CET 00:00:00 - 08/02/2010

مساحة رأي

بقلم: جرجس بشرى
يبدو أن حكومة مصر وبعض المحسوبين على السياسة فيها ما زالوا يعيشون حالة غير مسبوقة من التغييب أو تجاهل الحقيقة، وأبسط شيء يؤكد على جهلهم بل وغبائهم السياسي هو ترديد الاسطوانة "المشروخة والمدغدغة" بعد التظاهرات السلمية المشروعة التي يقوم بها أقباط مصر بالمهجر عقب حدوث كل واقعة عدوان طائفي جماعي ضد الأقباط في مصر، حيث يدعون أن أقباط المهجر عندما يلجأون إلى مثل هذه المظاهرات في الدول الراعية للديمقراطية وحقوق الإنسان أو يلوحون بتدويل قضيتهم العادلة، فإنهم يستقون بالخارج والأجنبي، ويعتبرون بذلك "والعياذ بالله.. أستغفر الله العظيم يارب" خونة ومأجورين، وتحركهم أجندات صهيونية وأيادٍ أجنبية، ويبدو أن الحكومة بغبائها السياسي المُفرط نست أو تناست بأنها هي المُحرك الأوحد الذي يدفع الأقباط إلى القيام بمثل هذه المظاهرات أو المطالبة بتدويل قضية الأقباط أو الاحتجاج لدى المنظمات الدولية الشرعية بل وحكومات وبرلمانات الدول الراعية للديمقراطية والتي وقعت معها الحكومة المصرية اتفاقيات تلزمها باحترام المواثيق والعهود الدولية لحقوق الإنسان.

 ولقد تعجبت جدًا لما قاله الرئيس مبارك في عيد الشرطة عن الاستقواء بالخارج مُلمحًا عن الأقباط، وهو الرئيس الذي في عهده تم إضعاف الأقباط وتهميشهم على كافة الأصعدة والمستويات دون أن يتحرك لرفع الظلم والاضطهاد الذي يمارس ضدهم من قِبل حكومته وحزبه الحاكم مع أنه يقدر على ذلك بحكم ما يمتلكه من سلطات وصلاحيات يكفلها له الدستور والقانون، فهل سكوت الأقباط عن الاضطهاد الذي يمارسه الحزب الحاكم وحكومته ضدهم والإدعاء بأن كل الأمور على ما يرام تعتبر الوطنية والفضيلة، وأن فضح الظلم الواقع عليهم على مرأى ومسمع من العالم كله رذيلة؟،  فهل مطلوب من الأقباط أن يعيشوا دائما مضطهدين ومهشمين وعلى هوى الحزب الحاكم ليكونوا وطنيين وليس من المغضوب عليهم ولا الضالين؟!!.

 فعلى الحكومة المصرية بكل قيادتها أن تدرك جيدًا أنه إن كان هناك من يستقوي بالخارج في مصر فهو الحكومة المصرية ذاتها، وأن المنظومة العالمية الجديدة لم تجعل هناك حدًا فاصلاً بين الداخل والخارج، حتى مفاهيم السيادة الوطنية للدولة بدأت تأخذ منعطفات ومفاهيم جديدة فرضها المناخ العالمي السائد، وأن أبسط قضايانا ومشكلاتنا التي تعجز حكوماتنا عن حلها، فإنها تحل عن طريق الخارج والأمثلة على ذلك كثيرة، وما معنى أن مطالب القيادة السياسية من الإدارة الأمريكية التدخل لحل القضية الفلسطينية؟ أليس هذا استقواءً بالولايات المتحدة لكي تتدخل وتضغط بما تمتلكه من آليات لحل المشكلة الفلسطينية، لقد لجأت مصر إلى التحكيم الدولي في قضية تمس السيادة الوطنية في الصميم لإرجاع طابا المصرية وحصلت على حقها في استرداد هذه القطعة الغالية من أرض مصر؟ يا سادة.. إن السعودية نفسها سارعت إلى الاستقواء بأمريكا إبان غزو صدام حسين للعراق، وهو بل شك استقواء بأمريكا!! إذن على الحكومة المصرية أن تكف عن اتهام أقباط الخارج والداخل الشرفاء بالاستقواء بالخارج، لأن الاستقواء ليس تهمة، ولأنها هي التي أضعفت الأقباط ودفعتهم نحو الاستقواء بالشرعية الدولية، أم أنه حلال أن تستقوي الحكومة المصرية بالخارج وعيب وحرام أن يفعل الأقباط ذلك؟.

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٧ صوت عدد التعليقات: ١١ تعليق