CET 00:00:00 - 20/09/2009

مساحة رأي

بقلم: نبيل المقدس
أنا أسمع عن جرأة المخرجة  إيناس الدغيدي في كيفية تناول أحداث خطيرة  من الصعب إظهارها في مجتمعنا الذي يسيطر عليه بعض قوات التخلف, وربما تُسبب لها مشاكل , أو إزدراء من هؤلاء الذين يريدون أن يأخذوا بلادنا إلي ما وراء قرون  من الزمان . كما أنا لست من ضمن هؤلاء الذين يتدخلون في فكر أو رأي أو عمل ما مهما كان ضد مبادئي والقيم التي تربيت عليها أو حتي كانت ضد مباديء عقيدتي , بل أردُ الحجة بالحجة ... ولأنني لم أري الفيلم  فأنا هنا ليس في صدد نقد الفيلم بل هو مجرد سؤال : هل تستطيع أيناس الدغيدي كمخرجة ناجحة وأخذت مكانتها في الفن والتي تؤمن بحرية الآخرين والأقلية وأن تنصفهم في فيلم من أفلامها و تُخرج لنا هذه القصة والتي سأبدأ في سردها الآن: -
إستيقظت علي جرس التليفون في الساعة الثالثة في الفجر وكم إنزعجتُ من رنينِه ... أخذتُ أجري علي التليفون ورفعت السماعة ولم أستطع أن أثبته علي أذني من شدة الرجفة ... سمعتُ صوتَ أختي علي الطرف الآخر فهي تحدثني من ميلانو ... وأخبرتني أن خطيبي الأول يريد أن يراني بأقصي سرعة فهو فعلا في المستشفي ينازع الموت . وقد أرسل لي تذكرة الطائرة , وعلي أن أذهب إلي السفارة لكي أحصل علي الفيزا حيث أرسل للسفارة هنا في القاهرة دعوة شخصية لي لتسهيل إجراءات الإنتهاء منها حيث أنه أصبح إيطالي الجنسية منذ 7 سنوات تقريبا. وما عليّ أن أذهب بعد ذلك إلي شركة الطيران حيث أجد تذكرتي موجودة بإسمي ومدفوع ثمنها . 

وعندما إرتفعت بنا الطائرة , إرتفعت ذكرياتي عندما ذهبتُ إلي ميلانو من أجل مأمورية خاصة بالعمل لمدة 3 شهور . وتقابلت مع مُحسن في المطار, ورأيته وسيم ومؤدب ومحترم يَعرض عليّ خدماتِه بصفتِه أنه في ميلانو منذ 3 سنوات يعمل في إحدي شركات السياحة ... كان بالنسبة لي طوق النجاة وخصوصاً كانت أول مرة أترك فيها أرض مصر ... وبصراحة خَدمَني خدمات كثيرة , وبعد أن أوجدَ مكاناً لي كسكن , وبعدما عَلمني كيف أذهب إلي الهيئة والتي يتم تدريبي فيها,  وبعد ما علمني كيف  أذهب إلي السوق لإقتناء كل حاجياتي ... وبعد ما عَلمني وعَرفني علي كنيسة يتجمع فيها العرب المسيحيون وحضر معي إحدي تلك الإجتماعات , فكان لا بد لي أن أتعلق به جداً وأحسست أنني لا استطيع الإستغناء عنه. لمحتُ منه نفس الشعور والإحساس , ولأول مرة ونحن في  الكافيتيريا والتي تعودنا أن نحتسي فيها بعض المشروبات والأطعمة الخفيفة, إكتشفت أنني لا أعرف إلا إسمه الأول فقط ... فسألته عن إسمه بالكامل ... قلت في عقل بالي سوف يكون من وسط أسماء جدوده إسم يؤكد لي أنه مسيحي ... وبالرغم أنه حضر معي مرة الإجتماع , لكنه كان دائما الإعتذار والهروب من الميعاد الأسبوعي للإجتماع . أفصح لي عن إسمه ( محسن سليم منصور) ..!!! 

