CET 00:00:00 - 15/06/2009

حوارات وتحقيقات

*اتخربت بيوتنا وشُرّدت مليون أسرة قبل قرار ذبح الخنازير.
*مستعد في بحر 3 أيام إعدام خنازير مصر.
*شرف كلمتي عرفني بالمسئولين ويحترمونني لمّا يعرفوا إني زبال.
*تقابلت مع وزيرة البيئة في أحد الفنادق لطلب موافقتي على مشروع.
*أنا زبال ولو قضوا على سلالتي ولو تجاهلني مسئول لن أتعامل معه.
*رغم امتلاكه أساطيل نقل لا يعرف يسوق عربية أو يقرأ أو يكتب.
حوار: حكمت حنا – خاص الأقباط متحدون

عم "إسرائيل" أهم رجل في عالم الزبالة والخنازير بمصر، لقبوه بالإمبراطور والبرنس لتعدد علاقاته بالمسئولين وتاريخه الذي بدأه بنفسه حتى وصل لمنصبه الحالي، تعامل مع أكبر الشخصيات وتقابل في أهم الفنادق لعقد صفقات عمل، اعترف لي أنه لا يعرف أن يقرأ أو يكتب أو يسوق سيارة رغم امتلاكه أساطيل سيارات لكنه يعرف شيء واحد أنه بدأ مشواره بعرقه منذ أن كان عمره 18 عامًا حتى وصل بشرف كلمته مع المسئولين ومَن تعامل معه إلى أكبر معلم.
تعمّقت في شخصية ذلك الرجل لأجد فيه عمق البساطة وصدق الكلام وقوة إرادته رغم ما حلَّ به من مصائب بالقضاء على رأس ماله، أنه بحق رجل المتناقضات، وأسطورة عصره، ربما لم يُنجب مثله
واعترف بصدق إنني نلت شرف الحوار معه لإصراري  لمدة عامين على مقابلة ذلك الرجل الذي لم يستطيع أحد مقابلته ليفتح له قلبه وهو يسمعه في حديث صحفي، حرصت فيه على التعمق في حياته وتاريخه وعلاقاته وإن كان موضوع الخنازير هو الأهم على الساحة لكن كان على التعرف على عم إسرائيل الإنسان البسيط الذي لقّبوه بالإمبراطور.

*كيف بدأت مشوارك لتصل لِما أنت فيه الآن؟"إسرائيل عياد" إمبراطور الزبالة وملك الخنازير
ابتديت فيها بشقايا وتعبي منذ أن كان عمري 18 سنة، وكنت مع أخي الأكبر الذي توجّه لنشاط آخر وبقيت وحدي في نشاط الزبالة ومنها الخنازير وأكملت الطريق إلى الآن، وكان انفصالنا منذ عام 1968 وبعدها توفيَّ ميخائيل شقيقي وكوّنت نفسي بنفسي وكان رأس مالي 200 ألف جنيه وحتى أصبح سني الآن 73 عامًا لكني أسير مع الطريق المستقيم.

*وكيف كوّنت علاقاتك بالمسئولين من الوزراء والمحافظين؟
المصلحة أو الكلمة، فعندما أتفق معهم على شغل أكون عند شرف كلمتي، فاتفق على عدد العربيات التي ستحمل الزبالة وأعداد العاملين.

*لماذا يُنظر لمهنة الزبالة على أنها شيء مهين لمن يعمل به؟
أنا زبال ولو قطعوا سلالتي وهذا شرفًا لي.
والزبالة الموجودة في مصر بتدور ويطلع منها حاجات وتشغلها مصانع وتتداول من تاجر لآخر، وكيس الزبالة من السكان في 30 يوم يعمل 5 كيلو عيش وإحنا بنعيش من الزبالة لأكل عيشنا، فمثلاًَ رجال الأعمال في الأفراح والمناسبات يتبقى منهم الجاتوه والخرفان واللحوم فنجمع البقايا لأكل الخنازير ولو موجود فلاح بيشتري مننا الأرز بعد ما نقوم بتنشيفه لأكل الفراخ.... يعني فائدة للكل. 

*أزمة ذبح الخنازير، ما مدى تأثيرها عليكم؟
رد عليَّ بكل أسىَ: بيوتنا اتخربت وآلاف العُمّال أُغلقت بيوتهم، هتروح فين الناس دي بعد ما كان الواحد منهم بيكسب كويس!!
هناك جمعية تعطي الواحد منهم أجرة وتدفع رسوم في السلخانة وبيحصل على 200 جنيه من الجزار المعلم و50 جنيه من الناس و50 جنيه رزق آخر، يعني بيأخد أكثر من 300 جنيه في أربع أيام.

