مجدى يوسف

بعد مأساة أحداث كارثة سيدة الكرم السيدة سعاد ثابت جلست علي مقعد مريح و اخذتني غفوة لا اعرف كم من الوقت مر علي و انا في هذة الحالة و لكن ما اتذكره ان رأيت نفسي  بعد أكثر من ثلاثين سنة غربة في الخارج أقرر العودة بأسرتي الي مصر وأستثمر كل مدخراتي فيها لأفيد أهل بلدي وأعيش وسطهم  , ووقع اختياري علي محافظة المنيا , قمت بشراء قطعة أرض  وبنيت منزل فيها وحصلت علي التراخيص اللازمة و قرض لاستكمال تكلفة إقامة  مشروعي الذي أريد العمل به ويكون باب رزق لي و لبيوت أهل المدينة مسلمين ومسيحيين , رجال ونساء . 

 

فجاءة في يوم أسود  تنتشر إشاعة أن هناك علاقة حب  بين أثنين من العاملين معي مسيحي ومسلمة والتي لا أثبات لصحتها و لا وجود لها من الأساس  و أن خلفية هذة الإشاعة هو أن إحدى العاملات بالمشروع  رفضت الارتباط  بشخص مسلم رأته غير ملائم لها بسبب بعض سلوكياته الأخلاقية السيئة  فأراد تشويه سمعتها ردا علي هذا الرفض . و أن سبب الرفض هو العلاقة المشبوهة التي تربطها مع مسيحي لعمل معها لدي , و تنتشر الأشاعة أنتشار النار في الهشيم يتجمهر الألاف  من مسلمي المكان والأماكن المجاورة بعد صلاة الجمعة و الذي يصادف وجود عدد قليل من العاملين في المشروع وليس بينهم المسيحي المقصود ويتوجهون للمشروع وبيتي يحملون العصي و السكاكين و المشاعل ومعهم مواد بترولية و يقومون بالهجوم علي مكان  المشروع مسرح الجريمة من وجهة نظرهم و انتقاما لشرف المسلمين الذي انتهك فيقومون بنهب بيتي ومشروعي و يقومون بإشعال الحرائق فيهما ويروعون زوجتي وأبنائي  الذي لحسن حظهم أختباءوا في مكان لم ينتبه اليه المهاجمون , ورغم استغاثتي المستميتة بالأمن لإنقاذي أتي بعد بضع ساعات و قد أنتهي الأمر  تم حرق و نهب و تدمير كل ما وصلت اليه أيديهم لأن القيام ياستدعاء قوات أمن  كافية  أستغرق هذا الوقت الطويل قبل الوصول  .

 

تم نقلي لمركز اسعاف متواضع الإمكانيات  و تضميد كثير من الجروح المؤلمة بإمكانيات محدودة جدا , بدأت بعدها النيابة في أخذ أقوالي وعمل محضر بأقوالي في الواقعة ,طلبت من النيابة تفريغ كاميرات المراقبة التي اخفيت عن اعين المهاجمين وظهر بها الجناة وكثير منهم معروفين لي وللسكان  في المنطقة , وعندها بداءت الإجراءات القانونية للقبض علي الجناة مع استبعاد توصيف الحادث أنه طائفي . فجاءة يأتي العمدة وعضو مجلس الشعب ومأمور القسم   ومدير الأمن و ضباط امن وطني  ومعهم شيخ مسجد وقس كنيسة وبعد كلمات الأسف لما حدث   يقومون بالضغط علي للتنازل عن المحضر وعمل جلسة صلح عرفية حفاظا علي الوحدة الوطنية و منعا لمزيد من العنف والدماء و حفاظا علي حياتي وحياة أسرتي التي أصبحت في خطر لانهم اعتبروني الراعي الرسمي لهذه العلاقة وأنها كانت تتم بعلمي ومباركتي وأن من الأفضل لي بعد ذلك مغادرة المكان نهائيا , وماذا عن أموالي وشقي عمري ؟ وماذا عن قروض المشروع كيف أسددها ؟ حتي التأمين علي المشروع  في حالة الخسائر نتيجة اضطرابات شعبية لا يغطيها ,  وأين أذهب بأسرتي  ؟ وأين أجد مأوي أو سكن و مدارس لأبنائي و أنا لم أعد املك شيئا ؟ و أين أجد عمل مناسبا لي لا طعام أسرتي  و تكاليف الأدوية التي أتداوي بها من بعض الأمراض بحكم السن وسنوات العمل الشاقة وقتما كنت شابا قادرا علي العمل وليس الأن ؟ هل ضاعت حياتي وحياة أسرتي سدي ؟ ما هي الجريمة التي ارتكبتها لكي يتم عقابي بسببها ؟ هل أدفع أنا المجني علية الثمن والجاني ينعم بفعلته وينام في بيتة مع أسرته مطمئن وأنا وأسرتي في الشارع في المجهول ؟   

 

 استيقظت من غفوتي هذة علي صرخة مدوية مني وأنا أقول لا ,لا ,لا  أفزعت كل من في البيت الذين جاءوا لي مسرعين ليروا ما أصابني , نظرت إليهم بنظرات  كمن مسه  شيء من جنون وأخذت انظر لكل شيء حولي بنظرات الذهول و الشك وعدم التصديق  وصفوها لي لاحقا بالمرعبة أعجزتهم جميعا عن الكلام وسألتهم وأنا أتفحص فيهم  واحدا واحدا ليطمئن قلبي عليهم ولسان حالي يتسأل أين نحن ؟ هل مازلنا في منزلنا ؟ هل مازلنا خارج مصر في أمان أم أننا في مصر في المنيا في ضياع?

  هل  المنيا حلم أم كابوس ?