- القنوات الفضائية حضارة أساءت الفضائيات العربية استغلالها.
- يجب تغيير البرامج التعليمية بالكامل لخلق جيل مصري إنساني عالمي.
- إذا اكتفينا بالزواج المدني فقط، ستحدث فوضى وعبث بكل القيم.

 
كتب: محمد بربر
أكَّد الأنبا "يوحنا قلتة"- النائب البطريركي للأقباط الكاثوليك- أن الحوار بين الكنائس قائم، ولكن بصورة غير منتظمة. مشيرًا إلى أن اهتمام الكنائس بالقضايا الاجتماعية والوطنية والسياسية، يأخذ منها الحيز الأكبر، وأنه لم تعد هناك مساحة كبيرة للحوار الديني. موضحًا أن أحد أعضاء الأمم المتحدة اقترح في السبعينات من القرن الماضي أن يكون عيد الميلاد أول يناير، وهو الأصح جغرافيًا، حيث أن أول يناير هو أول السنة الميلادية، إلا أن ذلك الافتراح قوبل بالرفض. رغم أن تاريخ العيد ليس عقيدة يؤمن بها الأشخاص، وإنما يدخل في تحديده أمور كثيرة من تاريخ، وتقليد، وسياسة، وسوق، ورواج اقتصادي. وقال: أنا لا أرى غضاضة في الاحتفال بعيدي الميلاد والقيامة في عدة تواريخ، فهو شأن جغرافي تاريخي اقتصادي، لا صله له بالعقيدة. مضيفًا: الشئ الهام أن أؤمن بأن المسيح وُلد في "بيت لحم"، أما متى ولد؟ يوم الثلاثاء.. الأربعاء.. الخميس.. لا يهم.
 
وأوضح "قلتة" أنه مشكلة كبيرة- أو كارثة- يمكن أن تحدث إذا احتفل (2.5) مليار مسيحي حول العالم بالأعياد في يوم واحد، حيث ستتوقف السياسة، والاقتصاد، وكل شئ. مشيرًا إلى أن تاريخ الأعياد ليس عقيدة وإنما دراسة وعلم، ويمكن أن يتغيَّر في المستقبل.
 
وقال "قلتة": إن اللجنة المشكَّلة لإعداد القانون الموحَّد للأحوال الشخصية للمسيحيين، قامت بتسليمه لوزير العدل، ومن المرجَّح عرضه في الدورة الحالية لمجلس الشعب.
 
وردًا على سؤال بخصوص الزواج المدني، قال "قلتة": الزواج المدني عقد يتم تطبيقه حاليًا، مشيرًا إلى أن الزواج تجري مراسمه في الكنيسة أو في المسجد، ثم يتم توثيقه في الحكومة، مؤكدًا أن الزواج بشقيه الديني والمدني "مهم جدًا"، أما الاكتفاء بالزواج المدني فقط، فيمكن أن يُحدث فوضى وعبث بكل القيم.
 
وناشد "قلته"- في تصريحات لمجلة أكتوبر- وزير التربية والتعليم أن يأخذ مهمة نشر ثقافة التسامح واحترام الآخر بين أتباع الديانات المختلفة على عاتقه. موضحًا ضرورة تغيير البرامج التعليمية جميعها؛ لخلق جيل مصري إنساني عالمي. مضيفًا أن هذا لن يضر الدين أو العقيدة في شىء، حيث أن العقائد السماوية ليست هشة.
 

وأشار "قلتة" إلى أنه يؤيِّد الدولة المدنية، ويرفض الدولة الدينية التي يحكمها رجال الدين. موضحًا أن أسوأ أنواع الحكم في التاريخ هو حكم رجال الدين من أيام كهنة "آمون" إلى العصور الوسطى، إلى يومنا هذا. أما الدولة المدنية فمعناها أن يحكم المتخصصون في كل المجالات (اقتصاد - علوم - سياسة)، وهي في ذات الوقت دولة دينية إذا كانت جماهير الأمة متدينة، ولكن يحكمها قانون مدني. وقال: العلمانية والدولة المدنية لا يتناقضان أبدًا مع الأديان وعقائدها.
 
وأكّد "قلتة" أن القنوات الفضائية تجارة واستثمار، وأحد كوارث الحضارة التي أساءت الفضائيات العربية استغلالها. كما أنها تجارة رابحة، وأحد أسباب الحرب الدينية الفضائية. وتساءل: بأي حق يشتم إنسان دين الآخر؟ أنت لا تؤمن بدين الآخر، فلماذا تتحدث فيه؟ داعيًا المهاجمين إلى التحدث في دينهم وشرحه وتوضيح مزاياه. وتساءل أيضًا: متى نتعلم أن نحترم من يخالفنا؟

وأضاف "فلتة": إن المجتمع يجب أن يتحرَّر من "قيود العصور الوسطى". مشيرًا إلى الفترة التي نشأ فيها "نجيب محفوظ" و"طه حسين"- الفترة الليبرالية من سنة 1920 إلى سنة 1952- وموضحًا أنه ذات مرة وفي احدى جلسات البرلمان وقف أحد الأعضاء يستأذن للذهاب إلى الصلاة، فصاح "عدلي يكن": اجلس. وماذا نفعل نحن؟.. نبحث شئون الشعب، أليست هذه صلاة؟ وقال: هذه روح نفتقدها، أنتجت أشخاص من أمثال "طه حسين"، أما ما نراه الآن، فلن ينتج إلا الأغاني التي نسمعها حاليًا، والأدب الذي نقرأه، ولن ينتج إلا ضحالة وسطحية تؤثِّر بالسلب على الحياة الثقافية والفكرية المصرية.
 
وردًا على سؤال حول كيفية معالجة الاحتقان الطائفي،  قال "قلتة": إن الحل يتمثَّل في طريقين، أولهما يبدأ من المدارس والجامعات في غرس المساواة واحترام الآخر، والثاني من خلال القانون الذي يُطبَّق على الجميع.. وتساءل: ماذا يضير أخي وجاري المسلم إن بنيت كنيسة، وقام هو ببناء جامع؟
 
وأنهى "قلتة" حديثه مؤكِّدًا أن الحاجة ماسة دائمًا إلي طريق للتعليم والتربية، وطريق لقانون يحترم الجميع.