CET 00:00:00 - 27/01/2010

مساحة رأي

بقلم: سامي بشارة
يحاسب القانون اللص الذي يكسر أقفال المتاجر والبيوت ليسرق منها وما، فيها لكن القانون لا يُحاسب الذئب الذي يعتدي على حظيرة الغنم ويلتهم ما بداخلها ومن فيها، فهل نحن فى زمن تصح فيه مقولة "إن لم تكن ذئبًا أكلتك الذئاب؟!"، فعندما يتجرأ إنسان ويتجرد من أية مشاعر إنسانية أو حتى حيوانية ليمسك ببندقية آلية ويسفك دماء الأبرياء فهذا ليس مجرد حادث بل حدث بل هى قضية ومصير وربما مع تعددها وتكرارها تكون ظاهرة وتوجه ليس فرديا بل ربما مخطط جماعى اجرامى خطير لا يهدد مسيحيى مصر وحدها بل والعالم العربى والاسلامى ايضا فمنذ وطدئت اقدام الغازى ابن العاص ارض مصر الطيبة والمسالمة ومسلسل اراقة الدماء لا تنتهى حلقاته ولا تنفذ وصلاته ومن بين اثنين وعشرين دولة عربية لم يبقى بعد قرابة الف واربعمائة عام من الاحتلال المعنوى والمادى سوى مصر التى اطبقت عليها وباحكام احكام المنع والقهر ورفض الاخر وذبحة والازدراء به وفرض قوانين الحظر والطوارىء ولبنان التى فى طريقها الى صلب الهوية وخنق التعددية وافناء الاخر بشتى الطرق وبكل الوسائل. ولطالما صارعت مع فكرى وذهنى لاضع تصورا عن من المسئول عن شر الانسان؟ فاحيانا اراه حملا وديعا واخرى اراه مريعا! وبين النقيضين ملايين الضعفاء والابرياء والمهمشين والمخوفين القابعين والقانعين صرعى يضيعون العمر املا فى نظرة عطف من حمل او هربا من عضة خوف اذا هاج الذئب وماج وصمم على الغزو والفتح وتمادى فى تطبيق نفس المنهاج وانتهج شريعة الغاب وامسك بالسيف المسلول فى وجه كل من خالف واختلف ومن لم يخنع او لم يخف. فى كل حادث تخرج علينا شروحات عدة وعبارات فجة تشجب او تدين او تندد ويمضى حادث لياتىء اخر يغطى علية وينسيه ولكن يبقى اعتداء نجع حمادى فى المشهد راسخا فى الذكرى ومستقرا فى الذاكرة لانه فريد فى التوقيت والاسلوب وفى التنفيذ. ومن الاراء التى طرحت فى هذا الحادث لفت انتباهى وصف وتوصيف سيادة الرئيس فاما الوصف فهو"ان الحدث قد ادمى قلوب المصريين جميعا مسيحين ومسلمين" وما التوصيف فكان"الخطاب الدينى المستنير غائب" فى انتقاد مباشر للازهر والكنيسة او محاولة لدرء المسئولية عن الدولة والاجهزة الامنية والشرطة وذلك غداة يوم الاحتفال بعيد الشرطة. وكأن المشهد الغالب الان فى مصر هو ان كل الاطراف تتهم الاخرى وتلقى بالمسئولية على كل الاطراف عداها! فنحن امام حالة لا يمكن وصفها بالاحتقان ولا يمكن اختزالها بالطائفية ولا يمكن تحجيمها بالتطرف بل نحن فى حالة فوضى منظمة من كل الاطراف والمسئولية جماعية على المستويات فنحن امام ظاهرة من الانتحار الجماعى ليس فى مصر فقط لكن ايضا فى نيجيريا والسودان وايران والكوريتين والهند وباكستان واندونسيا وانتحار سياسى امريكى اوبامى والبقية تأتى. نحن امام تدين سطحى شكلى صورى ونحن امام علاقة بالله لا يسودها الحب والاحترام بل الخوف والخنوع ونحن امام فكر يمتلك حقيقة مطلقة ونحن امام خلافة رسولية وقوة عنترية هتلرية ونحن امام حرب دينية بن لادنية وما بين قبضة الدولة الامنية وسطوة الكنيسة التقليدية وسلطة الازهر الاصولية يضيع الحق ويغيب العدل ويموت الانسان فمنذ ان قام قايين على اخيه هابيل وقتله والسيناريو مستمر. فهل بالاستنارة وحدها يعود الانسان الى انسانيته؟ المشكلة جماعية ولابد ان يكون الحل جماعى ومن هنا تبرز الحاجة الى طريق والى حق والى حياة.

Samy6868@yahoo.com

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٠ صوت عدد التعليقات: ١ تعليق