هاني صبري - الخبير القانوني والمحامي بالنقض
إصدر الفاتيكان وثيقة تؤكد ان  البابا فرانسيس سمح رسميًا للكهنة الروم الكاثوليك بمباركة الأزواج المثليين يوم الاثنين الموافق 18 / 12 / 2023 ، في تحول خطير وجذري  في نهج الكنيسة الكاثوليكية تجاه الأشخاص المثليين. ويمكن تنفيذ البركات بشرط ألا تكون جزءًا من طقوس الكنيسة العادية أو طقوسها، أو في نفس الوقت باعتبارها اتحادًا مدنيًا، وفقًا لوثيقة الفاتيكان التي وافق عليها البابا. ويجسد هذا الأمر الانفتاح الذي قدمه البابا لمباركة الأزواج المثليين في أكتوبر الماضي.

بدأت محاولات البابا لتغيير نهج الكنيسة تجاه الكاثوليك من مجتمع المثليين في عام 2013، عندما قال، ردًا على سؤال أحد الصحفيين حول رجال الدين المثليين: "من أنا لأحكم؟" وقد أشارالبابا فرانسيس إلى دعمه للاعتراف المدني بالأزواج المثليين..

ويمثل  ذلك تحولًا بعيدًا عن حكم عام 2021 الصادر عن مكتب عقيدة الفاتيكان والذي حظر أي بركات قائلاً إن الله "لا يمكن أن يبارك الخطيئة".

وهذا الإعلان الجديد يفتح الباب أمام البركات غير الليتورجية للأزواج المثليين، وهو أمر كان في السابق محظوراً على جميع الأساقفة والكهنة.

وهناك حكم الفاتيكان. آخر في عام 2003، الذي قال إنه "من الضروري معارضة الاعتراف القانوني بالزواج المثلي.

نري أن ما قرره البابا  فرانسيس بإعطاء الكهنة الأزواج المثليين'> مباركة الأزواج المثليين مخالف للكتاب المقدس وللطبيعة ومخالف أيضاً لوثيقة الفاتيكان الصادرة من قبل مجمع التعليم الكاثوليكي الذي يضع المنهاج الرسمي للمؤسسات التعليمية الكاثوليكية، فقد أشارت الوثيقة المؤلفة من 88 صفحة إلى أن الزواج التقليدي بين الرجل والمرأة هو الذي يحقق الاستقرار، معترضة على أي نوع آخر من الزواج، وانتقدت الوثيقة بعض الأفكار المعاصرة حول الهوية الجنسية التي تدمر مفهوم الطبيعة وتضر باستقرار مؤسسة الأسرة. وأن الهويات الجنسية العابرة " ترتكز عادة على مفهوم مشوش للحرية في تحديد المشاعر والحاجات" ، وأن النظريات الحالية حول نوع الجنس "تسير بعيداً عن الطبيعة"، وأن نوع الجنس ليس قرارا متروكا للبشر، لكنه أمر محسوم من قبل الله، وتوجد حكمة في تصميم الخالق لجسد الإنسان، وقد حدد مهمة لهذا الجسد سواء كان ذكرا أم أنثى". ويجب علي المؤسّسات تعليم "الطبيعة الصحيحة للبشر" على أسس واضحة ومقنعة تتعلق بعلم الإنسان.

من الواضح وجود اختلاف بين أسلوبي بابا الفاتيكان فرانسيس وسلفه بنيدكت السادس عشر، تأكد فعلا وجود اختلاف ليس فقط في الأسلوب، بل ربما حتى في الرسالة. فالذين تابعوا المسار البابوي لبنيدكت السادس عشر يدركون أنه كان من أشد المعارضين لزواج المثليين، وكرر مرارا أن المثلية "خطيئة كبيرة، وتعرّض استقرار المجتمع للخطر".

السؤال الذي يطرح نفسه هنا ما هي المعايير التي يستند إليها البابوات لتحديد مواقف الكنيسة تجاه الكثير من القضايا، خاصة وأن رأس الكنيسة الكاثوليكية حالياً وسلفه لا تفصل بينهما فوارق زمنية كبيرة، بل كان يعيشان في مكان واحد داخل أسوار الفاتيكان؟!.

وفي تقديري لا يوجد حق في زواج المثليين استناداً إلى اعتبارات لا حصر لها منها الفلسفية والأنثروبولوجية والدينية القائمة على النظام الطبيعي والفطرة السليمة والتقارير العلمية والقوانين  الوضعية. على وجه الخصوص المادة 23 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ، وقرارات المعاهدات المتعلقة بحقوق الإنسان ، ولا سيما المادة 17 من قانون سان خوسيه.

وان المفهوم التقليدي للزواج ، "أي اتحاد الرجل والمرأة" ، ولا ينبغي أن يُفرض على الحكومات "التزامًا بـ" زواج  لأشخاص من نفس الجنس ". ولا يعد رفض المثلية الجنسية نوع من التميييز لان من حق الدول حرية جعل الزواج فقط  للأزواج من جنسين مختلفين بين رجل و امرأة .