*والجمعيات الموجودة في حي الزبالين ماذا تفعل له؟
الجمعية الموجودة في كل حي للزبالين ولها ترخيص في هيئة النظافة في كل حي، وكل زبال له كارنيه يستلمه من الجمعية عن كل حي يشتغل فيه قيمته من 20 – 30 جنيه (ابتسم كأنه يضحك) البواب دلوقتي قطع رزق الزبال أصبح يقوم بأخذ كيس الزبالة بالعمارة الموجود بها ويعطي البقايا للروبابكيا فضاعت منفعة الزبال، والسوبر ماركت والمحلات الكبرى تعطينا الكراتين بالفلوس وغيري بيحصل عليها.

*البعض يرى أن مهنتك جعلتك إمبراطور وملك... ما ردك؟
أنا رجل عادي، إمبراطور إيه؟ فعلاً الزبالة مربحة والخنازير لكن في الماضي وقت ما كان الخنزير بـ 9 قروش في السبعينات وأقل (زريبة) في السنة بتخرج 4 طن سماد (ووجّه لي كلامًا مباشرًا رافعًا يده) لعلمك سماد الخنزير أكبر فائدة من السماد العضوي بعد ما نقوم بتخزينه لمدة 6 شهور لفترة طويلة بعد فرزه.

*لكن لو دخل الزرع ألا يضره؟إسرائيل عياد مع المحررة ويؤكد قائلاً: اتخربت بيوتنا وشُرّدت مليون أسرة قبل قرار ذبح الخنازير
الفيروس لم يدخل الخنازير، وعاوز أقول إن سماد الخنزير يباع بالجرام وكان فيه بالمنيا مصنع سماد وتوجد آلات تفرز الزجاج عن المعادن عن الروث، وقال مستنكرًا: وزيرة البيئة منذ عام 1987 وهي مارة على منطقة بالقرب منها حرق قش الأرز قالت روث الخنازير بيعمل ريحه كريهة رغم إن الريحة كانت من حرق قش الأرز، وألتقيت معها في فندق سميراميس وكان موجود الشيف الأجنبي والمدير وعرضوا عليَّ فكرة عزل الكرتون عن الصفائح وقالوا إيه رأيك قلتلهم أيدي على أيدكوا وعملوا التجربة وفشلت.

*باعتبارك الرئيس الأكبر للزبالين وملك خنازير مصر..... كم يبلغ عددها؟
أنا معرفش عددها بمصر.

*وهل التعويض الذي عرضته الحكومة عليكم مناسبًا؟
رد قائلاً: تعويض أيه يا أستاذة؟! كل مرة يعرضوا تعويض مختلف ولما عرضوا التعويض وحّدوه على كل خنزير ولم يراعوا اختلاف الأوزان!! المفروض التقدير يرجع لتوصية اللجنة البيطرية عشان منظلمش المربي. 

*هل تستطيع ذبح الخنازير التي تملكها لو طلبوا منك ذبحها؟
رد بكل حماس ممزوج خوف وألم، لو قالوا مواشيك ومواشي أحفادك أول مَن تذبح مقدرش اعترض، أصل دة قرار جمهوري هاعمل إيه؟؟ ضياع 5 مليون جنيه ولا خسارة مواطن من بلدي.

*عندما سألته عن أولاده وعملهم؟
رد بكل جبروت وثقة ممزوج بالببساطة: مفيش صحفي يجسر أن يقعد معايا ويسألني بالشكل دة، فقمت بسؤال زوجته وهو مشغول بالتليفون فقالت بكل مرارة: (كان معانا تسع أولاد وخمس بنات ولم يتبق معنا سوى ثلاثة أولاد وثلاث بنات وكلهم متعلمين وحاصلين على شهادات عليا، وقالت بحسرة شديدة المعلم إسرائيل مسئول عن 30 أسرة  في (رقبته) كلاً منهم عنده زوجة وأطفال هنعمل إيه لما يقضوا على مهنتهم غير العاملين بها؟). 

*وعُدت إلى المعلم إسرائيل وحاولت تغيير الموضوع لازدياد شعوره بالألم وسألته: إيه أشهر الفنادق التي تعاملت معها؟
تعاملت مع فنادق كثيرة، فنادق مصر كلها باتفق معها على شغل واحترامي والتزامي بكلمتي في شغلي بيجعل العلاقة بيننا تستمر.

*عرفت أنك بتنزل بنفسك لجمع الزبالة وأنت لديك آلاف العمال تحت إيدك؟
أنا بنزل مع العمال بنفسي في العربية النصف نقل بعد تحميل بقايا الفنادق ونطلع على المقلب للفرز، وأبعت أي عامل بعد مما نركن العربية يشتري أكل من السوبر ماركت ونفرش على الأرض، ولو جنبنا فلاح نطلب منه شوية طماطم وخضروات ويبقى أحلى أكل ونقدر بعده نشتغل بروح واحدة.

