CET 00:00:00 - 19/07/2010

حوارات وتحقيقات

* "بهيجة جاهين":
* "صلاح" إنسان رقيق المشاعر، مرهف الإحساس، طيب القلب.
* فتح لى "صلاح" أبواب الفكر، والأدب، والثقافة على مصراعيها.
* "صلاح" إنسان يشيع السعادة والبهجة أينما ذهب على كل من حوله.
* أمى كان لها التاثير الأول والكبير فى "صلاح".
* كان "صلاح" على قائمة المعتقلين أكثر من مرة، لولا تدخل الرئيس "جمال عبد الناصر".
* هزيمة 1967 كانت ضربة قاسية جدًا على نفسية "صلاح".
أجرى الحوار: ميرفت عياد

بحر الحياة مليان بغرقى الحياة..صرخت خش الموج فى حلقى ملاه..قارب نجاة صرخت قالوا مفيش..غير بس هو الحب قارب نجاة..
هكذا آمن بالحب الفنان المبدع "صلاح جاهين"، الذى وُلد عام 1930 حيث كان أبيه رئيسًا لمحكمة الإستئناف.

وتدرّج "صلاح" فى مراحل التعليم المختلفة، حتى دخل كلية الحقوق، ولكنه لم يستطع التخرج منها، حيث جرفه تيار الفن، وبدأ مشواره مع الإبداع بعمله كرسام كاريكاتير فى مجلة روزاليزسف، ثم صباح الخير، كما أصدر العديد من الدواوين الشعرية والرباعيات التى لقت صدى واسعاً لدى القراء، هذا إلى جانب كتابته للأغانى الوطنية التى قام بتلحينها الموسيقار "كمال الطويل"، وغناها المطرب "عبد الحليم حافظ "، كما كتب العديد من السيناريوهات مثل فيلم "خاللى بالك من زوزو"، و"أميرة حبى أنا"، و"عودة الابن الضال"، و"مسلسل هو وهى"، بالإضافة إلى كتابته لفوازير رمضان التى تميزت بها الفنانة "نيللى"، كما أبدع  فى مجال المسرح فكتب أشهر أعماله "الليلة الكبيرة".

 ورحل "صلاح جاهين" عن عالمنا فى عام 1986 بعد أن أثرى الحياة الفنية والثقافية بأعماله، وعلى الرغم من رحيله عن دنيانا، إلا أنه يعيش فى وجداننا بأعماله وابداعاته التى لن تموت، ولن يمحيها الزمن.
وللدخول إلى أعماق "صلاح جاهين" الذى أحبه الملايين، كان لصحيفة "الأقباط متحدون" هذا الحوار مع أخته السيدة "بهيجة جاهين":

* فى البداية من هو "صلاح جاهين" الإنسان؟

صلاح إنسان رقيق المشاعر، مرهف الإحساس، طيب القلب، يهتم بالبسطاء وبأحلامهم، وآلامهم، لا فى أعماله فقط، بل فى تصرفاته أيضًا، فأذكر على سبيل المثال أن "صلاح" أتى فى يوم من الأيام إلى البيت، ومعه كمية كبيرة من فاكهة حالها سيئ للغاية، وبسؤاله عن سر شرائه لها، أجاب بأن البائع ولد صغير خشى عليه من برد الشتاء وهو واقف فى الشارع إلى هذا الوقت المتأخر، فقرّر أن يشترى منه جميع بضاعته لكى يستطيع الرجوع إلى بيته، كما أتذكر أنه فى يوم ما اتصل بى يسألنى عن محلات بيع فساتين الزفاف؛ لأن احدى الفتيات أرسلت له جوابًا تطلب فيه أن يساعدها فى الحصول على فستان زفاف من فساتين "نيللى" أو "سعاد حسنى"، لذلك قرّر أن يشترى لها واحدًا، وبالفعل أرسله على عنوانها، هذا هو نموذج بسيط من تصرفات "صلاح" الإنسان.