 وإن المثلية الجنسية مرفوضة تماماً لأنها تخالف الطبيعة التي خلقنا الله عليها وأنها نتيجة خلل في التطور النفسي، والإنحدار السلوكي، وعدم النضج في الشخصية، وإنعدام الشعور بالقيمة وفيها إهانة للنفس البشريّة، وأن المثلية الجنسية هي إنحراف في الميول الجنسية بحيث تتجه إلي أمثاله من نفس الجنس.، وليس لها أي علاقة بالتكوين البيولوجي الخاص بالإنسان، ولا يُوجد أي جينات تسبب المثلية، وأن العوامل غير الجينية، مثل الظروف المحيطة والتنشئة الشخصية والتربية تلعب دوراً هاماً في التأثير على السلوك الجنسي، كما هو الحال مع أغلب السمات البشرية الشخصية والسلوكية والجسدية الآخري، وهذا ما تؤكده الأبحاث العلمية الدقيقة وسبق أن ذكرنا ذلك مراراً وتكراراً من قبل.

أن تعاليم الكتاب المقدس ترفض وتدين وتحذر من المثلية الجنسية. ‏"لذلك أسلمهم الله إلى أهواء الهوان، لأن إناثهم استبدلن الاستعمال الطبيعي بالذي على خلاف الطبيعة وكذلك الذكور أيضا تاركين استعمال الأنثى الطبيعي، اشتعلوا بشهوتهم بعضهم لبعض، فاعلين الفحشاء ذكورا بذكور، ونائلين في أنفسهم جزاء ضلالهم المحق" ( رسالة بولس الرسول إلي أهل روميه ١- ٢٦: ٢٧).

كما جاء في الرسالة الأولى إلى أهل كورنثوس أيضاً ذُكر أن الذين يمارسون المثلية الجنسية لا يرثون ولا يدخلون ملكوت الله وهو الفردوس (الجنة) حسب المعتقد المسيحي: «أَمْ لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ الظَّالِمِينَ لاَ يَرِثُونَ مَلَكُوتَ اللهِ؟ لاَ تَضِلُّوا: لاَ زُنَاةٌ وَلاَ عَبَدَةُ أَوْثَانٍ وَلاَ فَاسِقُونَ وَلاَ مَأْبُونُونَ وَلاَ مُضَاجِعُو ذُكُورٍ، وَلاَ سَارِقُونَ وَلاَ طَمَّاعُونَ وَلاَ سِكِّيرُونَ وَلاَ شَتَّامُونَ وَلاَ خَاطِفُونَ يَرِثُونَ مَلَكُوتَ اللهِ.».

مؤكدين أن الكتاب المقدس يوصينا بالابتعاد عن كل الممارسات الخاطئة ومنها العلاقات المثلية إذا أردنا إرضاء الله.

حيث أن هناك فرق كبير بين رفض المثليين كأشخاص ورفض سلوكهم فالكتاب المقدس يوصي بأحترام ومحبة كل الناس ولكن هذا لا يعني قبول سلوك كل النَّاس.

فالكتاب المقدس هو المقياس الآسمي للحياة ويجب أن نعيش بحسب تعاليمه ومبادئه الروحية السامية، ونرفض أي أهواء أو تعاليم أو أبحاث تخالفه أياً كان مصدرها، لأنه الكتاب المعصوم للإيمان والأعمال وأخبرنا بإدانته ورفضه للمثلية.

وعلي الرغم من معرفة البابا فرانسيس بشكل عميق بوجود نصوص في الكتاب المقدس تدين المثلية ألا أنه يدعم المثلية الجنسية ويرفض إدانتها وهذا فيه مخالفة صريحة لنصوص المقدس، ربما تأثر بجماعات الضغط أو ما يسمي "لوبيات المثليين".

عفواً الحبر الأعظم البابا فرانسيس لا يجوز لقداستكم أو لغيركم أن يقول تعاليم تخالف تعاليم الكتاب المقدس تحت أي مسمي مهما كان دوافعكم أو تفسيركم أو تأويلكم لها، مع كامل الاحترام والتقدير لقداستكم ولمقامكم الرفيع، فأنا أختلف معكم في هذا الرأي حسب إيماني وإدراكي وما تعلمته وأمنت به، فنحن لا نؤمن بعصمة أي إنسان من الخطأ مهما كان منصبه أو مقامه  .

لذلم نطالب الفاتيكان بإصدار بيان لتفسير مدي صحة ما هو متداول من قرارات عن البابا فرانسيس  لانه هذا الأمر له ردود أفعال غاضبة ومتباينة وأحدث جدلاً شديداً وأثار حفيظة الكثيرين حول العالم .وفيها تحول كبير في موقف البابا والفاتيكان.

لذلك يجب أن يصدر عن الفاتيكان بيان لتفسير صحة ما هو متداول  عن البابا فرانسيس  من عدمه.

ونناشد كافة دول العالم تحمل مسؤولياتهم في علاج ظاهرة المثلية الجنسية لأنه مرض مثل أي مرض يحتاج إلي علاج نحن لا ندين هؤلاء فهم مرضي وضحايا نتيجة عوامل كثيرة و يجب علاجهم.

كما نُطالب المجتمع الدولي بتحريم زواج المثليين وتجريم المثلية على مستوي العالم.