بقلم: صبحي فؤاد
حكومات الدول الراقية المتحضرة لا تخفي شيئًا عن شعوبها، تضع أمامهم الوقائع والحقائق والمعلومات بصدق وشفافية كاملة بدون خوف أو حساسية أو تحيز، حرصاً على الصالح العام واحترامًا لشعوبها.
في كل دول العالم المتحضرة يمكنك بسهولة جدًا الحصول على أية معلومات أو إحصائيات تتعلق بتعداد السكان وأعمارهم ودياناتهم المختلفة، فيما عدا حكومة مصرنا الحبيبة التي تعتبر الإعلان بصدق وأمانة عن تعداد سكان مصر الأقباط سرًا خطيرًا من أسرار الدولة لا يمكن إطلاع أحد عليه.
وإذا سألت لماذا.. تجدهم يقولون لك، وماذا تفرق؟؟ ماذا تفرق لو كانوا مليونًا أو عشرة أو عشرين؟؟ وهل الإعلان عن أرقامهم سوف يغير شيئًا؟؟
من وجة نظري أرى أنها سوف تفرق كثيرًا، لأن الإعلان عن أرقامهم الصحيحة سوف يساعد الدولة (إذا كانت حقًا حكومة كل المصريين) لتوفير الخدمات الاجتماعية والدينية والإنسانية لهم.
نعم سوف تفرق كثيرًا إذا كان تعدادهم الحقيقى 20 مليونًا وليس أربعة أو خمسة ملايين كما يحاول بعض الكذابين والمتطرفين والمتوهين الترويج، لأنه في هذه الحالة سوف يتحتم على الدولة إتاحة الفرصة لمن يمثلونهم في البرلمان لتعريف الدولة على مطالبهم ومساعدتها على إيجاد الحلول لمشاكلهم.
لقد أعطى تكتم الدولة وإخفاؤها تعداد سكان مصر المسيحيين الفرصة لصحفي جبان وخيبان ومتطرف محسوب على جماعة إخوان الخراب، استغلال تعداد كاذب وغير صادق للأقباط في مصر نشرته جهة أمريكية مجهولة، وقام بالتهليل ونشر سمومه ووصلة الردح المعتادة منه التي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تصدر إلا من أكثر الناس عداوة وكراهية لمصر وشعبها.
طبعًا لو كانت الدولة في مصر تحرص على مصلحة الشعب المصري ووحدته الوطنية لأعلنت بكل صدق وشفافية عن تعداد السكان الأقباط في مصر لإخراس الأصوات المتطرفة المتعصبة، التي تدّعي تارة أنهم واحد في المائة وتارة ثلاثة في المائة وتارة أخرى زيادة في الكرم يقولون أنهم خمسة ملايين لا أكثر ولا أقل..!!
إن موقف الدولة المتكتم على التعداد الصحيح لسكان مصر المسيحيين يجعل الكثيرين داخل البلد وخارجها يتساءلون، لمصلحة من تتكتم الدولة على تعداد الأقباط؟؟ هل تعصبًا منها ضدهم أو مجاملة للتيار الإسلامي المتشدد والذي يقوده إخوان الخراب في مصر؟؟..
على أي حال في كلا الحالتين تعتبر الدولة مقصرة ومهملة بل ومشاركة في إهدار حقوق الأقباط واضطهادهم والتمييز العلني والصريح ضدهم، بما يخالف قوانين حقوق الإنسان وكافة القوانين الدولية التي وقّعت عليها مصر وتعهدت بالالتزام بتنفيذها أمام المجتمع الدولي.
إننى شخصيًا أعتقد أن تعداد الأقباط في مصر لا يقل عن 18 مليون، وذلك استنادًا لما كتبه اثنين من كبار الصحفيين في مصر، وهما أنيس منصور وإبراهيم سعدة. وكلاهما كان قريبًا جدًا من الحكام (السادات ومبارك) وأصحاب القرارات والوزراء وكبار المسئولين في الدولة، الذين تتوافر لديهم المعلومات والأسرار.
وقد ذكر أنيس منصور في كتابه "هناك أمل" في صفحة 139 أن عدد الأقباط في مصر عشرة ملايين قبطي.
كان هذا الكلام الذي كتبه قبل موت السادات بقليل، أي منذ حوالى 30 سنة مضت، فتُرى كم يكون عددهم الآن بعد كل هذه السنيين الطويلة؟؟ هل من المنطق والعقل بعد 30 سنة سوف يصبحون بقدرة قادر 4.5 مليون أم أنهم سوف يتكاثرون ويخلفون الأولاد والبنات ويصبحون على الأقل 20 مليون؟؟
أما ابراهيم سعدة، فقد ذكر أن عدد الأقباط 15 مليون قبطي وذلك في مقالته المنشورة بجريدة الأخبار يوم الخميس 27 اغسطس 2009. ولا أعتقد أن صحفي كبير مثل إبراهيم سعدة كان على مقربة من السادات ومبارك وكبار رجال الدولة، سوف يذكر رقمًا خياليًا مبالغًا فيه لتعداد السكان الأقباط في مصر، حيث أنه لا يوجد له أدنى مصلحة في هذا الشأن.
إننى أدعو الدولة في مصر لنشر التعداد الصحيح والصادق والأمين للسكان المسيحيين في مصر، لوقف الأقاويل والإشاعات وأقلام المتطرفين وألسنتهم وسمومهم، التي ينشرونها في صحفهم الصفراء المأجورة.
أما التعلل بأنه مطلب طائفي يهدد الأمن القومي والسلام الاجتماعي، أو أنه لن يغير شيئًا في الواقع، فلماذا لا تنظر حكومات دول العالم لهذا الأمر بهذه الحساسية المفرطة؟؟ وما هو الهدف من وراء عمل إحصائيات السكان في مصر؟؟
صبحى فؤاد
استراليا |