* كيف كانت علاقة الإخوة بينكما؟

يُعد "صلاح" الأخ الأكبر لثلاث فتيات أنا أكبرهن؛ لذلك ارتبط كل منا بالآخر بدرجة كبيرة، وتوطدت علاقة الإخوة والصداقة بيننا، فكان شديد الحنان والتسامح معى، إلى الدرجة التى تجعله عندما أخطئ فى حقه، يدافع عنى أمام والدى حتى لا يقوم بعقابى.

 كما أن "صلاح" لعب دورًا كبيرًا فى تشكيل وجدانى، وفتح لى أبواب الفكر، والأدب، والثقافة على مصراعيها، فعشنا متلازمين فى كثير من تفاصيل حياتنا، وكنا كثيرًا ما نلعب سويًا، كما كان "صلاح" يكتب العديد من المسرحيات التى كنا نقوم بتمثيلها مع أولاد الجيران، ونحن فى سن الصبى.

* هل هناك بعض الذكريات المرحة التى تتذكريها معه؟

فى الحقيقة كان "صلاح" إنسانًا يشيع السعادة والبهجة- أينما ذهب-  على كل من حوله، فمن المواقف الطريفة التى أتذكرها إنه فى يوم ما، ونحن فى مبتدأ الشباب، قام بعمل مكياج لى أنا واحدى صديقاتى، لكى نظهر بمظر الشحاذين، وبالفعل عطف علينا الكثير من أصحاب الشقق التى ذهبنا إليها، إلى أن أمسكت بنا احدى الجارات وطلبت من البواب أن يقودنا إلى الشرطة، فأزلنا المكياج من على وجوهنا سريعًا، وهنا تعرفت علينا الجارة.

* ما هى الأشياء التى أثرت فى موهبة الفنان "صلاح جاهين"؟

فى البداية، أمى كان لها التاثير الأول والكبير فى "صلاح"، فهى من أوائل السيدات اللاتى تعلمن فى هذا الجيل، كما كانت محبة للقراءة، لهذا غرست فى "صلاح" حبها، وكانت مهتمة به اهتمامًا كبيرًا إلى درجة أنها كانت تحضر له ملابس تشبه الملابس الملكية، وكانت تلقنه الكثير من المعارف والعلوم فى البيت، كما أن من الأشياء التى أثرت فى ثقافة "صلاح"، مكتبة جدى السياسى والكاتب "أحمد حلمى"، الذى يُعد أول صحفى فى جريدة اللواء، فالحقيقة أن هذه المكتبة أتاحت لـ"صلاح"- منذ طفولته- الإطلاع على جميع أنواع المعرفة فى شتى المجالات، ومن هذه المكتبة المنزلية بدأ "صلاح"  حبه وشغفه بالمكتبات التى كانت أول شئ يبحث عنها عندما كنا ننتقل من محافظة إلى أخرى لطبيعة عمل والدى فى سلك القضاء.

* وماذا عن دور الأب فى حياة الفنان "صلاح جاهين"؟

كان والدى مستشارًا ورئبسًا لمحكمة الإستئناق؛ لذلك كان يتمنى أن يكمل "صلاح" مسيرته حتى لا يذهب تعبه هباء، فضغط على "صلاح" ليدخل كلية الحقوق، ورضخ "صلاح" لإرادة أبيه لأنه لم يرض أن يغضبه، إلا أنه لم يستطع أن يُكمل سنوات الدراسة فى الكلية، وبالتالى لم يحصل على ليسانس الحقوق.

وأذكر أن والدى حكى لنا إنه فى احد استقبالات رؤساء المحاكم للرئيس "جمال عبد الناصر"، أشار أحد زملاء أبى للرئيس بأنه هو هو والد "صلاح جاهين"، فذهب "جمال عبد الناصر" إليه، وحيّاه على موهبة وفن وصلاح، وهنا شعر الوالد بالفخر، وأن تعبه حقًا لم يذهب  هباءً.

