بقلم: عماد توماس

هل أتاك حديث الكذب؟ الذى يخرج علينا صباح ومساء كل يوم عبر بعض الصحف والفضائيات والمواقع الالكترونية التى تلعب علي كل الحبال بحجة الموضوعية؟ فبعض من وسائل الإعلام تخترح كذبة وتصدقها وتروج لها وتتعامل معها كأنها حقيقة مطلقة.

يُخبرنا علماء النفس، أن الانسان الكاذب يحتاج إلى قدرات ذهنية وذاكرة قوية وخيال واسع، وقدرات نفسية وانفعالية، والتحكم فى مشاعره وتعبيرات وجهه بحيث تتناسب مع نوعيه كذبته
والإنسان الضعيف هو الاكثر ميلا للكذب، لأنه يدارى عوراته بالكذب، بعكس القوى الذى تكون دوافعه أقل للكذب.

وفى عالمنا العربى، إعتاد البعض على الكذب، فتجد أحدهم يتحدث فى التليفون ويقسم بالله العظيم ثلاثة على أنه متواجد حاليًا فى "بورسعيد" -مثلا -مع أنه يجلس بجوارك فى ميكروباص "رمسيس" ولا يستحى من كذبه أمام راكبى الميكروباص!!
وتختلف قيمة "الكذب" فى العالم الغربى المتحضر، الذى يعتبر الكذب جريمة كبرى وخيانة عظمى، بينما فى عالمنا العربى الكذب مبرر وأحيانا يكون من "الايمان" مثل "النظافة".

والمتابع للاعلام المصرى خلال الأيام الماضية، يكتشف جُملة من الأكاذيب التى لم تعد حصرية بل انتقلت من الصحافة للفضائيات مرورا بالمواقع الالكترونية، دعنى اذكر لك بعض الأمثلة العابرة:

اولا : أحاديث صحفية وحوارات فضائية وأخبار كاذبة تزعم أن السلفيين برئين براءة الذئب من دم ابن يعقوب من الأحداث الطائفية وأخرها كنيستى امبابة؟ فهل قرأت حوار لأحد وسطاء الشر بدرجة دكتوراة بصحيفة يومية واسعة الانتشار، أو سمعته فى مداخلة هاتفية على قناة فضائية شهيرة ، وهو يتهم البلطجية بأنهم وراء أحداث امبابة، وأنهم كانوا مسلحون بالسنج والمطاوى ونهبوا الكنيسة ثم أحرقوها وهو يقول انه كان شاهد عيان على ذلك ولم يقل لنا هذا الدكتور ماذا كان يفعل هناك فى هذا التوقيت؟ ولماذا لم يمنع هؤلاء الآثمين من فعلتهم الدنيئة؟
وهل استمعت لأحد شيوخ الفتنة، وهو يبرئ إخوانه السلفيين من جرائم النهب والحرق والقتل؟ هل لم ير شيخنا هذا، الفيديو المحرض والذى دعى فيه صاحب الفيديو "متبقوش رجالة يا مسلمين اذا مرحتوش حرقتوا كنايس امبابة دلوقتى" وهل شاهدت الفيديو الذى يظهر فيه بعض من الرجال بينهم رجلا ذو لحية ويرتدى جلبابا أبيضا وهو يدمر ويكسر فى الكنيسة ؟
وهل البلطجية عندما يحرقون وينهبون، يهتفون "الله اكبر" أو يهتفون "اسلامية..اسلامية" !!
تُـرى ما حاجتنا لشهود إذن ولدينا من الفيديوهات الواضحة المعالم على ضلوع بعض من السلفيين فى الأحداث الطائفية!!

ثانيا: هل أتاك حديث الصحافة والنشرات الإخبارية وبرامج التوك شو عن كذبة اقتحام الأقباط مبنى "ماسبيرو" ورشق وتكسير زجاج المبنى بالطوب؟ ولم نرى فيديو واحدًا أو صورة تثبت هذه الكذبة؟
ورغم أن مسيرة الأقباط ومعهم مجموعة من المسلمين الشرفاء كانت مسيرة سلمية من دار القضاء حتى مبنى ماسبيروا إلا أن عددا من المجرمين رشقوا المسيرة -بدون أى مبرر -بالحجارة والطوب من أعلى المبانى بالقرب من ميدان "عبد المنهم رياض" ، ولدينا من الصور والفيديوهات ما يثبت ذلك، وسط صمت وسكون من رجال الشرطة والقوات المسلحة.

