CET 00:00:00 - 13/07/2010

مساحة رأي

بقلم: رؤوف مكارى
تتعرض بلدنا الحبيب مصر فى الوقت الحالى لأزمة كبيرة تتعلق بأمنها القومى والغذائى والمعروفة بأزمة مياه النيل وكيفية توزيعه ، تلك الازمة التى بدأت فى إجتماعات القاهرة والذى أنعقدت منذ عدة شهور وضم ما يعرف بدول المصب (مصر والسودان) من جهة ودول المنبع والتى تضم باقى دول حوض النيل من جهة أخرى والتى حاولت فيه دول المنبع أعادة النظر فى كيفية توزيع مياه النيل بما يتعارض مع الاتفاقيات القديمة وبين رفض لدول المصب (مصر والسودان) لأى مساس بحصصها التاريخية.

ثم زادت الازمة إشتعالاً عندما قامت دول المنبع بالاتفاق فيما بينها على إتفاق أطارى للتعاون دون موافقة دول المصب الامر الذى أحدث غضباً وتوتراً فى العلاقات بين دول المصب ودول المنبع ، وأنا هنا لا اتحدث عن مدى أحقية أى من الجهتين فى مياه النيل أو عن الاختلافات بين الدول وبعضها البعض أو أقدم حلولاً للتغلب على تلك الازمة فهذا امر متروك للساسة فى تلك الدول ولكن أؤمن أنه بالحوار وبالحوار فقط نستطيع أن نتغلب على أى ازمة.
 
ولكنى اتحدث هنا عن تلك الاصوات المتشنجة التى رآت أن اتفاق دول المنبع فيما بينها دون موافقة مصر أمر يستحق عقاب تلك الدول بل تمادت تلك الاصوات وطالبت بأعلان الحرب على تلك الدول على طريقة "حى على الجهاد" وتبارت الاقلام ذات الاصوات المتشنجة وطالبت بتدخل عسكرى مصرى لتأديب تلك الدول دون أدنى اعتبار لقواعد او بروتوكول لوجود سفارات لتلك الدول فى القاهرة ولم يقل لنا أصحاب تلك الاقلام كيف سنحارب تلك الدول ويبدو انهم مازالوا يعيشون فى ستينيات القرن السابق ولم يدركوا بعد أن قواعد السياسة الدولية قد تغيرت وأغفل فقهاء تلك الاصوات ان أبسط قواعد استراتيجيات المعارك العسكرية ان تمتلك حدوداً مشتركاً مع الدولة او الدول التى ستحاربها فكيف لنا ان نحارب دول تبعد عنا ألاف الاميال
 
ولم يوضحوا لنا اساتذة تلك الاصوات هل ستحتل مصر تلك الدول أو تقيم بها أنظمة موالية لها ، اننا يجب ان نعترف أننا أهملنا قارة افريقيا ولم يعد لنا تواجد كما كان فى الماضى فمن يصدق ان مصر التى ساهمت فى تحرير أغلب الدول الافريقية من الاستعمار منذ منتصف القرن السابق والتى أرسلت بعثاتها التعليمية وساهمت فى تقديم الكثير من المنح لم يعد لها تواجد أو تأثير يذكر فى تلك الدول وتركنا الساحة خالياً للصين واسرائيل يقدموا الكثير من المنح لدول افريقيا ويوثقوا علاقاتهم الدبلوماسية والاقتصادية مع تلك البلدان

والسؤال الذى يطرح نفسه هو وأين كانت مصر فى تلك الفترة وللاسف الشديد فقد ركزت مصر تواجدها السياسى على الساحة العربية بصفة عامة والساحة الفلسطينية بصفة خاصة وأعتبرت القضية الفلسطينة بمثابة قضيتها الاساسية بل أوكلت ادارة هذا الملف لكل من وزارة الخارجية والمخابرات العامة وياليت أتت تلك الجهود بالثمر المطلوب بل على العكس تماماً مازال الانشقاق الفلسطينى مستمراً بين حركة حماس التى تسيطر على قطاع غزة وبين السلطة الفلسطينية التى تسيطر على الضفة وهكذا نست مصر وسط هذه الهموم تواجدها ومصالحها الاخرى فى أفريقيا وتركت الساحة حالياً للاعبين أخرين والان أتى الوقت لكى ننتبه إلى حقيقة أن المصالح المتبادلة هى فقط التى تحدد شكل العلاقات بين الدول فلم يعد هناك العدو أو الشقيق او الصديق فهناك فقط مصالح تدار وتحدد شكل العلاقات بين الدول.

والان ما هو المطلوب؟
المطلوب نظرة تأمل وإعادة صياغة شكل العلاقات مع كافة الدول عربياً وافريقياً فنحن لا ننكر أن القضية الفلسطينة قضية مهمة تحتل جزء من أولويات مصر السياسية ولكن هذا لا يجب ان ينسينا ان لنا مصالح مع كافة الدول الاخرى لذا فلابد ان تنشط أدارة الدول الافريقية بوزارة الخارجية وأن نتبادل الخبرات فى كافة المجالات مع تلك الدول وان نقدم لها منحاً تدريبيةً وكوادر فنية.

وحتى لو لم يأتى الحوار بالنتيجة المرجوة فيمكن لنا أن نصعد الامر وأن نشكو هذه الدول إلى البنك الدولى الذى يقدم المنح المالية لبناء السدود فيها ويمكن ايضاً ان نشكو هذه الدول للجهات الدولية الاخرى ويجب أن نتذكر هنا ان مصر استردت طابا ليس بالحرب أو حتى بالمفاوضات ولكن أستردتها بمعركة قانونية تكاتفت فيها جميع المؤسسات ، هذا هو المطلوب من مصر على المستوى الخارجى أما عن المستوى الداخلى فلابد من أعداد خطة اعلامية وتوعية عامة لأهمية المياه وضرورة الحفاظ عليها وعدم اهدارها وأن نشدد فى القوانين الخاصة باهدار المياه.

فعن صور اهدار المياه حدث ولاحرج ، نعم فقد وهبنا الله نعمة متمثلة فى مياه النيل ولكن دورنا ان نحافظ على تلك النعمة.

نصلى ان يلهم الله الحكمة للقادة السياسين ومتخذى القرار فى تلك الدول وان يتفقوا على ما هو فى صالح شعوبهم أما اصحاب الاصوات المتشنجة فأقول ليس بالصوت العالى تسترد الحقوق بل بالحوار والعمل الدؤوب.

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٧ صوت عدد التعليقات: ١ تعليق