* ما هى أحب وأقرب كلمات الفنان "صلاح جاهين" إلى قلبك؟

هناك رباعية كتبها "صلاح جاهين" أشعر أنه كتبها عنى، وهى: 

أنا اللى بالأمر المحال اغتـوى..
شفت القمر نطيت فى الهــوا..
طلته ماطلـتوش إيه أنا يهمنى..
وليه مادام بالنشوة قلبى ارتوى..
وعجبـى!

ججججج

 كما أن أغنية "البنات البنات ألطف الكائنات"، والتى غنتها "سعاد حسنى" فى مسلسل "هو وهى"، أشعر أن "صلاح" كتبها من أجلى؛ لأننى كنت دائمًا أتمنى أن أكون ولد، لأن الأولاد يتميزون عن البنات فى أشياء كثيرة فى مجتمعنا الشرقى.

* هل كان "صلاح جاهين" مهددًا بدخول المُعتقل؟   ولماذا؟

كان لـ"صلاح" العديد من المواقف اليسارية مثل معظم مثقفى تلك الفترة، وبالفعل كان على قائمة المعتقلين أكثر من مرة، لولا أن الرئيس "جمال عبد الناصر" كان يتدخل شخصيًا لحذف اسمه من هذه القائمة، ومن المواقف الطريفة التى أذكرها له، أن أحد اليساريين طلب من "صلاح" أن يأخذ المطبعة التى يطبعون بها المنشورات ليخبئها بالمنزل؛ حيث لن يفكر أحد فى اقتحام منزلنا وتفتيشه، وكانت لحجرة "صلاح" بلكونة كبيرة لها أعمدة يعلوها حلية من المبانى، فقام "صلاح" بوضع المطبعة فوقها، ظنًا منه أن  أحد لن يرها، وفيما كان والدى عائدًا إلى البيت، ونظر من الشارع على المنزل، فإذا به يرى المطبعة، ويرفض وجودها فى المنزل. 

* لماذا أطلق على "صلاح" الضاحك الباكى؟

لأنه كانت تصيبه حالات من الإكتئاب الشديد ينزوى فيها بعيدًا عن الناس؛ حتى يستطيع التغلب عليها، ثم يعقبها بعد ذلك حالات من الفرحة والتفائل الشديد.

** متى أُصيب الفنان "صلاح" بالإكتئاب؟ ولماذا؟

أُصيب "صلاح" بالإكتئاب بعد هزيمة 1967 لأن هذه الهزيمة كانت ضربة قاسية جدًا على نفسه، جعلته يُصاب بحالة من الإكتئاب لازمته حتى وفاته، وهى التى جعلته يتوقف عن كتابه الأغانى الوطنية، إلا أنه بعد فترة استطاع أن يتغلب على أحزانه، واتجه إلى الكتابة فى السينما والتليفزيون، كما قام بالتمثيل فى بعض الأفلام.

* ماذا كان رأى "صلاح جاهين" فى الحب والزواج؟

كان "صلاح" يؤمن بأن الحب هو إكسير الحياة، وأن الزواج هو استقرار واختيار لواحدة فقط يعيش معها الحب يومًا بيوم، وقد تزوج مرتين، كانت زوجته الأولى هى السيدة "سوسن ذكى" الرسامة بمؤسسة الهلال، والتى أنجب منها أولاده "بهاء" و"أمينة"، أما الزوجة الثانية فهى السيدة "منى قطان" والتى أنجب منها أصغر أبنائه، وهى "سامية".

* كيف كانت علاقة "صلاح جاهين" بأبنائه؟

"صلاح" إنسان طيب القلب جدًا، لذلك كان مع أولاده عطوف وحنون، لا يبخل عليهم بشئ، يصادقهم ويعاونهم فى حل جميع مشاكلهم، يستمتع بقضاء الوقت معهم فى اللهو واللعب.

* فى النهاية هل تودين إضافة أى شئ؟

"صلاح" كان إنسانًا طيب القلب، حنونًا، هادئًا، محبًا لكل من حوله، فالله يرحمه، ويجعل مثواه الجنة.

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٧ صوت عدد التعليقات: ٢ تعليق