CET 00:00:00 - 20/09/2009

مساحة رأي

بقلم: د. عاطف نوار
بداية أُهنئ أُمنا الكنيسة بعيد النيروز و تذكار تتويج أبنائها الشهداء بأكاليل الشهادة بيد فادينا .. المسيح رب المجد.. إن الجهاد و الإضطهاد
كلمتان  متلازمتان أثقلتا آذان الشعوب وأحزنتا القلوب و أكأبتا النفوس.. و كان الجهاد فى سبيل الله تعليلٌِ لما يحدث للأقليات من إضطهاد .. مما دفع الفكر المستنير لبحث هذه القضية و كشف أسرارها و إعلان حقيقتها .. ما هو المفهوم الصحيح للجهاد فى سبيل الله ؟.. إن الجهاد فى سبيل الله هو بذل الجهد و العرق للتبشير باسمه وبقبوله للجميع فى ملكوته .. فالمجاهد هنا وظيفته فقط ان يبلغ رسالة الله بحبه للجميع و دعوته للتاس إلى التوبة .. أما من جهة القصاص فهو يخص الله فقط .. هو الذى يجازى و يعاقب .. إن رسالة الله لمن يخدمونه و يجاهدون فى نشر دعوته هى أن يبشروا فقط به ..

من يقبل فقط نال الخلاص و من لايقبل فعقابه عند الله بعد الممات.. لذلك أوجد الله النار لمن لا يقبل و الجنة لمن يقبل .. إذن فالجزاء و العقاب ليسا من سلطة رجال الدين و لا من يعاونهم فى الجهاد فى سبيل الله .. إذن  ما هى حقيقة ما يحدث للأقليات من قتل و إغتصاب و سرقة و هتك أعراض .. هل هذا كله جهاد فى سبيل الله ؟ .. هل الله دعا الذين يخدمونه إلى إرتكاب كل هذه الجرائم لتنجح الدعوة باسمه ؟ حاشا .. إن حقيقة الأمر غير ذلك تماما .. فكل هذه الجرائم البشعة تقع تحت مسمى الإجرام .. و حاشا لله أن يكون خدامه من المجرمين..إن عبارة الجهاد فى سبيل الله هى ثوب الحملان الذى لبسه مدعى التدين مبررين فجورهم مزينين دنائة شهواتهم فى جمع المال و النساء و السلطة حيث شهوة الجسد و شهوة العين و تعظم المعيشة.. إن عبارة"  الجهاد فى سبيل الله" تكشف جُبن هؤلاء و تعكس زيف تدينهم .. فهذه العبارة أُطلقت لتبرير جرائمهم ضد الأقليات العُزل من العُدة و العتاد .. فهل يستطيع أولئك الأبطال المجاهدين ان يمارسوا هذه الجرائم العلنية ضد بلاد عُظمى لا تعبد الله  كالصين و اليابان ؟.. إن عبارة " الجهاد فى سبيل الله " هى سبيل  لاضطهاد خلق الله و النيل منهم .. إن الإضطهاد هو ممارسة التمييز على الأقليات و يصل ذروته إلى أعمال العنف و الهمجية لإجبارهم على ترك مايعتقدون به.. و الحُجة.. أنهم أعداء الله .. لذا فالإعتداء عليهم هو جهاد فى سبيل الله ..

و هذا ما قاله رب المجد " بل تأتي ساعة فيها يظن كل من يقتلكم أنه يقدم خدمة لله" (يو 16 : 2) .. ثم من هو عدو الله .. الذى يعبده منفذا أوامره فلا يقتل و لا يزنى و لا يسرق و لا يشتهى مال و إمراة غيره ؟.. أم الذى يخالف أوامره فمع سبق الإصرار و الترصد يقتل و يزنى مغتصبا نساء غيره و يسرق مال غيره ؟ .. من هو عدو الله ؟ .. الذى يتعفف عن شهوات العالم ؟ أم الذى ينغمس فى شهوات هذا العالم؟..و فى هذا يحدثنا الله فى الكتاب المقدس" أيها  الزناة والزواني ، أما تعلمون أن محبة العالم عدواة لله ؟فمن أراد أن يكون محبا للعالم فقد صار عدوا لله " ( يع 4 : 4 ) و محبة العالم تُعنى محبة شهوات العالم من قتل و زنا .. إلخ .. و عجبا .. أن يُصبح الجهاد فى سبيل الله عدواة لله .. إن إضطهاد الأقليات لهو إعلان صريح عن عجز من يضطهدهم و ضعف حُجته و برهانه.. و ها قد رأينا دقلديانوس و نيرون و رفقائهما بجبروتهم و عُدتهم و عتادهم و قد و قفوا عاجزين عن ثنى آبائنا الشهداء العُزل عن إيمانهم ..

فما كان منهم أن استخدموا معهم أساليبهم الواهية من إضطهاد و تعذيب .. و كانت النتيجة أن توج التاريخ شهداءنا بأسمى درجات المجد و الكرامة و طرح هؤلاء الجبابرة الإرهابيين فى مزبلته.. و من قبلهم فرعون مصر الذى اضطهد شعب الله و أذله فكان مصيره و جنوده و عُدته فى قاع البحر الأحمر اما شعب الله فدخل إلى أرض الكرامة و برية المجد .. إن عبارة " الجهاد فى سبيل الله  دفاعا عن دين الله " تحوى إهانة لذات الله و كُفر بمقدرته .. حيث لا يحتاج الله لمن يدافع عنه فهوالذى" يقاتل عنكم و أنتم تصمتون " ( خر 14 : 14 ) .. إن الإضطهاد يُزيد الأقليات قوة فى إيمانهم بفكرهم و معتقدهم .. فالسيف عاجز لا يقدر على قتل الفكر .. و التاريخ يشهد ..

ففى ساحات دقليديانوس كانت دماء الشهداء تُغطى ارجل الخيل و كانت جموع الحاضرين يؤمنون بالمسيح ربا و إلها .. إن الشئ الوحيد الذى يقتل الفكر هو الفكر و هو ما يفتقر إليه من يضطهد الأقليات جهادا فى سبيل الله.. إن الإضطهاد ليس غريبا على الأقليات .. فهو كرامة لهم و تأكيدا على قوة و رصانة معتقدهم .. و رفض الإضطهاد و التنديد به يؤكد شجاعة تلك الأقليات و ثقتهم فيما يعتقدون .. لذا أشد على يد كل من شارك فى إضراب الحادى عشر من سبتمبر الحضارى الذى عبر عن رفض الإضطهاد و التمييز فى شجاعة و جرأة غير مسبوقتين .. إن الجهاد فى إضطهاد الأقلية ضعفا و خسة .. و الجهاد فى رفض إضطهاد الأغلبية قوة و كرامة.

bolapavly@yahoo.com

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٢ صوت عدد التعليقات: ١ تعليق