صبحى فؤاد
     
بعد زوال كابوس عصابة الاخوان المتأسلمين وخلع مرسى عن الحكم يوم 3 يوليو من هذا العام 2013 كان ولابد ان تتغير مصر تغيرا جذريا شاملا وتصبح وطن يحتضن الجميع بلا تفرقة او تميز بغض النظر عن الدين او اللون او الجنس او الانتماء السياسى او الفكرى او الطبقى او الوظيفى ولذلك تقرر ابطال الدستور الذى كتبه اتباع المحظورة عام 2012 والذى كان يقنن التميز والتفرقة بين المصريين وكتابة دستور جديد عصرى يلبى طموحات وتطلعات المصريين جميعا .
ولهذ الغرض شكلت لجنة من خمسين شخصية عامة وكلفت بكتابة دستور مصر الجديد وبعد اسابيع من المشاورات والمجادلات والخلافات  والاجتماعات المفتوحة والاخرى السرية  اكتشفنا ان الدستور الذى يكتب حاليا لايفرق كثيرا عن دستور " مرسى وبديع والشاطر " وربما نفسه مع بعض الاضافات البسيطة والتعديلات التى لا تعنى كثيرا .ما وصل الى علمنا وعلم بقية ابناء مصر بخصوص الدستور الجديد  انه سوف يقر بان دين الدولة هو الاسلام واللغة العربية هى لغة الدولة وان مصر انتمى الى الامة العربية والاسلامية والاهم من كل هذا ان مصدر القانون والتشريع لعمل القوانين فى مصر هو الشريعة الاسلامية كما كان فى الدستور السابق !!
وسؤالى هنا : اذا كان هناك اصرار على ابقاء دستور مصر دينى عنصرى يميز ويفرق بين المصريين بما يخالف القوانين والمواثيق الدولية ..دستور يجعل  للدولة التى هى الارض والمياة والمرافق والانهار والبحار والاموات والاحياء  دين الا وهو الدين الاسلامى مثلما كان فى عهدى مبارك ومرسى فلماذا تم خلع مبارك وعزل مرسى ؟
ما معنى ان يخرج المسلم والمسيحى واليهودى والمسلم الشيعى والبهائى والادينيين معرضين حياتهم للخطر والموت من اجل اسقاط نظام مبارى ثم نظام مرسى الفاشل العنصرى وبعد ان يحققوا معا المعجزة ويسقطوا نظامى مبارك ومرسى نفاجىء بالنظام الجديد يطبب على المسلم ويكافئه وفى نفس الوقت نجده يقول للاخريين لا يوجد جديد عندى بالنسبة لكم او يقول لهم ارضو بوضعكم الحالى لان الوضع غير مناسب للتغير او منحكم حقوقكم كمواطبين مصريين !!
دعونى ادخل فى الموضوع دوغرى واقترح نيابة عن غير المسلمين فى مصر وخارجها النقاط التالية لاضافتها للدستور المصرى الجديد حماية لمستقبل مصر ووحدتها واستقرارها قبل ان يكون حماية لحقوق غير المسلمين من ابناء مصر:
اولا : يجب ان ينص دستور مصر الجديد على ان مصر كانت دولة فرعونية لها حضاراتها وامجادها وانجازاتها التى اذهلت ولا تزال العالم ثم دخلت اليها الديانة المسيحية وكانت الديانة السائدة لسكانها لاكثر من 500 سنة وقد وعانى سكانها الامرين بسبب تمسكهم بدينهم ورغم كل ما تعرضوا اليه من اضطهاد ظل غالبيتهم على دينهم المسيحى حتى بعد الغزو العربى الاسلامى لمصر منذ 1500 سنة . مصر عبر العصور حافظت على مصريتها وكل من دخل اليها سواء راغبا او طامعا انصهر فى بوتقتها ولم يفلح فى تغير عادات او تقاليد سكانها حتى الان.
بالمناسبة فى البرلمان الاسترالى  يقرأ يوميا اثناء عقد جلساته نص يقول بكلمات واضحة ان سكان استراليا الاصليين هم الابروجنيز وهم اول من عاشوا على ارضها كما الدستور الاسترالى نص على حقوقهم كاملة وميزهم بطريقة ايجابية.
ثانيا : يجب الخروج من تحت وصايا رجال الدين ووضع نهاية للخلط بين مؤسسات الدولة والسلسة والدين. يجب ان تكف الدولة عن لعب دور الوصى على ايمان الناس او عدم ايمانهم لان هذا الامر يفتح بوبات الجحيم على من يديرونها فى الداخل والخارج ويجعلهم دائما فى وضع المتهم المتحيز العنصرى.
لابد واكرر واقول لابد ان يتم الفصل تماما بين الدين والسياسة والا سوف تستمر مصر تدور حول نفسها وتظل رهينة للمتاجرين بالاديان .
ثالثا : لابد من الاقرار بوضوح كامل بحقوق الاقليات الدينية  والنساء والاطفال -  وعدم ترك امر حقوقهم طبقا لمزاج الحاكم او القضاة او اصحاب الفتاوى - بما يتماشى مع المواثيق والقوانين والتشريعات الدولية .
رابعا : فى ظل وجود نسبة عالية فى مصر من الاميين وانتشار التشدد الدينى وعدم الاقرار بحقوق الاخر فانه يجب ان ينص الدستور الجديد على نصيب محدد لكل من الاقباط والنساء والشباب وسكان المناطق الحساسة مثل سيناء والمحافظات المجاورة للحدود السودانية والليبية فى البرلمان المصرى لكى يكون هناك ثمثيل عادل لجميع المصريين .
واخيرا اقول لجميع ابناء مصر غير المسلمين وفى مقدمتهم الاقباط طالبوا بلا خوف او تردد او رهبة بدستور عادل للجميع ..دستور غير دينى .. دستور لا يميز ولايفرق بين مسلم او غير مسلم .. دستور غير عنصرى يقر بالحقوق الانسانية والدينية والتشريعية لكم التى جاءت فى المواثيق والمعاهدات الدولية التى وقعت عليها مصر ..
اقول لابناء مصر غير المسلمين ارفضوا ان يكون دين الاسلام او اى دين اخر هو دين الدولة والشريعة الاسلامية المصدر الرئيسى للتشريع وصناعة القوانين فى مصر لان هذا يعد تميزا صارخا  وعنصرية مرفوضة ويجعل منكم مواطبين درجة ثالثة.
اما حكام مصر الحاليين فاقول لهم بوضوح يجب ان تستوعبوا جيدا دروس وعظات واحداث الماضى وتتعلموا من اخطاء من سبقوكم وامامكم الان خياران اما ان تفصلوا بين السياسة والدين وتكتبوا دستور جديد يحتضن كل المصريين بلا تميز او تفرقة وينقل مصر من عصر الدروشة واصحاب الفتاوى والتجارة بالاسلام  وسطوة اصحاب الذقون الى عصر العلم والتكنولوجيا والابداع والحريات وحقوق الانسان واما ان تبقوا مصر على ما هى علية فتظل فى هذه الدوامة لسنوات عديدة قادمة  وفى هذه الحالة لا اتوقع ان يكون مصيركم مختلفا كثيرا عن مصير من سبقوكم لانكم لم تسمعوا لملايين المصريين الذين خرجوا يوم 30 يونيو 2013 رافضين الحكم الدينى العنصرى.

صبحى فؤاد
استراليا