CET 00:00:00 - 20/08/2009

مساحة رأي

بقلم: عساسي عبد الحميد
أبحث عن شاطئ منسي..
لأجمع فيه رملا وزبدا...
 و أصيغ حلما آخر ..
لأشبع من بحر نظراتك ...
 سأبحر فيه عينيك الواسعتين لأبحث فيهما عن قارب ضائع
 عن قصيدة مجنحة...
 عن قمر نيسان المتدلي....
عن أغاني صبايا ديرتنا عند الغدير
و عن اليادة معتقة..
سأبحر فيه عينيك الواسعتين...
 لأبحث فيهما عن سوق عكاظ و رقصة رباب الغجرية
سأعانق فيهما  الشفق الأزرق
و أرسو على جزرك النائية
لأبحث عن نبي فيك قام
و عن طيف قديسة أشبعت الجياع..
و أعادت الروح لقرية جاثمة ...
عن مجدلية تتأمل حجرا مدحرجا ...
عن خاطئة تغسل أقدام الأنبياء بدموعها وعطرها ..
و تمسحه بجدائلها ...
===========

عشية سبت مقدس "شفات قودش" ..
تقف راحيل أمام شمعدان السبت ...
تطيل النظر لطاولة مغطاة بمنديل أبيض ومزينة بالعتيق من الأواني ...
يضع الصغار أيديهم على وجوههم...
ثم تقول راحيل  ....
" مبارك إلهنا رب العالم  الذي قدسنا وصاياه  وأمرنا بإشعال شموع السبت ".....
وعندما يتأهب السبت للرحيل تودعه راحيل وصغارها برقة متناهية ..
ثم تسكب النبيذ على صحن ذات الفتائل...
"شفات شالوم"
"شفات هملكا"
===========
مرت سنون عن حلمي العجيب ....
وما زلت أذكر السنونو ...
وثوبك الغجري ...
وبيتي الريفي ...
والدالية...
ما زلت أذكر عبور حضرتك نهر قريتنا، لتضعي قدميك على قارعة حلمي العجيب...
 وأنا أرقب السنونو قبيل المغيبب...
أناجي قمر ديرتنا بقصيدة صامتة ...
أنسج من ضوئه حلما آخر ألقاك فيه أو لا ألقاك ...
ما زلت أذكر رنين خلاخيلك..
وبحر عينيك ..
 وعبق ضفائرك..
وفجر قصيدتك المرتجزة عن الأشرعة والصيادين وسوق العطارين ....
أتذكرين؟؟
عندما حدثتك أنا عن رمان قريتنا ونهرها المنسل بين الصخور؟؟
 أتذكرين؟؟
عندما حدثتك عن جدتي العتيقة التي زارتني في حلمي فسألتني عما تكونين؟؟ ....
فقلت  أضغاث أحلام ....
فابتسمت العتيقة وقالت كلنا أضغاث أحلام ....
مرت سنون و أنا أرقب زيارة لك أخرى  في حلم من أحلامي...
لأحدثك عن تلال بلدتنا ...
وزيتون جبالنا..
وأهزوجة الحصادين ....
لكن لم تعودين ...
==========

أستفيق على إيقاع صباح جديد...
كم لبثت؟؟؟....
يوما أو بعض يوم...
الأنثى حاضرة منذ قرون ترد الجدة 
 أنثى!!؟؟...
زنوبيا....
كليوباترا....
بلقيس....
استير ...
ليلي العامرية...
ديهيا الأوراسية ....
أنثى  اسمها ديهيا
ملكة  الأوراس الأمازيغية ....
كانت تتأمل زرقة السماء ...وتتسلق الجبال المخضرة
كانت تستحم ببحيرات الأوراس
وتنصت لحكايات العجائز في الليالي المطيرة ...
كانت تردد أغاني ايمازيغن القديمة بإيقاعات رفيعة ...
وتسابق الأيائل بجوادها الأبيض ...
كان شعرها يتطاير في الهواء ...
ديهيا ...أنشودة الفجر الخالد...
ديهيا....أسطورة الجبل المارد..
ديهيا...دفئ الأمومة في ليل بارد...
ديهيا..... ابتسامة اله ومزمور نبي عائد...
 ديهيا.....أم القريض ...والقصائد...
ديهيا ابنة مازغ...
كان هذا قبل أ يداهمها هولاكو العرب  ليفصل رأسها عن جسدها ...
و يشرب الأنخاب مع قادته على مقتل امرأة فريدة
كان هذا قبل أن يسيل دمها و يطوق بئرا عن كامله ....
بئر الكاهنة ....
هناك حدقت سيدة الكينونة  نحو الشمس قبل أن تغمض عينيها الواسعتين...
هناك  عانق بحر  نظراتها قمم الأوراس ووديان نوميديا ...
من ذاك البئر  صعدت الملائكة بروحها نحو العلياء ....
لتناجي أبناء مازغ ...
وتلقننا أنشودة الخلود وتتلو على مسامعنا قصيدة عنوانها ديهيا
سيدتي ...
مرت قرون وأنا أرثيك ....
مرت قرون و أنا أبكيك ...
مرت قرون وأنا أتعمد بأنهار دمائك...
مرت قرون و أنا ألعن قاتليك...
مرت قرون وأنا أحفظ وصاياك العشرة ... 
===========

ليلة مطيرة ....
من الطارق ؟؟؟
عابر سبيل مبلل...
فليدخل ....
بعد العشاء نلتف حول المدفئة ...
ليحدثنا هذا الغريب عن قريته و رحلاته ....
يحدثنا عن أميرة الطوارق التي فرت ليلة زفافها....
وعن الذئب الوفي الذي رد الجميل لراعي الغنم ...
و قصص أخرى عن أشباح الليل ..
و هي تحرس بعيونها الكبيرة قوافل مكناسة المحملة بنفائس غانا وملح تامبوكتو ...
بتامبوكتو أخزن بعضا من  أحلامي ..
 بقرطاج  أنفض عنها الغبار لأحولها  قصائد مجنحة ...
بالأوراس أطلقها سرب حمام محلق...
بالأطلس أسطرك يا سيدتي على لوحاتي لألقاك على قارعة أحلامي ...
بتامبوكتو رفات نبي منسي ...
بقرطاج  روح عاشق متيم ...
 بالأوراس ذكرى  سيدة الكينونة الخالدة...
 وبالأطلس أريج مسائي و فجر أشواقي......
===========

سيدتي..
مسائك قمر ضاحك ...
مسائك أغنية نسوتنا في موسم القطاف..
مسائك شدو كروان حقولنا ...
مسائك أرز و خيزران و صفصاف
مسائك عبق صعتر قريتنا  ..
مسائك أريج قهوتي الغجرية...
مسائك أنا ...

عساسي عبدالحميد – المغرب
Assassi_64@hotmail.com.

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٥ صوت عدد التعليقات: ١ تعليق