جمال رشدى
يبدأ البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، الأسبوع الجارى، ‏زيارة لجمهورية المجر بدعوة رسمية من الحكومة المجرية، للمشاركة فى احتفالات العيد ‏القومى لها، ويلتقى قداسته خلال الزيارة، كبار المسئولين المجريين، والكاردينال بيتر إردو كبير أساقفة ‏المجر، والسفير المصرى هناك، ومن المنتظر أن تعطى جامعة بازمان بيتر فى بودابست ‏درجة الدكتوراه الفخرية لقداسته خلال الزيارة ذاتها، وتتضمن الزيارة أيضًا نشاطًا رعويًّا ‏مكثفًا يلتقى خلاله أبناء الكنيسة القبطية الأرثوذكسية فى المجر وبعض الدول المجاورة، ‏الجدير بالذكر أن الدكتوراه الفخرية من جامعة بيتر بازمانى، حصل عليها كل من البطريرك ‏برثلماوس رئيس أساقفة القسطنطينية عام 2001 والبطريرك المارونى بشارة الراعى ‏‏2012 والبابا شنودة الثالث أبريل 2001.

ورجوعًا إلى دعوة قداسة البابا تواضروس من الحكومة المجرية للمشاركة فى العيد ‏القومى لها فهذا حدث يستحق الاهتمام والتناول؛ لأن الزيارة تحمل طابعاً رسمياً ‏ورعوياً، فقداسته مدعو من الحكومة المجرية وذلك له مدلول قوى على أهمية ومكانة ‏الكنيسة المصرية والتى تمثل العمادة لجميع كنائس العالم الأرثوذوكسية، ولما أصبح لها من ‏توطين وتواجد فى كل بلاد العالم، حيث بدأت خدمتها وتواجدها فى المجر بشكل غير منتظم فى ‏النصف الثانى من القرن العشرين على شكل زيارات متفرقة لآباء أساقفة أو كهنة ‏وقداسات فى بيوت بعض الشباب الأقباط المتغربين هناك، وقد كلف الراحل قداسة البابا ‏شنودة الثالث عام 2004 الأب القس يوسف خليل بتولى خدمة أقباط المجر، وفى عام ‏‏2006 سجل التاريخ اعتراف دولة المجر بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية، ككنيسة تخدم ‏المسيحيين الناطقين باللغة العربية بالدولة.‏

وقد وجهت الدعوة للراحل قداسة البابا شنودة الثالث من حكومة المجر فى الفترة بين 19 ‏و21 أغسطس 2011، لحضور الاحتفال بالعيد القومى للمجر الذى يقام فى 20 ‏أغسطس من كل عام، وقد تسلم قداسته الدكتوراه الفخرية من جامعة بازمان بيتر فى ‏بودابست والتى تعد من أقدم الجامعات الكاثوليكية فى العالم وألقى كلمة تحدث فيها عن ‏مصر صاحبة أعرق حضارات العالم وعن نقاط الاتفاق العقيدى بين الكنيستين القبطية ‏والكاثوليكية، دشن أثناء الزيارة كنيسة السيدة العذراء ورئيس الملائكة ميخائيل، ومنح ‏القس يوسف خليل رتبة القمصية، وهى أول كنيسة قبطية بالمجر، وأول كنيسة فى ‏منطقة أوروبا الشرقية، وكانت كذلك آخر كنيسة دشنها قداسته قبل نياحته فى مارس ‏‏2012‏.

تأتى تلك الزيارة استكمالاً لدور قداسة البابا تواضروس كرسول سلام ومحبة باسم الوطن ‏والكنيسة، وذلك الدور جاء فى أصعب ظروف يمر بها الوطن مصر منذ اعتلائه كرسى البابوية ‏المرقسى نوفمبر 2012، فمخطئ من يتناول زيارات قداسته للخارج من منظور دينى روحى فقط، ‏بل فى المقام الأول هو دور وطنى عظيم يقوم من خلاله بإبراز وجه مصر السلام والحضارة ‏للآخرين، ولما لتصريحاته ومقابلاته الإعلامية تأثير وانتشار قوى، يقوم من خلالها بدحر ما يبثه الأعداء عن طريق الإعلام ‏الغربى أو المنظمات المسيّسة والأجيرة من إشاعات مغرضة الهدف منها بث روح التفرقة ‏والطائفية بين الشعب المصرى، وأيضًا خلال لقاءاته مع أبنائه يقوم بتشديد رباطة الجأش الوطنى للأقباط ‏فى الخارج، وخصوصًا الأجيال الهجينة التى ولدت وترعرعت خارج ثقافة الوطن وربطهم ‏بهوية الوطن عن طريق كنيستهم القبطية التى هى امتداد وموروث لتلك الهوية.
نقلا عن الوفد