*لكن بعد وصولك لهذا السن ومكانتك المعروفة وسط المسئولين ألا تفضل الراحة بعد شقائك طوال عمرك؟
لما بأتعب وسط شغلي بأشعر بالرضا والراحة النفسية ولو مخرجتش للشغل أحس بالتقصير ومش مبسوط وحالتي بتبقى سيئة. والعامل دلوقتي يطالبني بأجر أعلى خاصةً لما البورصة خسرت.

*عم "إسرائيل" هل لك أسهم بالبورصة المصرية؟إسرائيل عياد يقول بفخر وثقة: أنا زبال ولو قضوا على سلالتي ولو تجاهلني مسئول لن أتعامل معه
أنا لا أضع أموالي بالبورصة.

*إيه نوع سيارتك؟
أنا لا أركب عربية لأني مبعرفش أسوق، باركب مع العمال في النصف نقل (وأكمل بكل بساطة مبتسمًا) لأني شفت حوادث في طريقي لمرسى مطروح لشراء أرض لتكون مقلب زبالة وكانت شرك ومن يومها وأنا مبحبش الشرك خاصةً مع الأقارب.

*هل فكرت أن تعزم أحد معارفك أو مَن يعملون معك في أحد الفنادق؟
أحيانًا بقابل أشخاص للعمل في فندق "الفور سيزون" أو "جراند حياة" لكن جلساتي مع الحبايب بعزمهم دايمًا على كباب من "عنتر" بالمنيل وأجيب حمام وفراخ وأبعت أشويها في مكان خاص بالجيزة مخصوص ونجمع ترابيزات جنب بعض وكل واحد له وجبته.

*هل ذبح الخنازير يستهدف الأقباط من الأساس والقضاء على تجارتهم؟
أنا معرفش الكلام دة وربنا يعوضنا لأن علاقتنا بهم معروفة وفيه ود.

*عم إسرائيل أكيد ذبح الخنازير خسارة كبيرة عليك، تقدر بعلاقاتك تمنع ذبحها؟
مفيش حاجة في إيدي وعندي 100 فرد مسئوليتي في فتح بيوتهم ولديَّ زرائب بالمعتمدية والمقطم وأنا مستعد لذبحها في أي وقت هعمل إيه؟!!
وأنا رجل مبعرفش اقرأ أو اكتب ومستعد في بحر ثلاثة أيام القضاء عليها تمامًا، و رد بلهجة حادة لدرجة الانفعال: لماذا إسرائيل عياد مفيش إلا أنا؟ عندهم 600 معلم.
ممكن أربي حاجة غير الخنازير للتخلص من الزبالة، مثلاً بط وربنا يعين الأجيال القادمة اللي رزقها كان على تجارة الخنازير.

*وحاولت التخفيف من تأثير الكلام عليه لشعوري بأنه منكسر داخليًا مُخفيًا ذلك بانفعاله فسألته: إيه المكان اللي بتستريح فيه نفسيًا؟
بيتي أفضل مكان عندي.

*شيء بيريحك نفسيًا لما بتعمله؟
*سعيي وراء لقمة عيشي، ويوم أخصصه لربنا، ويوم ما أبخل عليه بحاجة أحس بعدم رضاه عني، وراحتي وسط شغلي. وعم إسرائيل متعود يوم الأحد يروح الكنيسة.

•بتحس بخجل أو بخزي وأنت قاعد مع أي مسئول؟
يكفيني أنه يقول لي: أنا يزيدني شرف كلمتك يا عم إسرائيل، ولو واحد احتقرني لأني زبال بعد كدة يحترمني لردي عليه بكل احترام، ولو مسئول في المحافظة رميت عليه السلام ولم يرد أتجنبه ولو هيجيني منه مكاسب، وأول ما أدخل من باب السكرتارية يبلغوه بوجودي يقوم يسلم عليَّ ويطلب حاجة اشربها. 

*لو عم إسرائيل مش زبال كان ممكن يبقى إيه؟
فرد بشجاعة وفخر زبال ولو هيقطعوا سلالتي لن أطلع من مهنتي ودي حياتي للنهاية.

*ألم تتمنى مرة مقابلة رئيس الجمهورية؟
أنا لا أسعى وراء السُلطة ولما يصدر قرار يبقى فوق راسي.

ولولا ضيق صدره من كثرة الأسئلة والاتصالات المتوالية به من قِبل الصحفيين لجلست معه وسألته عن الكثير لكنه ازداد انفعاله من استفزاز المكالمات التليفونية التي استغلت بساطة ذلك الرجل لتوجه له تهمة تحريض التجار على عدم ذبح الخنازير لأخرج في النهاية بابتسامته المعهودة التي ظلت طوال الحوار رغم امتزاجها في بعض الوقت بالانفعال والألم أحيانًا من قرارات الذبح التي عصفت بحياته وتجارته حتى دخل حجرته كالأسد العجوز ولم يستطع إغلاق تليفونه في انتظار أي مسئول يتصل به حتى يمثل لأي قرار يصدره أو يطلبه منه.  

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ١٥ صوت عدد التعليقات: ٢١ تعليق