بقلم- عماد توماس
منذ بدء إعلان نتائج انتخابات المرحلة الأولى للرئاسة، وتقدم الفريق "أحمد شفيق" في بعض اللجان، شعر كثيرون بصدمة غير متوقعة، وشعروا أن مرشحهم الإسلامي قد يخرج من السباق خاليًا، فبدأوا يبحثون عن كبش فداء يحملونه أخطائهم وخطاياهم، ولم يجدوا إلا في الأقباط ذاك "الكبش"، ليضعونه على مذبح أكاذيبهم الحصرية.

فيقول لك أحد المدعوين ظلمًا أنه محلل سياسي، أن هناك تصويتًا دينيًا للأقباط للفريق "شفيق"، وكأن "أحمد شفيق" اسمه "جرجس شفيق" أو أعلن تنصيره مؤخرًا ونحن لم نعلم بذلك!! كما أن الذي أعرفه أن كل المرشحين من المصريين المسلمين، ولا يوجد مرشح مسيحي واحد!!.

*****
وإذا نظرنا نظرة سريعة على النتائج التقريبية التي أُعلنت حتى الآن، نجد محافظة "المنوفية" التي بها أقلية مسيحية حصل "شفيق" فيها على نحو 600 ألف صوت، وكذلك اكتسح في محافظة الشرقية والدقهلية ذات الكثافة العالية لجماعة الإخوان المسلمين، ونال "صباحي" أصواتًا كثيرة في "إمبابة" و"شبرا" و"حدائق القبة" التي بها كثافة مسيحية.

وإذا كان البعض يروج بأن نسبة المسيحيين 6%، فهل هذه النسبة قادرة على ترجيح كفة على أخرى؟ ولماذا لم يظهر هذا التأثير للمسيحيين في الاستفتاء على الإعلان الدستوري أو انتخابات مجلس الشعب؟

أما من يدَّعي بهتانًا أن الأقباط خانوا الثورة بتأييدهم لـ"شفيق"، نقول له: أنت وإخوانك المتأسلمين من باعوا الوطن من أجل مصلحة جماعتهم، وأنتم من خنتم دماء شهداء محمد محمود، ومجلس الشعب، من أجل الحفاظ على كراسيكم في مجلسكم غير الموقر، وأنتم من صمتم صمت القبور في مذبحة ماسبيرو؟ وأنتم من أردتم الاستحواذ على الجمعية التأسيسية للدستور؟ وأنتم من خدعتم الفقراء والجهلاء بأكياس السكر والأرز وزجاجات الزيت وأشولة البطاطس؟ هل كنتم تتوقعون أيها المتأسلمين أن يصوت الأقباط لأحد مرشحيكم الإسلاميين؟  ألم يقل لنا الشيخ "أبو إسماعيل" أن حملته بها الآلاف من الأقباط، أين ذهبت إذن أصواتهم؟

*****

لا أميل إلى تصديق الأكذوبة التي يروجها البعض أن المسيحيين كانوا سببًا في تقدم "شفيق"، وأميل أكثر إلى أن وراءها أتباع مرشح إسلامي كان يعلن في كافة لقاءاته التلفزيونية أنه سيفوز من الجولة الأولى، وبمجرد معرفته بهزيمته الساحقة روج على صفحته الرسمية دعوى لأنصاره بتأييد مرشح الإخوان. ألم نقل من قبل أنه إخوان لا غش فيه، ولم تصدقوا؟!!

كما أن أتباع جماعة الإخوان يروجون الكذبة من أجل حصد أصوات من أنصار "أبو الفتوح" و"صباحي"، وهناك من أنصار "صباحي" من صدق الكذبة رغم أن المسيحيين كانوا سببًا في ارتفاع أسهمه، كما أننا لم نسمع أحدًا يوجه عتابًا للسلفيين أو الإخوان لتصويتهم لمرسي أو أبو الفتوح.

أما ما يندى الجبين، فهم المتاجرون بالآم الشهداء؛ فتسمع أحدهم عائشًا في دور الثوري يقول لك: دم شهداء ماسبيرو في رقبة الأقباط.. وهو أول من قال إن الأقباط اعتدوا على الجيش في ماسبيرو، وحمل الأقباط المسؤولية. الآن يتذكر دماء شهداء ماسبيرو، رغم أنه لم ينطق ولم يقل عليهم كلمة "شهداء" من قبل.. ألا تختشى على دمائك الباردة، وقلبك الحجري؟!!

*****
لا يمكن اعتبار الأقباط كتلة تصويتية متجانسة، فأصوات الأقباط توزعت على "أحمد شفيق" و"عمرو موسى" و"حمدين صباحي" و"خالد علي". كبار السن من الأقباط مالوا إلى الاستقرار الآمن واتجهوا إلى "شفيق" و"موسى" مثلهم مثل المسلمين، بينما الشباب القبطي اتجه إلى "صباحي" و"خالد علي".

في المنطقة التي أسكن فيها، كل الذين رفعوا لافتات دعم وتأييد لـ"شفيق" من المسلمين، وفي طابور الناخبين من كان أمامي وخلفي مسلمان يؤيدان "شفيق" بداعي الاستقرار والأمن. وكنت وحدي مؤيدًا لـ"خالد علي"، لكني كنت فخورًا لتعاطف كثيرين مع "خالد"، وقالوا لي: إن فرصته قادمة في المرة القادمة.
*****

آخر الكلام
نعم، إذا كان الإنسان ابن بيئته، فالشعب يشبه حاكمه، فلا تلومن شعب نسبة الأمية به أكثر من 40%، ويعاني من الفقر والمرض والجهل، أن يتم حشده كالقطيع لمرشح يزعمون أنه مدعوم من الله.. بئس هذا الشعب، وبئس هذا المرشح.. ولينعم المدعوون ثوارًا بغبائهم الحصري!!.