هاني صبري - الخبير القانوني
يلجأ بعض التجار الجشعين إلى بيع الأدوية المغشوشة أو منتهية الصلاحية أو مجهولة المصدر للمواطنين أو إخفاء الأدوية ويروج البعض أيضاً للدواء على المواقع الإلكترونية ويغري المتلقي بفعاليته، وهو في حقيقة الأمر غير آمن. بقصد التربح المالي السريع دون وازع من ضمير. ودون النظر إلى ضررها على صحتهم.

أن ظاهرة غش الدواء منتشرة في معظم دول العالم وهي من أخطر الجرائم التي تعرض صحة الإنسان للخطر، وله انعكاسات ضارة على المجتمع لذلك تحرص الدولة على مواجهة هذه الجرائم بشتى السبل والوسائل للحد منها ومعالجتها حفاظًا على الصحة العامة لمواطنيها .

جدير بالذكر أن المشرع المصري لم يضع : تعريف محددا للدواء، وإنما تناول الأحكام المتعلقة بالدواء من خلال القانون رقم 127 لسنة 1955 بشأن تنظيم مهنة الصيدلة، ونصت المادة (28) من القانون على أن ” كل ما يوجد بالمؤسسة الصيدلية من أدوية ومستحضرات أقر باذنية أو مستحضرات صيدلية أو نباتات طبية أو كيميائية ينبغي أن يكون مطابقا للمواصفات المذكورة بدساتير الأدوية المقررة وتركيباتها المسجلة ويحتفظ بها حسب الأصول الطبية” . وقد اكتفى المشرع المصري بوضع الشروط العامة لما يوجد بالمؤسسات الصيدلية من أدوية دون تحديد المقصود بالدواء، ويرجع ذلك إلى رغبة المشرع في سد الثغرات التي كان من خلالها تقع جرائم الغش والخداع.

ونصت الفقرة الأولي من الثانية من القانون رقم 48 لسنة 1941 والمعدل بالقانون رقم 281 لسنة 1994بشأن قمع التدليس والغش على أن يعاقب من طرح أو عرض للبيع أو باع شيئا من العقاقير أو النباتات الطبية أو الأدوية مغشوشة أو فاسدة أو انتهى تاريخ صلاحيتها مع علمه بذلك، فبمجرد انتهاء تاريخ صلاحية الدواء تقع جريمة بيع أدوية مغشوشة أو منتهية الصلاحية ولو ثبت من التحليل أن الدواء صالح للاستعمال.

أن جريمة غش الدواء كما عينته المادة سالفة الذكر قد تقع بإضافة مادة غريبة إلى السلعة ، أو بانتزاع شيء من عناصرها النافعة كما يتحقق أيضا بإخفاء البضاعة تحت مظهر خادع من شأنه غش المشتري ، ويتحقق كذلك بالخلط أو الإضافة بمادة مغايرة لطبيعة البضاعة أو من نفس طبيعتها ولكن من صنف اقل جودة بقصد الإيهام بأن الخليط لا شائبة فيه ، أو بقصد إخفاء رداءة البضاعة وإظهارها في صورة أجود مما هي عليها في الحقيقة .

أن جريمة غش الأودية عمدية لدى المتهم وهو علمه بالغش وإرادته إدخال هذا الغش على المتعاقد معه . ويعتبر القصد الجنائي ركنا فيها ، ويجب التحقق من علم المتهم بحقيقة غش الدواء أو فساده

- فمجرد وضع الدواء المغشوش في الصيدلية لا يعد عرضا للبيع ، فقد يكون وضعه تمهيدا لإرجاعه إلى شركة إنتاج أو بيع الأدوية أو لأي غرض آخر لذا يجب استظهار ركن العرض للبيع من خلال إجراءات الاستدلال أو التحقيق .

وقد ساوى القانون في المسئولية الجنائية عن جرائم الغش المنصوص عليها في القانون بين الشخص الطبيعي والشخص المعنوي فنص على معاقبة الأخير إذا وقعت جرائم الغش لحسابه أو باسمه بواسطة احد أجهزته أو ممثليه أو احد العاملين لديه بالغرامة التي تعادل مثل الغرامة المعاقب بها عن الجريمة التي وقعت ، فضلا عن وقف نشاطه أو إلغاء الترخيص في مزاولة النشاط نهائيا بحسب الأحوال.

وقد واجه القانون كل من غش الأدوية والعقاقير والنباتات الطبية أو شرع في ذلك، .بعقوبات مشددة ورادعة لمنع لكل من تسول له نفسه ارتكاب الاتجار في الأدوية المغشوشة والتسويق لها، كما حذّر القانون التعامل مع العقاقير مجهولة المصدر.

حيث حدد القانون عقوبات لتلك الجرائم فإذا تم بيع أدوية مغشوشة دون أن ينتج عن ذلك أضرار، فهو غش وتكون العقوبة الحبس أو الغرامة أو بإحدى العقوبتين .أما في حالة سبّبت العقاقير ضررًا مباشرًا على مستخدميها أو عاهة مستديمة، فتكون الواقعة جناية، وإذا ترتب عليها وفاة شخص أو أكثر تكون العقوبة السجن المؤبد والغرامة.

كما غلّظ القانون عقوبة الغش والتدليس في القانون رقم 48 لسنة 1941، والمعدل بالقانون رقم 281 لسنة 1994، وحدد عقوبات للشخص الذي يجلب تلك المنتجات من الخارج أو حتي تصنيعها دون ترخيص، وتكون عقوبته بالحبس مدة 7 سنوات.

وهناك العقوبات التكميلية لتلك الجريمة وهما عقوبتان وجوبيتان ١- المصادرة . ٢- نشر الحكم في جريدتين يوميتين على نفقة المحكوم عليه.

ونصت المادة 78 من قانون رقم 127 لسنة 1955 في شأن مزاولة مهنة الصيدلة، عقوبات للمخالفات بشأن مهنة الصيدلة.

حيث يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنتين وبغرامة لا تزيد علي 200 ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من زاول مهنة الصيدلة بدون ترخيص أو حصل علي ترخيص بفتح مؤسسة صيدلية بطريق التحاليل أو باستعارة اسم صيدلي، ويعاقب بنفس العقوبة الصيدلى الذى أعار اسمه لهذا الغرض ويحكم بإغلاق المؤسسة موضع المخالفة وإلغاء الترخيص الممنوح لها .