ثالثا: هل شاهدت أحدهم وهو يتحدث بأفخم الكلمات ويَخرج عليك منفعلا ومتحمسًا ويطالب بمحاكمة "الطرفين" و"الجانبين" وهو قول حق يُراد به باطل، فهل يخبرنا المتحدث الكريم بجامع واحد أحرقه مسيحيين؟ أو اعتدى نفرا من الأقباط على مسجد ؟ وهل حرض الأقباط على حرق أو هدم مسجد؟ وهل يستوى الذين يحرقون مع الذين لا يحرقون؟ ويطالب البعض أن يتم حماية الكنائس والمساجد ونقول له الكنائس نحميها من المتطرفين ، لكن نحمى المساجد من مَن؟
بالطبع، أعمال القانون وتطبيقة على كل المتورطين فى الاحداث الطائفية واجب لابد من ترسيخة وليس، مجرد كلامًا فى الهواء.

رابعًا: هل سمعت أحدهم مدعيًا الاستنارة وهو يقول بأعلى صوته، أن المسيحيين "لهم ما لنا وعليهم ما علينا"، ونحن نسأل هذا المدعو مستنيرًا : للمسلم أن يتزوج مسيحية؟ فهل توافق أيها المتحدث الذى تتدعى الاستنارة أن يتزوج مسيحى من مسلمه؟ وإذا كنت تطالب بحق كامليا وأختها عبير فى إعتناق ما تشاء من دين، فما هو موقفك إذا أردات "زينب" واختها"شيماء" أن تعتنق المسيحية؟ هل أراك تخرج متظاهرا من أجل حريتها أم من أجل قتلها واستتابتها؟ أسمعك تعض على شفايفك غضبا وامتعاضًا ولا تنبس ببنت شفة!!

خامسًا: هل شاهدت أحدهم وهو يروج أن المسيحيين يخزنون الأسلحة داخل الكنائس" أقول لك ايها الغبى لماذا لم تخرج هذه الأسلحة فى أحداث الهجوم على كنائس نجع حمادى والقديسين بالاسكندرية وصول باطفيح وكنيستى امبابة؟ آلا مازلت تردد مثل اخوانك المخدوعين أكاذيب حصرية لا يقبلها إلا عقلك البطئ الفهم؟ هل نطلق عليك "الأسود" القابعة فى الأديرة والتى لم تأكل منذ ثلاث سنوات حتى تصدق انك تكذب حتى الثمالة؟

سادسًا: هل شاهدتم التغطية الاعلامية لحادث كنيستى "امبابة" فى التلفزيون المصرى وبعض الفضائيات، التى لم تكلف جهدها فى ارسال كاميرة لنقل حادث حرق الكنيسة إلا بعد أن إحترقت بالكامل ، وهل لاحظتم القناة الفضائية المسيحية التى "تهول" من الأحداث وتتاجر بآلام الاقباط، طمعًا فى تبرعات مالية، او شهوة اعلامية، وهى بعيده كل البعد عن المهنية الاعلامية!!

سابعًا: هل شاهدت ذاك المحلل السياسى الالمعى الذى قال إن من حرق واعتدى على كنيستى امبابة "ليسو مسلمين" ...هل تخدع نفسك أيها الالمعى أم تنافق اخوانك وتبرئهم من الدماء التى سالت وبيت الله الذى هُدم وحُرق؟ ام تقصد انهم "مسيحيين" مثلما اتهم ذاك الكاتب الكاذب أقباط المهجر بأنهم وراء حرق كنيسة "القديسين" ؟

ثامنًا: يقف أحدهم متنحنحًا بكلام معسول، ويتعجب من تعطيل الأقباط لحركة المرور أمام ماسبيروا رغم أنه لا يمر من هناك، وهو أيضا قول حق يُراد به باطل، نقول له ايها المنافق لماذا لم نسمع لك حسًا عندما قطع اخوانك فى قنا السكك الحديدية لمدة 9 أيام، وأين كنت عندما حاصر اخوانك السلفيين الكاتدرائية المرقصية لمدة 7 ساعات !!

خاتمًا: ما أجمل الحكيم الذى قال "قد تستطيع أن تخدع بعض الناس بعض الوقت لكنك لن تستطيع أن تخدع كل الناس كل الوقت" فالكذب عمره قصير حتى وإن ارتفع صوته، وذكائه محدود حتى وإن تعامل مع أغبياء، وحتى لو كان الكذب داء أعيى الأطباء ولم يجدوا له علاجًا، فله علاج عند الله الذى يقبل الكذبه والمنافقون إن رجعوا إليه.