بقلم- عماد توماس
زرت قرية دهشور يوم الاحد 5 أغسطس ، لاستطلاع  ومشاهدة الامر على أرض الواقع، تجولت فى القرية بداية من منزل الضحية الشاب "معاذ" وقدمت واجب العزاء لاسرته، ثم شاهدت محلات الاقباط المنهوبة وزرت الكنيسة وقابلت السيدة المسنة "سميحة"، المسيحية الوحيدة بالقرية، واستمعت لشهادات  شهود عيان من اهالى القرية بعيدا على الرسميات وكاميرات القنوات الفضائية. ولم يكن احد من الأسر المسيحية المهجرة بالقرية وعلمت انهم امام قصر الرئاسة فى وقفة احتجاجية على تهجيرهم فتوجهت لهم وقابلت اثنين من أهالى القرية المهجرين.

قرية دهشور
تقع القرية ضمن قرى مركز البدرسين بمحافظة الجيزة، عدد سكانها نحو 15 الف نسمة منهم ما يقرب من 100 أسرة مسيحية.  الحالة الاقتصادية متوسطة ويوجد عائلات لديهم معارض سيارات ومجوهرات. القرية مستواها الثقافى معتدل بها  حاصلين على شهادات عليا منهم مهندسين وأطباء وبعضهم  تعليمهم متوسط وغير متعلمين. القرية تعانى من مشاكل المياة والصرف الصحى وانقطاع الكهرباء مثل اغلب القرى المصرية.

مشاهدات
فى  مدخل القرية، شاهدنت محلين منهوبين الاول محل كاوتش سيارات و الآخر مخزن مياه غازية وبيرا.  وفى اول بداية دخولى القرية شاهدت  6 محلات مسروقة  ملك لرجل مسيحى اسمه "ظريف" (بها 3 محلات فارغة  و 3 محلات بها بضاعة  بطاريات واكسسوارت سيارات) وبجوارها محلات لمسلمين غير مسروقة. وشاهدت محل "مجوهرات" يملكه مسيحى لم يسرق بسبب ان المحل فى منزل جيران مسلمين  من كبار البلد قاموا بحمايتة وكتب عليه : المحل مغلق وملك الحاج فلان" وقال لهم اللى هيقرب من المحل هضربه بالنار"، ، كما شاهدت محل حدايد وبويات ملك شخص مسيحى يدعى "اشرف" بابه محكم الغلق ولا تبدو عليه اى اثار سرقة. كما شاهدت محل ذهب تم تكسير التكييف الموجود أعلى المحل

بداية الأحداث
هناك روايتين لبداية الاحداث اولها تشاجر وقع  يوم الاربعاء 25 يوليو بين مسيحى يدعى " "سامح نسيم" و زوجة "أحمد رمضان"، على خلفية رفض الاول لكوى قميص يخص الثانى لخلافات سابقة بينهما. والثانى: حرق المكوجى المسيحى لقميص المسلم بالخطأ. وحاول كبار القرية الجمع بينهما فى جلسة صلح عرفية فى اليوم التالى ولم يحضر الطرف الأول. وبعدها قام أنصار "رمضان" واخوته بمحاولة الاعتداء على منزل "المكوجى" ، فقام المكوجى واخوته بالصعود الى اعلى المنزل والدفاع عن نفسه والقى زجاجة مولوتوف سقطت على الشاب "معاذ محمد" الذى لم يكن طرفا فى الأحداث وكان فى اجازة من عمله فى السعودية لقضاء شهر رمضان مع أسرته، مما ادى لتصاعد الموقف وتم نقلة الى مستشفى الحوامدية ولم يجد اسعافا جيدا فنقل الى المستشفى العسكرى بكوبرى القبة ولفظ انفاسة فجر الثلاثاء. وكان القس "تكلا" عرض التكفل بمصاريف علاج الشاب لكن والده رفض. وعندما علم مسيحو القرية بخبر وفاة الشاب. سرت أنباء عن ان المسلمين قادمون لقتل الأقباط، فقرر بعضهم الخروج من القرية خوفا على حياتهم، والبعض الأخر قال فى شهادته أن الامن طلب منهم الخروج مؤقتا لعدم المقدره على تأمينهم والبعض الأخر قال ان القمص "تكلا"، كاهن كنيسة مارجرجرس بالقرية، طلب منهم الخروج حرصا على حياتهم. فخرج جميع المسيحيين من القرية –ماعدا السيدة المسنة "سميحة" التى لم يستطعو الوصول اليها بسبب عدم وجود هاتف معها ووجودها فىى فرن الخبز- نحو الساعة الثالثة عصر وقبل ساعات من جنازة الشاب المسلم.

وبعد صلاة الجنازة على الشاب الضحية فى الساعة العاشرة مساءًا بمسجد القرية فى حضور الاف المواطنين من القرية والقرى الأخرى، وأثناء العودة من المدافن قام المئات من الغاضبين بسرقة ونهب عدد من المحلات فى بداية مدخل القرية بواسطة عربات نصف نقل وتكاتك. وقال شهود العيان ان بعضهم من القرية واخرون من خارج القرية من البلطجية وعدد قليل من الملتحين يرتدون ملابس بيضاء. وحاول البعض التوجة لحرق الكنيسة الا ان العديد من المواطنين المسلمين تصدو لهم ومنعوهم من الاقتراب من الكنيسة وقامت الشرطة ايضا بمنعهم باطلاق الغاز المسيل للدموع وتفرقتهم.