قضينا معا أجمل أيام الحب وإتفقنا علي عمل إحتفال إعلان خطوبتنا عند مجيء أختي الوحيدة لي بعد وفاة والدينا هي وزوجها من اليونان , فلقد كان يعمل زوجها هناك في تجميع الكروم , وكنت أعتبر زوج أختي أخا لي بإعتبار أنه ليس لدينا أخوة  . جاءت أختي وزوجها وأبنهما الذي لا يزيد عمره عن 3 سنوات , وإستقبلهم محسن ألطف إستقبال ... وحان وقت الإحتفال بيوم الخطوبة . وبعد شراء دبل الخطوبة تشاء الظروف أن زوج أختي يقابل صديقا ً له إسمه أحمد , وفي نفس الوقت إتضح أنه صديق مُحسن بل قريبه . ومن هنا إتضحت الصورة ... ولكي لا أطول عليكم , فقد كان تبريره أنه كاي إنسان يعيش في أوربا لا يشعر ان هناك فرق بين الأديان , فقد إتضح أنه كان مسلما بالإسم , ولا يعرف أي شيء عن دينه.  تركته وأنا في شدة الإنكسار , وأنهيت مدتي في ميلانو , ورجعت إلي القاهرة حيث بلد الآمان , علي الأقل أكون علي دراية مع من تقابلينه. أما أختي وزوجها فقد وجدا عملا في ميلانو فتركا اليونان وإستقرا في ميلانو , وكان زوج أختي يقابل مُحسن بالصدفة علي فترات طويلة جداً. 

هبطت الطائرة ووجدت أختي وزوجها وأبنهما في صالة الإنتظار , وذهبنا مباشرة إلي المستشفي الذي يرقد فيها مُحسن , لكي أعرف ماذا يريده مني بعد 4سنوات من عدم معرفة أي شيء عنه. أدخلتنا الممرضة الحجرة , فدخلت الحجرة ومشيت نحوه إذ أري هيكل عظمي عليه ملامح مُحسن . كان في غيبوبة , وأفاجيء بوجود سلسلة بها صليب تحوط رقبته , و كاهن كان جالسا بجانبه , فوقف ليرحب بي , وقال : هو انت ( بَسمة) قلت نعم , قال لي : إنت كنت السبب في بسمة مُحسن أن يعرف المسيح . فبعد سفرك إلي القاهرة داوم محسن حضور الإجتماعات وإقتنع بعد سنة دراسة برب الفادي ... وكان يرسل إليك كل أسبوع موضوع روحي بإسم جاكسون , وكنت أنت تكتبين له تأملك في الموضوع , وأنت لا تعرفين ان الذي يرسل إليك هذه المواضيع كان مُحسن..  فجمع جميع مقالاته التي كان يرسلها لكِ ومعهم تعليقاتك  الجميلة والمؤثرة وجعلني أجمعهم في كتاب تحت عنوان [ يسوع هو بسمة حياة مُحسن] ... إنهمرت دموعي كالدم , لكن إبتسم قلبي فرحا وشكرا للرب لمعرفة مُحسن طريق الرب. فتح عينيه ورآني ومد يديه لكي يمسك بيدي ونضم الصليب معا ً الذي كان علي صدره , وقال لي خذي الصليب لكِ ... فقد رَجّعتُ الدبلتين والخاتم وإشتريت بدلا منهم هذا الصليب لكي أهديه لكِ إشارة إلي محبتي لكِ والتي سوف نكملها في حياتنا الأبدية مع رب المجد.
. لقد حمل مُحسن الصليب وتبع سيده ... وأعطاه لي لكي أكون أنا المحمولة عليه ...!!!!!.....
هذه هي القصة ..... هل تستطيع المخرجة إيناس الدغيدي أن تجعلها تظهر إلي النور ويشاهدها العالم العربي.؟؟
أنا أعرف انه مستحيل , ليس لعدم قدرتك أو قدرة السينيارست أو طاقم العمل بأكمله ... لكن الصعوبة في البيئة التي تواجدنا فيها .... بيئة الطرف الواحد , ولا مجال للطرف الثاني أن يعبر عما يؤمن به.     
بالفعل .......إنه حدث تراجيدي ...... هل تقدرين أن  تخرجيه يا ...إيناس , يا ... دغيدي.....!!

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ١٥ صوت عدد التعليقات: ٣٤ تعليق