بقلم: عماد توماس
النقاش الدائر الآن فى جلسات الحوار المسمى بالوطنى، حول مشروع قانون الانتخاب أو مباشرة الحقوق السياسية لا يبشر بتوافق وطنى.

فالاتجاه السلفى المتشدد نحو المرأة والأقباط  ويتضامن معه الاخوان المسلمين لا يرى ضرورة لوضع ترتيبات قانونية لضرورة تمثيل المسيحيين والمراة والشباب فى القوائم الانتخابية بوجوب تمثليهم فى النصف الاول فى القائمة.

كان القانون السابق للانتخاب يفرض وضع المراة ضمن القائمة ولم يضع لها ترتيبا ورأينا السلفيين يضعون المراة بدون صورة فى القائمة ويضعونها فى اخر القائمة .

واذا كانت الاحزاب المدنية تضع المرأة والمسيحيين والشباب مجرد ديكورا فى القوائم، فبات من الاهمية الآن وضع ترتيب قانونى لوضعهم فى القوائم بصفة الزامية خاصة بعد الغاء تعيين  (10) أعضاء  من قبل رئيس الجهورية فى الدستور الجديد والتى كان رئيس الجمهورية يختار اغلبهم من الأقباط والمراة لذر الرماد فى العيون!!

أحد الأحزاب المدنية الى نشأت بعد الثورة كانت تضع فى لائحتها فى الانتخابات الداخلية للحزب الزام أن يكون هناك نسب معينة لتمثيل المراة والأقباط، الا أنه بعد أن نجح الحزب فى جذب عدد كبير من الاقباط تنازل عن شرط الزام تمثيل الأقباط فى لائحته الجديدة!!

وإذا كان الحوار الوطنى قد توافق-بعد جدل طويل- على الموافقة على وضع المرأة فى النصف الأول من القوائم التى تزيد عن أربعة افراد واعتبروه نصرا كبيرا كنوع من التمييز الايجابى للمراة فيبدو السؤال المنطقى لماذا لم يوافقوا على وضع مماثل للمسيحيين باعتبارهم من الفئات الاكثر تهميشا وظلمًا فى المجتمع؟ ولماذا يكون التمييز الايجابى للمراة دونا عن الأقباط؟.

واذا كانت الاحزاب الاسلامية تدعى مساواة أبناء الوطن الواحد وأن احزابهم غير مبنية على أساس تمييز دينى فلماذا يمارسون الاقصاء للاقباط من ترشيحاتهم؟ الم يدعو فى خطابهم ان الأقباط شركاء الوطن؟ والمشاركة لا المغالبة؟ فلماذا لا يفسحون مكانا لشركائهم أم أنها شعارات للاستهلاك المحلى ومخاطبة الرأى العام الغربى؟.

فى مراحل التحول الديمقراطى، يجب أن يكون هناك تمييزا ايجابيا للفئات المهمشة ، وهو ما اصطلح عليه باسم "الكوتا" بتخصيص نصيب أو حصة نسبية، لعدد محدد من المقاعد في الهيئات التشريعية للفئات الأقل عددًا، التي لا تستطيع أن تصل بصوتها". وأطلق لأول مرة في أمريكا بهدف تعويض الأقليات والجماعات المحرومة وخاصة الأقلية السوداء، وأول من أطلقة الرئيس الأمريكي كيندي في عام 1961وتم تطبيقه بإلزام الجهات بتخصيص نسبة معينة من الطلاب المقبولين فيها الذين ينتمون إلى أقليات إثنية، ثم طالبت به جماعات أخرى مثل الحركة النسائية، وانتشر في بلدان أخرى كانت تشعر فيها الأقليات بأنها محرومة من الحقوق.

والحياة السياسية الان فى مصر تحتاج ادراج تمييز ايجابى للأقباط والمراة والشباب مؤقت ولفترة واحدة او فترتين، ليس فى تعينهم مباشرة فى المجلس، لكن دفعهم فى النصف الاول من القوائم الانتخابية للأحزاب. فاذا كانت القائمة تتكون من 8 افراد فيجب ان يوضع إمراة وقبطى فى الأربعة مقاعد الاولى من القائمة. وغير ذلك لا نعتقد ان عدد الأقباط سيزيد عن أصابع اليد الواحدة فى انتخابات مجلس الشعب القادمة.

نعلم ان مشروع قانون الانتخاب بشكله الحالى سيدخل إلى مجلس الشورى ويخرج كما دخل بعد وضع رتوش تجميلية عليه لا تسمن ولا تغنى من جوع بفضل الاغلبية الاسلامية التى تسابق الزمن فى "سلق" و "طبخ" قوانين تعزز من أماكنهم. فهم لا ينظرون الا تحت اقدامهم ولا يرون المستقبل القريب وان على الباغى تدور الدوائر وغدا سيتجرعون من نفس الكأس الذى شربوه!!

فى النهاية نؤكد على أن البعض يخطئ إذا اعتقد أن مراحل التحول الديمقراطى من نظام سلطوى سيؤدى بالضرورة الى نظام ديمقراطى،  فصندوق الانتخاب آخر خطوة من خطوات الديمقراطية الحقيقية، فالحاجة ماسة الى ترسيخ وتدعيم ثقافة الديمقراطية حتى لا تتحول نتائج صندوق الانتخاب الى انتكاسة فى الممارسة الديمقراطية.