واكد شهود العيان على اختفاء  الامن بعد الجنازة من امام منازل ومحلات الأقباط، مثلما اختفوا فى يوم جمعة الغضب، ولم يكن هنك مقدرة للأمن على السيطرة على هذا العدد الكبير

وابدى شهود العيان على أن ما ضايق أسرة الشاب الضحية هو عدم اهتمام الجهات الرسمية بالمشكلة  الا بعد وفاة "معاذ"، واهتمامهم فقط بالمحلات التى سرقت وليست وفاة "الشباب. ولم يمانع أهالى القرية من عودة الاسرالمسيحية مع عدم عودة اسرة المكوجى ومحاكمة سريعة للجناة وطلبت اسرة الشاب عدم عودة القس "تكلا" للقرية بدعوه اثارته للمشاكل منذ تنصيبه قسا بكنيسة القرية.

وفى نهاية الزيارة توجهت الى الكنيسة، وهى على شكل مبنى مكون من طابقين عبارة عن منزل لا تبدو عليه اثار اى تلفيات، سوا اثار قذف طوب وحجارة عليه. وباب الكنيسة مغلق "بقفل" وجنزير. ويوجد عدد كبير من رجال الشرطة جالسين امام الكنيسة. ومنزل بجوار الكنيسة تسكن فيه السيدة المسيحية الوحيدة بالقرية-السيدة المسنة سميحية-70 عام، تم تكسير باب المنزل. كما ان بيوت المسيحيين تقف امامها سيارات الامن المركزى بكثافة.


شهادات من امام قصر الرئاسة
بعد الانتهاء من زيارة قرية دهشور، ولعدم وجود الطرف المسيحى ، واستكمالا للشهادات وحتى تكون الصورة كاملة واقرب الى الموضوعية اتصلت باحد الأطراف المسيحية هاتفيا واخبرنى ان المسيحيين سينضمون لوقفة احتجاجية امام قصر الرئاسة بروكسى مساء نفس اليوم-الاحد مساءًا- فتوجهت الى مقر الاحتجاج أمام القصر والتقيت اثنين من الأسر المهجرة وكان أبرز ما قالوه ان احداث الفتنة دخيلة على القرية التى لم تشهد اى حادث طائفى من قبل،  وان المشكلة فردية بين اثتين من الجيران تصادف ان احدهم مسيحى والآخر مسلم، مستنكرين تحول العقاب للجانى الى عقاب جماعى لأهل القرية الذين لم يكونوا طرفا فى المشكلة.
كما اشار ابناء القرية من المسيحين إلى انه تم القبض على المكوجى واخو ووالده واصيب ابن عمه بقطع فى الشريان واجريت له عملية جراحية بمستشفى القصر العينى ومقبوض عليه الآن.
ونفو ان يكون القمص "تكلا" مصدرا للمشاكل بالقرية، بل أشادوا بعلاقتة الجيده ومساعدتة لابناء القرية من المسيحيين والمسلمين فى حل مشاكلهم.

ملاحظات وتوصيات
• معظم ارقام عدد الاسر المسيحية بالقرية متناقضة طبقا لروايات الشهود فبين تهوين من 15 اسرة وتهويل 120 أسرة!!.
• لم تشهد قرية "دهشور" اى خلافات طائفية من قبل. وهو ما يستدعى النظر والبحث فى كيفية تحول معظم المشاكل الطائفية نتيجة حادث جنائي بسيط سرعان ما يتحول الي حادث طائفي.
• معظم أهالى القرية لا يمانعون فى عودة الاسر المسيحية المهجرة وعلاقات الجيرة جيدة، واسرة الشاب المتوفى تطالب بعدم عودة اسرة المكوجى والقس "تكلا" وهو طلب غير مشروع. فالجميع اتفقوا على وجود القمص "تكلا" خارج القرية وقت الاحداث فى "بليطيم".
• الامن كان موقفه سلبيا، كان هدفه حماية الكنيسة فقط وترك بيوت المسيحيين ومحلاتهم بدون اى حراسة.
• ترك الاسر المسيحية للقرية قبل الجنازة، كان قرارا حكيما –فى ظل سلبية الامن-فكانت الامور من الممكن أن تتحول الى ازهاق ارواح بريئة وتتفاقم المشكلة أكبر.
• طبقا لروايات الشهود، الذين شاركوا فى السرقة والنهب مواطنين من داخل وخارج القرية.
• يجب تطبيق مبدأ سيادة القانون علي الجميع بدون تفرقة وعدم الافلات من العقاب والعدالة الناجزة في محاسبة الجناة. اهم خطوات حل المشاكل الطائفية.
• ظاهرة العقاب الجماعى لافراد ليسوا اطراف فى المشكلة يحتاج الى توعية مكثفة فى الخطاب الدينى والاعلامى.
• وجود مصالح مشتركة بين المواطنين المسلمين والمسيحيين قد تقلل من الاحتقان الطائفى.
• الخطاب الدينى والاعلامى مازال سببًا فى تأجيج النزاعات الطائفية.