى فى المنطقة:
 
1- تطور عسكرى رئيسى فى ليبيا من خلال دخول قوات حفتر مدينة طرابلس.
 
2- دعوة من الكونجرس بإيقاف أى دور عسكرى أمريكى فى دعم قوات التحالف فى اليمن.
 
3- بدء انتخابات تشريعية فى إسرائيل يراهن فيها «ترامب» بكل قوته على بيبى نتنياهو.
 
4- حركة شعبية فى الجزائر غير معروف فيها هل المطلوب هو تغيير الرئيس فحسب أم تغيير النظام كله بما يعقب ذلك من تداعيات.
 
5- علامات استفهام حول المستقبل السياسى لسوريا بعد إعلان «ترامب» عن سحب قواته منها.
 
6- تباين الرؤية بين دول التحالف العربى وواشنطن حول الخلافات مع قطر، والرغبة الأمريكية فى تحقيق أى مصالحة بأى شروط.
 
7- الوعد الأمريكى بعمل ما يُعرف بصفقة القرن والصعوبات التى تعترضها بعدما قامت الإدارة الأمريكية بالتعهد الرسمى بضم القدس والجولان المحتلتين للسيادة الإسرائيلية.
 
هذا كله يتم فى وقت تسعى فيه مصر لتحقيق 3 أمور رئيسية:
 
1- دعم العلاقات بين القاهرة وواشنطن فى كافة المجالات.
 
2- الاستمرار فى التنسيق الاستراتيجى مع واشنطن فى محاربة الإرهاب التكفيرى فى سيناء والمنطقة كلها.
 
3- شرح حقيقة الموقف المصرى من التنسيق القطرى التركى المدعوم من جماعة الإخوان و«داعش» وجبهة النصرة وكافة الفصائل العميلة لهم.
 
تقوم مصر بذلك وهى تلعب دوراً حكيماً وعاقلاً فى غزة، واليمن، وسوريا، والعراق من أجل لملمة شظايا الانفجارات المتطايرة فى المنطقة.
 
حقاً إنها زيارة مهمة وغير تقليدية تأتى فى وقت دقيق للغاية.
نقلا عن الوطن