بقلم : عماد توماس
ذهبت أمس السبت، مع أحد اصدقائى لماسبيرو فى حدود الساعة السادسة مساءً، تجنبنا الدخول من مدخل "هيلتون رمسيس" حتى لا نتعرض للرشق من بلطجية بولاق أبو العلا، ودخلنا من ناحية الكورنيش، الملاحظة الاولى كانت فى عدم تواجد أى شرطى او قوات مسلحة بعكس الأيام السابقة، فقلت لصديقى اليوم السبت العدد قليل نسبيا –نحو ثلاثة آلاف معتصم-، بعد الحضور المكثف للأقباط ومعهم بعض الشرفاء من المسلمين أمس الجمعة، وستكون الفرصة لائحة لفض الاعتصام بالقوة بعد الثانية عشر مساءً، وهو ما حدث وإن كان أسرع مما توقعت.
الملاحظة الثانية، هو فتح حارة مرورية للسيارات لتمر من أمام المعتصمين وهو ما عبر عنه القمص متياس نصر بأنه استجابة لطلب عصام شرف، وهو خطأ تم تداركة الساعة السابعة مساءً بغلق الطريق، بسبب السيارات المسرعة والتى قد تصطدم بالمعتصمين او تسمح للبلطجية راكبين موتوسيكلات أو سيارات فى شن هجوم غادر على المعتصمين.


الهتافات تعلو فى ماسبيرو ، أحدهم يلقى قصيدة شعرية، وآخر يحمس الجماهير المحتشدة، وآخر يذكر المعتصمين بالمطالب المشروعة وعدم فض الاعتصام، الآباء الكهنة أخذوا جانبًا فى حوارات جانبية مع الشباب المعتصم، لجنة اتحاد شباب ماسبيرو، تعيد صياغة البيان الصحفى بمطالبهم لتوزيعه على وسائل الاعلام.


الساعة تقترب من الثامنة مساءً، استمعنا الى أصوات ضرب الرصاص من ناحية مدخل الكورنيش "عبد المنعم رياض" هرع الكثيرون إلى مصدر إطلاق النيرات وأسرعت معهم، مجموعات تحمل اشخاصًا مصابين اصابات لا تبدو كبيرة، أحدهم وقعت أسنانة، وآخر أصيب بشظية فى يدية، وآخر تعرض للإغماء، يحملون المصابين الى خيمة المستشفى الميدانى وسط استعدادت اسعافية لا تبدو كافية.

مجموعة من المعتصمين تمسك فردا وتحاول الاعتداء عليه، ويتتدخل بعض العقلاء لتخليصه منهم، وعلمنا أنه واحد من المعتدين على الأقباط، يتم حمله إلى خيمة الاسعاف لعلاجة
نصف ساعة من الهرج والمرج والفزع تمر، ولا يوجد أى شرطى واحد أو رجل جيش يتتدخل أو سيارة اسعاف واحدة، ذهبت الى رجال الجيش المتمركزين على بوابة مبنى "الاذاعة والتلفزيون" ماسبيرو، تحدثت معهم، لا يوجد لديهم أوامر بالنزول والتعامل مع البلطجية، وسط حالة من اللامبالاة الغير مبررة.


بعد نصف ساعة تظهر عناصر من قيادات الشرطة وتتجة الى خيمة الاسعاف للتعرف على عدد المصابين وحجم اصاباتهم
وصلت سيارة اسعاف، ويرفض احد المصابين الصعود فيها، خوفا من القبض عليه بعد وصوله للمستشفى.
وصل عدد المصابين الذين شاهدتهم حوالى 10 مصابين ، المعتصمين بداو فى جمع الحجارة والطوب للدفاع عن انفسهم، وتوزيع انفسهم على مداخل "ماسبيرو"


الهتفات تعلو من السيدات والفتيات اللاتى تمركزن امام منصة الاذاعة، اصوات ترانيم وصلوات تعلو من الاذاعة الداخلية ، صوت المرنم ماهر فايز يجلجل فى الاذاعة "أنا ساكن فى حصون الصخر..وليا جناح النسر...انا مصنوع من صخر يسوع الغير قابل للكسر" ، هتافات تعلو : "استشهاد..استشهاد".."الشعب يريد اسقاط المشير"... "نارنار نار...قلب القبطى مولع نار" ..."الاعلام الفاسد أهو"...عدد من أقباط المهجر يحضرون نحو الساعة التاسعة بعدما سمعو بأنباء اطلاق النيران على المعتصمين، يصعد الدكتور أمير رمزى للمنصة ويحاول معرفة أراء المعتصمين نحو فض الاعتصام من عدمه، واحد من المعتصمين يصفه بانه رجل "النظام" ويحاول إرضاء "عصام شرف"، أحدهم يمسك الميكروفون ويطالب بفض الاعتصام وسط صراخ الرفض ومطالبته بالنزول. احدهم يرفع لافتة تقول "جعان للشهادة..يالا يا قناصة قبطى نفسه فى رصاصه"
القس "فيلوباتير" يصعد للمنصة ويعلن أنه لا فض للاعتصام، وأن السلفيين أخطر من إسرائيل على مصر، ويبدأ فى صلاة خاصة للاستشهاد يرددها حوله المعتصمين.


أخيرًا، بعد ساعتين من إطلاق النيران، تتحرك سيارتين امن مركزى قابعين امام مدخل "التلفزيون" نحو مدخل "عبد المنعم رياض" ناحية الكورنيش، ويقوم عدد من رجال الأمن المركزى بعمل ساتر لمنع دخول المعتدين.
أحد شهود العيان كان قادما قبل الاعتداء بدقائق، التقيت به وسجلت شهادتة بالفيديو وقال لى انه شاهد اثنين من الملتحين ومعهم عدد من البلطجية، خارج الاعتصام يحاولون الدخول تحدث معهم فقالو له : " واحد شيخ حاول الدخول أمس وتم ضربه واحنا هناخد "بتاره"، فقال لهم "أكيد عمل حاجة غلط وفى ناس محجبات وشيوخ جوه..." وانتهى الحديث وحدث ما حدث ، من الاعتداء الاول وهو كان أخف وطأة.


الهدوء الحذر يعود لماسبيرو، نغادر الاعتصام مع مجموعة من الصحفيين ، وعندما وصلت الى المنزل سمعنا وشاهدنا الاعتداء الثانى، فى حدود الساعة الثانية عشر مساءً