بقلم : عماد توماس
 
أما قندهار فهى ليست القابعة فى جنوب افغانستان، لكنها مكان الجمعة التى سموها بمليونية "تطبيق الشريعة" فى ميدان التحرير بوسط العاصمة المصرية، ذهبت هناك لأطالع عن قرب ، بعيدًا عن شاشات الفضائيات، لأرى بعينى الوجوه وأسمع بأذنى الهتافات وأشتم بأنفى الروائح!! 
 
كان الشعار والهتاف الرئيسى تحريفا لأفضل شعارات الثورة " عيش ..حرية ..عدالة اجتماعية" فتحول الى " عيش ..حرية ..شريعة اسلامية" والمؤسف أن من ينادون بذلك من السلفيين والجماعة الاسلامية لم يكن لهم وجودا او حسًا أثناء الثورة. فلم ولن ننسى انهم حرموا الخروج عن الحاكم رغم ظلمه وعدم تطبيقه للشريعة. ولم يقولوا كلمة حق اما سلطان جائر. اذن فهم من الراكبين والمتاجرين والمستغلين لما آلت اليه الثورة.
 
المشهد فى التحرير، ترى فيه وجوها كأنها وجوها ليست مصرية، كأنك فى "قندهار" الأفغانية، الوجوه عابسه، غاضبة، حزينة، حتى وأن بدا عليها ابتسامة كاذبة، كأنهم فى خصام مع الحياه والجمال. الهتافات معظمها عدائية تحريضية، الملابس ليست كملابس المصريين الأعلام المرفوعة ليست كأعلام المصريين فعلم مصر تراه تائها وسط أعلام القاعدة والسعودية !!
 
عندما تتحدث مع بعض المشاركين فى المظاهرة، تكتشف الجهل والأمية فهم كخراف تساق الى الذبح دون أن تدرى ولا قوة لها أن ترفض. هذا رجلا جاء من اقصى الصعيد ليطالب بتطبيق شرع الله وهو اصلا لا يعرف نص المادة الثانية من الدستور !!
وذاك رجلا مسنا يرتدى الجلباب الابيض وذو لحية وقورة، يتهم "امريكا" بأنها وراء كتابة الآيات القرآنية على جرافتى أسماء الشهداء بشارع محمد محمود..هو ليس مريضا فقط بضغط الدم مثل أغلب المصريين لكنه مريضا بداء المؤامرة أيضا !!
 
اما هؤلاء السيدات اللاتى لا ترى اى ملامح لهن فاكتفوا برفع أعلام القاعدة السوداء وأعلام السعودية وكان لافتا ظهور أعلام  القاعدة بنسخة حديثة باللون الأبيض!!
 
أكاد أزعم ان هذه الجمعة من أفضل الجمع للباعة الجائلين دخلا، فذبائنهم من الآكلين ما لذ وطاب، ولا تندهش اذا رأيت أسرة كبيرة العدد من الرجال والسيدات والأطفال، وقد اصطفوا أمام مجمع التحرير فى دائرة جلوسًا امام صنية من "المحشى"  يلتهمونها بحماس منقطع النظير !!
 
على منصة المتحدثين، حدث ولا حرج، فها هو الشيخ المؤمن "حازم أبو اسماعيل"، والذى أثبت القضاء أن والدته حاصلة على الجنسية الأمريكية،  وهو يعتلى المنصة وأمامه اتباعه وأبناء خاشعين خاضعين، وهو يتجاهل رفع الآذان رغم أن المؤمنين المستمعون له نبهوه اكثر من مرة للتوقف لكنه قال لهم غاضبا "يا اخى عارف" واستمر فى الكلام وبعد أنتهاء كلمته رفع أحدهم الآذأن !!
 
لم يغب شيخنا الخلوق "على ونيس"، من مشهد جمعة "قندهار"، فهو من اوائل من يطالبون بتطبيق شرع الله ونحن نسأله عن حكم الشريعة  فى من ضبط متلبسًا بأفعال منافية للأخلاق؟ 
 
اما الشيخ "محمد الصغير"، رئيس "الكتلة البرلمأنية لحزب البناء والتنمية" سابقًا ومستشار وزير الاوقاف، فحدث ولا حرجن فها هو يهدد ويتوعد ويكذب فى خطبته أمام الألاف، فهو يتوعد شيخ الأزهر والنائب العام ورئيس نادى القضاة ويدعو عليهم وسط صيحات "آمين"!
ويدعو لتطبيق الشريعة، رغم أنف العَلمأنيون والليبراليون!   وينتقد قوى اليسار في سعيها نحو حقوق الفقراء بعيدا عن الشريعة، ويكذب كذبا حصريا لا مثيل له فيقول أن 90 مليون مسلم في مصر يريدون المساواة مع الأقباط !!. 
فالكذبة الاولى أن عدد سكأن مصر فى الداخل بحسب الجهازالمركزى للتعبئة العامة والإحصاء 83 مليون نسمة، واذا فرضنا أن عدد السكأن 90 مليون اليس فيهم نفرا واحد مسيحيا !!
 
أما عن مطالبته بأن يتساوى المسلمين مع الأقباط، فهو قول باطل يراد أيضا به باطل، وهو يذكرنى باللافتة التى رفعها طفلا صغيرًا  أثناء المظاهرة  تقول : "صدق أو لا تصدق ..5% يتحاكمون لشريعتهم كاملة و 95% يتحاكمون للمبادى" والأدق "يحتكمون وليس  يتحاكمون. اما البطلان  فالمسيحيون لا يحتكمون لشريعتهم فالمرأة مساوية للرجل فى الفكر المسيحى ومع ذلك فى مسألة الميرات فتجدها تسير بحسب الشريعة الاسلامية فى الحصول على نصف ما يحصل عليه الرجل..فأين هو الحكم والرجوع للشريعة فى المسيحية؟
 
أما عن المساوة، فنحن نريده أن يتساوى مع المسيحيين فى مسألة بناء الكنائس فى الاحتكام الى شروط العزبى باشا العشر والتى لو احتكم اليها ما كان شاهد مسجدا واحد جديدًا منذ عام 1934 !!
 
ونطالبة أن يتساوى مع المسيحيين فى تولى المناصب العليا سواء رئاسة الجمهورية او رئاسة الوزراء او الجيش والشرطة وعمداء الكليات والجامعات..وغيرها من المناصب الرفيعة التى لم تحظى بشرف أن يتول أى منها مسيحيا باعتباره ذميا ولا يجوز ولاية غير المسلم على المسلم !!
 
نريده أن يتساوى مع المسيحيين-اذا كأن صادقا فى حديثه- فى أن  يتزوج مسيحيا من طفلة مسلمة قاصر، رغما عن اسرتها ويُنصرها فى ظل تواطئ من الدولة بكافة مؤسساتها !!
 
نريده أن يجرب أن يرى بعينه مسجدا محروقا او مهدوما بيد اقباط متطرفين، او منع صلاة الجمعة من قبل مسيحيين مهوسين !!
 
نريده أن يقرأ صحفا حكومية تمول من أموال المصريين جميعا وهى تتهم كتابه بالتحريف، او يشاهد برنامج على قناة فضائية تنال من دينه ومقدساته !!
 
نريده أن يشاهد بعينه تهجير مسلمين فقراء-لا حول ولا قوة لهم- من قرى بصعيد مصر ، بعد أن هجرهم اشقائهم فى الوطن المسيحيين المفترين !!
 
اذا كان يريد هذه المساواة فأهلا وسهلا ..ومرحبا بقندهار على أرض مصر