نادر شكري
فى ظل ما نشاهدها على مدار الفترة الماضية من إعلان للحكومات الغربية الاعتراف بالمثلية الجنسية ، كان للكنيسة لقبطية الأرثوذكسية برئاسة قداس البابا تواضروس الثانى موقفًا ثابتًا يؤكد على حفاظ الكنيسة على الثوابت السمائية لخلق الإنسان ، حيث أعلنت الكنيسة فى بيانًا لها فى ختام جلسة المجمع المقدس التى عقدت بمركز لوجوس بدير الانبا بيشوى اليوم الخميس 7 مارس ، رفضها القاطع للمثلية الجنسية .
وقال البيان "خلق الله الإنسان متميزا فريدًا، إذ يقول الكتاب المقدس عن خلقة الإنسان "وقال الله نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا" ( تك ١: ٢٦)، أي أن الله أراد من البدء أن يكون الإنسان على صورته في القداسة والبر والحرية "فَخَلَقَ اللَّهُ الْإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِهِ. عَلَى صُورَةِ الله خَلَقَهُ. ذكرًا وَانْثَى خَلَقَهُمْ. وَبَارَكَهُمُ اللهُ وَقَالَ لَهُمْ أَثمِرُوا وَاكْثُرُوا وَاملأوا الأرضَ" (تك ١: ٢٧، ٢٨).
هذا هو إيمان الكنيسة أن الله خلق الإنسان في القداسة ذكرًا وأنثى وربطهما برباط الزواج المقدس لأنه إله قدوس، "لِذلِكَ يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَأَتِهِ وَيَكُونَانِ جَسَدًا وَاحِدًا." (تك ٢: ٢٤).واستمرت دعوة الله للإنسان أن يحيا في القداسة (١تس ٤: ٣ - ٥) و(عب ١٢: ١٤) و(١تس ٤: ٧).
أعطى الله الإنسان حرية الإرادة بهدف أن يحيا وفق مشيئته المقدسة، وأن يحيا حسب التصميم الإلهي الذي وضعه الله للزواج: ذكرًا يرتبط بأنثى.
إن من يعاني من ميول مثلية ويضبط نفسه عن السلوكيات الجنسية يُحسب له جهاده، وتتبقى له حروب الفكر والنظر والانجذابات شأنه شأن الغيريين، أما من يسقط بالفعل في سلوكيات جنسية مثلية، فشأنه شأن الغيري الذي يسقط في خطية الزنا، يحتاج إلى توبة حقيقية. وكلاهما يحتاج إلى المتابعة الروحية والنفسية، التي أثبتت فاعليتها مع الميول المثلية غير المرغوبة، أما من اختار أن يتصالح مع ميوله المثلية تاركًا نفسه للممارسات الجنسية المثلية، رافضًا العلاج الروحي والنفسي، واختار بإرادته الحرة كسر وصية الله، يصبح حاله أردأ ممن يحيا في الزنا، لذا يجب أن يُنذَر ويُمنَع من الشركة لحين تقديم توبة.
وحيث أن الكنيسة تؤمن بأن الكتاب المقدس بعهديه هو كلمة الحق الصالحة في كل العصور، وهو يدين ويحذر وينهى عن الممارسات الجنسية بين اثنين من نفس الجنس، فمثلًا يقول القديس بولس: "لأَنَّ إِنَاثَهُمُ اسْتَبْدَلْنَ الاسْتِعْمَالَ الطَّبِيعِيَّ بِالَّذِي عَلَى خِلاَفِ الطَّبِيعَةِ، وَكَذلِكَ الذُّكُورُ أَيْضًا تَارِكِينَ اسْتِعْمَالَ الأُنْثَى الطَّبِيعِيَّ، اشْتَعَلُوا بِشَهْوَتِهِمْ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ، فَاعِلِينَ الْفَحْشَاءَ ذُكُورًا بِذُكُورٍ، وَنَائِلِينَ فِي أَنْفُسِهِمْ جَزَاءَ ضَلاَلِهِمِ الْمُحِقَّ. وَكَمَا لَمْ يَسْتَحْسِنُوا أَنْ يُبْقُوا اللهَ فِي مَعْرِفَتِهِمْ، أَسْلَمَهُمُ اللهُ إِلَى ذِهْنٍ مَرْفُوضٍ لِيَفْعَلُوا مَا لاَ يَلِيقُ" (رو ١: ٢٦ -٢٨)، وكذلك تتحدث شواهد أخرى مثل: (١كو ٦: ٩ - ١٠)، (لا ١٨: ٢٢)، (لا ٢٠: ١٣).
وعلى هذا ترفض الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، ما يسمى بالانحراف الجنسي في مفهومه العام الشامل كل أنواع ممارسة الجنس خارج الإطار المقدس في الزواج. وترفض بشكل قاطع التذرع بفكرة اختلاف الثقافات لتبرير العلاقات المثلية تحت مسميات الحرية المطلقة للإنسان، التي تسبب تدميرًا للإنسانية، فالكنيسة إذ تؤكد على إيمانها الكامل بحقوق الإنسان وحريته، تؤكد أيضًا أن حرية المخلوق ليست مطلقة إلى حد التعدي وكسر شرائع الخالق.
كما تؤكد الكنيسة على تمسكها بدورها الرعوي في مساعدة أبنائها ممن يعانون من الميول المثلية، وكذلك على عدم رفضها لهم أو لتقديم دعمها ومساندتها لهم وصولاً إلى الشفاء النفسي والروحي، واضعة ثقتها في مسيحها القدوس القادر أن يشفي ويغير وينمي بأكثر جدًّا مما نطلب أو نفتكر.
