CET 00:00:00 - 04/04/2010

مساحة رأي

بقلم : سوزان قسطندي
فى جمعة الآلام كنت أتفكّر فى قسوة قلوب الناس !!
هذا الجمع الغفير يصرخ ضد البار: أصلبه أصلبه، دمه علينا وعلى أولادنا !!
آه يا رب.. لماذا كل هذه القسوة ؟؟
لقد أشبعت جوعهم.. وشفيت أمراضهم.. وأنقذتهم من عصف الرياح وهياج البحر.. وأقمت موتاهم.. وكلمتهم بكلمات الحب والحياة.. فلماذا يجازونك بدل الخير شراً ؟!
آه يا سيد.. لو كنت أنا أحيا فى هذا الزمان لانتهرتهم انتهاراً !!

أخذتنى غفوة قليلة.. ويا للعجب.. لقد رأيت نفسى واقفة وسط الجموع وأصرخ معهم : أصلبه أصلبه، دمه علينا وعلى أولادنا !!
تحيرت فى أمرى.. وأخذنى الذهول بعد أن أدركت حقيقة نفسى.. لقد كنت أظن أننى أفضل من هؤلاء الخطاة الظالمين قساة القلوب ناكرى الإحسان، ولكن الحقيقة أننى لم أكن أحسن حالاً منهم !!

وإذ قد بدأ الجلادون فى تعذيب ضميرى المريض، فقدت كل سلام.. أعيت فىّ نفسى والمرار لصق بحلقى وصرت فى حال بائسة !!
وبينما أنا على هذا الحال، سمعت صوته الحنون: يا أبتاه إغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون.
فانتبهت.. ولمعت عيناى.. نظرت إليه بخجل وسألته بصوت خافت: يا رب.. هل تشملنى أنا أيضاً بغفرانك ؟؟
فوجدته ينظر إلىَّ من بين كل تلك الجموع، ويقول لى: يا ابنتى.. مغفورة لكِ خطاياكِ.
إغرورقت عينىّ بالدموع.. سألته بشغف: ولكن لماذا يا رب ؟؟ لماذا تغفر لى وقد قابلت محبتك بالجحود وانضممت إلى صفوف أعدائك وصالبيك ؟؟ لماذا تترك لى كل هذا الدين-والذى يستحيل علىّ إيفائه ؟؟
نظر إلىّ بحنو وقال: محبة أبدية أحببتك، من أجل ذلك أدمت لكِ الرحمة.

وإذ توقف الجلادون عن تعذيبى، أحسست أن أثقالاً عسرة الحمل تنزاح عن كاهلى وهدأت نفسى..
أردت أن أشكر الرب على عظيم عمله معى.. سألته -وقد انفرجت أساريرى: ماذا تريد يا رب أن أفعل ؟؟
أجابنى: كما فعلت أنا بكم إفعلوا هكذا أنتم أيضاً بعضكم ببعض.. إغفروا وأتركوا من قلوبكم كل واحد لأخيه زلاته.. أحبوا أعداكم باركوا لاعنيكم أحسنوا إلى مبغضيكم وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم.
وإذ قد عادت حياتى فىّ- بل حياته هو فىّ، شكرته من كل قلبى.. نعم يا رب بالحق تكلمت، فليس أقل من أن أغفر من كل قلبى لمن يسئ إلىّ كما غفرت لى أنت.. ولكن يا سيد إحتمل غباوتى أيضاً، ضعفاتى الشخصية ماذا أفعل بها ؟؟
فترّفق الذى تألم مجرَّباً حتى ما يقدر أن يعين المجرَّبين أيضاً، وأجابنى: لا تفعلى بها شيئاً.. فقط سلِّمى كل حياتك لى وأنا أعينك.

أفقت من غفوتى.. فإذ به أحد القيامة.
فلنفرح بقيامة المسيح.. ولنعيِّد للرحمة.. ولنحيا بالسلام.
خريستوس آنيستى.. آليثوس آنيستى.

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٤ صوت عدد التعليقات: ٦ تعليق